الفصل الثَّالِث.

87 6 1
                                    

"سدن."

عدتُ بأقصى سرعة لمنزلي، متجاهلة كلُّ شيء. أكاد أمنع عن عينيّ هطول قطراتها.

لمَ عليهم دومًا التدخل في شؤوني؟ آخرهم ذلك القذر (ابن عمي)..كما يقولون، ما دخله هوَ مِن الأساس أقبل أم أرفض.

طوال سنوات تدخله هوَ ووالده لمْ أكن لأقول شيء، احترامًا حتى لمقام عمي الكبير، والذي يفعل كلُّ شيء لفقده.

لكن الأن وكفى، يتدخل حتى في تفكيري لعودتي لذلك الحقير الأخر؟

هذا كثير، أنا قد تحملتُ وصبري بدء في النفاذ، أخشى أحيانًا مِن مجادلتهم في أمر ما حتى لا تنفجر مشاعري نحوهم.

أن يظهر ما أحاول كتمه مُنذُ تركي لذلك الأرعن، وهذا الأمر بالتأكيد لا يعجبهم. فرضوه عليّ وسكت لكن عندما أتركه لا يسكتون أيضًا. أشعر وكأن حدث جلل سيحدث عن قريب.

أثناء مروري بشقة جدتي وجدت الباب مفتوح كعادتها، و..لحظة ما تلك الكارثة التي أراها؟

«أشرف» الحقير يجلس بكلُّ إريحية على الأريكة المقابلة للباب، كأنه يقصدها بالفعل.

دون أن أدري توقفت ساقاي عن الحركة، وأنا أنظر له مصدومة. الأمر ينقصه بالفعل، كأنني كنتُ بحاجة لرؤية وجهه العكر، بابتسامته الصفراء المستفزة تلك.

وجدتي تستضيفه بأحسن شيء، أليست تلك مَن أعلنتْ رفضي له أمامها مُنذُ قليل؟ بالتأكيد تستضيفه وهوَ العزيز على قلبها.

في الحقيقة ليستْ جدتي فقط بنفس الفِكر، بل توجد العائلة كلها، كأنهم يرون متزوج البنات أنه مخلصهم منهن.

تفكير غريب صحيح؟ لكنه موجود، وأكبر إثبات على ذلك طريقة تفكير عائلتي.

ما الذي أفكر بِه الأن عوضًا عن تلك المصيبة الجالسة أمامي!

وها قد لمحتني المصيبة وتلوح ليّ الأن، تبًا له.

رأتني جدتي وهرولت نحوي وأنا أنظر لها متعجبة حتى وجدتها تقول:"«سدن»، ما الذي أنزلكِ بهذا الوقت؟"

الكلمة محسوبة الأن أشد حسبه.

نظرتْ إليها في سكون تام سار بأطرافي وأردفتُ:"كنتُ أشتري أشياء ليّ."

وجدتها تنظر إليّ بغرابة ثُمَّ أخذتْ نفسًا عميقًا حتى أكملتْ:"«أشرف» يجلس بالداخل، ويود رؤيتك."

ابتسمتُ لها ببرود بعد أن مطيتُ شفتي ببراءة:"اعذريني، أنا لمْ أقل لوالدتي أنني سأتاخر."

كذبة بيضاء، والدتي لا تعرف أساسًا أني خرجتُ.

عينيها بدأتا في التجمد وهيَ ترسم بسمة على وجهها، وتهتف مِن تحتْ ضرسها:"ستدخلين وتجلسين معه. ليس مِن الزوق أن يأتي للتكلم معكِ وأنتِ لا تقابليه."

بقايا نابضة.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن