الفصل الثَّالِث وَالعِشرِين

57 8 6
                                    

"سدن."

كأني كنتُ في دوامة لمْ أقدر على الخروج منها ولا التفكير.

عقلي عجز عن التفكير لوقتٍ لا أعرف مدته.

شعرتُ بتشنج ملامح وجهي، وبعض القطرات تعرف جبيني، وجنتي، وعينيّ.

وهتاف لا يهدأ بأذني:"«سدن»، «سدن» هل تسمعيني؟"

تأوهتُ ببطءٍ، وأنا أرمش بجفني بارتعاشٍ ظاهر. لأجد وجه «عيسى» على مقربة مِن وجهي، فانتفضتُ عنه بسرعة:"ماذا حدث؟"

انعقد حاجبيه بتعجبٍ ظاهر:"بل أنتِ ما حدث معكِ؟ فجأة سقطتي على الأرض!"

تراجعتُ للخلف لأجدني اصطدمت ببداية السرير، آخذة مسافة كافية بيننا:"لمْ...لمْ يحدث شيء."

أقترب وهوَ يضع يده على جبهتي:"«سدن» هل ما زلتِ واعية لما صار؟ لقد سقطتِ يا ابنتي."

حاولتُ إزاحة يده عن جبهتي وأنا أرد:"لمْ يحدث شيء يا «عيسى». ممكن لأنني لمْ آكل شيء مِن الصباح. ابتعد قليلًا."

قلتُ في النهاية بحنقٍ غريب مِن شدة توتري، فازداد الضيق ما بين حاجبيه:"ماذا؟ هل فقدتِ عقلك؟ «سدن» قولي ما بكِ دون خوف؟"

ألا يرى الخوف الذي يتساقط مِن عينيّ أم يتغابى عنه؟

رباه! ما هذه الورطة التي سقطتُ بها. لمَ يقترب في كلّ مرةٍ أكثر!

دفعنى لأن أبتعد عنه ببعض المسافة بارتباكٍ وهوَ ما زال يتساءل:"ما بكِ؟"

-"ابتعد..نعم هكذا يكفي."

أغمض عينيّه لدقائق قبل فتحهم بنظرة غامضة قائلًا:"«سدن» أنتِ خائفة مني؟"

رفقها بضحكةٍ غير مصدقة، وهوَ يتطلع إليّ على وجهه الدهشة.

تعالت أنفاسي بشكلٍ غير مسبوق وأنا أجيب مستنكرة:"نعم؟! بالتأكيد لا."

-"إذن لمَ تبتعدي؟"

سأل ملاعبٍ حاجبيه ببعض العبث، فنظرتُ له بنظراتٍ مبهمة غير مستوعبة السؤال.

إنه أصعب مِن إختبار التاريخ في الثانوية العامة. ماذا يجب أن أقول بهذه الورطة؟

ابتعلتُ لعابي بعد تفكير فذ:"«عيسى». ألا تدرك أنني متعبة، لقد أغشي عليّ مِن الإرهاق."

تجعدت تعابيره بتفكيرٍ:"سأتصنع أنني مصدقك، حسنًا؟"

رديتُ في الحال:"حسنًا."

ثُمَّ توسعت عينيّ فيما قلتُ، أكاد أضرب نفسي مِن تفكيري الغبي، وعفويتي الغبية.

ماذا سوف يفهم الأن.

لكنه ضحك هاتفًا:"هيَّا، انهضي وبدلي ثيابك تلك. أترغبين بمعاونة؟"

أرفق جملته بغمزة عابثة، جعلتني أصرخ باسمه:"عيسى!"

-"حسنًا، حسنًا. لن أسبب لكِ إزعاج أكثر."

بقايا نابضة.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن