الفصل الخامس والعشرون

370 6 11
                                    

- جهزتِ يا حبيبتي؟
قالها "مراد" وهو يدلف إلى غرفة نومهما باحثا بعينيه عن محبوبته التي سكنت فؤاده، وملأت حياته بالبهجة، مدللته هي، طفلة قلبه الأولى والتي لم يرزق سواها! ابنته وصديقته وزوجته وكل الأشياء الجميلة التي تضيف لحياته طعما بنكهة السعادة، ومذاق الحياة.

ولكن ما بال الحياة تتسرب من بين يديه ويجد زهرته المتوردة تذبل شيئا فشيئا ، وتسرق من الحياة الظالمة حياة قلبه وروح أيامه!

وجدها لا زالت مستلقية على فراشها ووجهها ذابل، مريضة هي منذ أيام وتعانده ولا تريد الذهاب معه لطبيب لخوفها المرضي من الأطباء دائما ما كانت تقول له
" المرء يدخل المشفى على قدميه يخرج منها على نقالة يا مراد، يخرج مثقلا بأمراض الدنيا، أو ربما لا يخرج منها حيا من الأساس كأبي".

كان أبيها هو حبيبها اﻷول قبل أن يكون حبيبها لكنها فقدته بعدما كان لها كل عائلتها، ليجد نفسه دون أن يدري يحمل مشاعر المسئولية والاهتمام تجاههها، فتسرق ببراءتها قلبه دون تخطيط وتستولي هي على حياته كلها فيصير لها العائلة والسند، ويصبح كل منهما "حياة" لﻵخر.

هو أيضا يخشى أن يذهب بها للمشفى هيئتها زرعت بقلبه غابات من القلق ينعق فوقها غراب أغبر اللون ينبئه، بأن مرضها هذه المرة لن يمر مرور الكرام، هو مقتول بحبه لها، يريد أن يحملها بين ذراعيه ويجري بها إلى الأطباء فيعالجوها، لكنه يرتعد من فكرة أن يدخل إلى المشفى ويخرج بلا حياته.

اقترب منها وجلس إلى جوارها وأمسك بكفها، ثم قربه من شفتيه وطبع قبلة طويلة على ظهره، ثم أمال وجهه ليستند بوجنته على كفيه المطبقين على كفها وقال:
- حبيبتي لا داع للذهاب لعرس "زاهر" اليوم ما دمت لا تزالين مريضة، سأمكث معك، ما رأيك أن أقرأ لك كتابا، أو أعزف لكِ ما رأيك؟!

ابتسمت بوهن، ثم رفعت كفها الحر لتربت به على رأسه الذي اتخذ من كفها اﻵخر وسادة له يتكئ عليها، فتتخلل بأصابعها شعر رأسه الذي كثر شيبته، وكأنه يحمل هموم الدنيا في قلبه وعلى عاتقه وقالت:
- لا يا حبيبي اذهب أنت وبارك له، ولزوجته نيابة عني، هذا صديقك لا تتركه في يوم كهذا.

- رفع رأسه لينظر إليها بحب وهو يقول:
- نعم هو صديقي وأنت حياتي ولا يترك عاقل حياته تتألم ويرحل.

- إلى متى ستدللني هكذا؟ صرت أحسد نفسي عليك.
طاف بنظره على قسمات وجهها الحبيب ككوكب يدور في فلكه، لا يقدر على الابتعاد عن مداره وإلا انهار او احترق، ثم ثبت عينيه بعينها وأجابها:
- ستظلي مدللتي حتى أشيب أو يصيبني خرف الكهولة فلا أعي في الدنيا شيء إلا أنت، أو ينتهي عمري، حينها قد تزورك روحي في أحلامك كي تدللك.

سحبت كفه إلى صدرها وهي تضمه إلى قلبها وتقول بلهفة:
- بعد الشر عنك يا حبيبي .. لا حرمني الله منك.

🎉 لقد انتهيت من قراءة رواية أشواك الحب "للكاتبة/ فايزة ضياء العشري" 🎉
رواية أشواك الحب "للكاتبة/ فايزة ضياء العشري" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن