الفصل السابع عشر

676 35 282
                                    

- "سيف القاسمي" -سجل اسمه على ورقة الفحص وهو يردده بلسانه، وبداخله شيءٌ يشعره أن الاسم مألوف، له لكن لا يدري سببا وراء هذا الإحساس!
رفع رأسه إليه، وسأله:
- بِمَ تشعر؟

ثبّت سيف عينيه على وجه خصمه بهدوء وثقة، رغم شعوره الذي خامره بأن خصمه لا يستهان به، يبدو له رجلا وقورا من النوع الذي قد يروق "فريدته"، كما أن هيئته لا توحي له بأنه ممن قد يغريهم المال، مثل الوغد السابق الذي يدعى "وليد". هذا الرجل ستكون الحرب معه من نوع آخر.

نطق أخيرًا بعد صمت دام دقائق، وكلاهما ينظر للأخر بمشاعر متباينة، بين الكره واللامبالاة، قائلا بهدوء وبطء لا يوحي للسامع أنه مريض.
- قلبي.…

قطّب "موسى" جبينه وتسائل باهتمام :
- ما به؟

أكمل سيف ببرودٍ، وقد أراح ظهره إلى ظهر مقعده:
- يؤلمني قليلا …

صمت "موسى" قليلا متعجبا من طريقة كلام الرجل الجالس أمامه، فالمريض لا ينتظر أن يسأله الطبيب عما به، وحتى وإن انتظر ، فما إن يسأل حتى يفضي بما لديه شارحا كل ألمه بالتفصيل، لا يقطر الكلمات كما يقطرها هذا الرجل الذي لا يبدو له مريضا من الأساس!

ورغم ذلك قام "موسى" من مجلسه، وهو يقول مشيرًا له نحو سرير الفحص قائلا:
- دعني أفحصك.

لم يتحرك "سيف" من مكانه، وإنما نظر "لموسى" ببرود، وبعينين ثاقبتين غامضتين أشار له بالجلوس وهو يقول:

لا تتعب نفسك فأنا لم آت للفحص، وإنما أتيت لاستشارة طبية أردت سماعها … منك.
زادت دهشة "موسى"، وحيرته فمكث مكانه واقفا وسأله:
- أية استشارة؟

نظر "سيف" نحوه ثم وضع ساقا على أخرى، وسأله وهو يضغط على حروفه :
- أليست الأمراض، والأورام الخبيثة قابلة للاستئصال؟!

سكت "موسى"  وهناك شيء بداخله يجعله يشعر أن كلام الرجل الجالس أمامه يحمل معنى أبعد من المعنى الذي يحمله ظاهر سؤاله خاصة، وقد ضغط على حروف كلمة "الخبيثة" وكأنه مثلا يقصده؟!! ولكن لمَ؟!

سأله "موسى" وهو يتجه نحوه مكتبه مجددا ليجلس، وعقله يدور بعدم فهم قائلا:
- ألم تقل أن قلبك يؤلمك؟! ما دخل الأمراض، والأورام الخبيثة بموضوعك؟!

- تأتأ "سيف" ممتعضا، وأجابه:
- لا داع لتساؤلات كثيرة.

بدى على وجه "موسى" الضيق، والضجر من ذلك الرجل المتعجرف الجالس أمامه، وتمنى أن يرحل فورا فقد عكر وجوده مزاجه المتكدر؛ لذا أجابه لعله يرحل من أمامه قائلا:
- نعم يمكن ذلك، ولكن هذا على حسب حجم المرض أو الورم، ونوعه، ومكان نموه، ومرحلته، لذلك يمكن استئصاله، ولكن يجب أن يكون في مراحله الأولى وقبل انتشاره.

ابتسم "سيف" برضا، وكأنه قد حصل على الجواب الذي يريد سماعه؛ لذا قام من مجلسه وهو يقول:
- جميل جدا … لا يزال الأمر بمرحلته الأولى، ويمكن استئصاله بأي وقت.
كنت أحتاج سماع هذا الرأي …منك.
نظر له موسى بعدم فهم وسأله:
- ماذا تقصد؟

رواية أشواك الحب "للكاتبة/ فايزة ضياء العشري" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن