الفصل الثالث والعشرون

126 2 5
                                    

وقفت واضعة سماعة هاتف المشفى على أذنها منتظرة سماع جرس رنين هاتف المقهى الخاص بالعم "عامر" قلبها يرسل دقات شعواء سريعة، قلقة، تعرف أن أمها ستكون قلقة جدا لتأخرها عليها وربما تكون قد هاتفتها مرارا لكنها لم تصل لإجابة بسبب نفاد بطارية هاتفها! لكن لم يكن الأمر بيدها. قطع الجرس صوت أم كلثوم مختلطا بقرع أحجار الدومينو على طاولات المقهى

"وعمري ما اشكي من حبك مهما غرامك لوعني .. لوعني"

ورغم قلقها إلا أنا ابتسمت ما إن سمعت صوت مذياع المقهى بصوت أم كلثوم التي تخبر عن حالها، وأنها فعلا لا تظن أنها ستشكو أبدا من حبها لزاهر مهما اشتدت عليها لوعة الشوق .
-ألو .. عم عامر هل تسمعني؟!

أتاها صوت العم عامر يصرخ بأحد صبيانه قائلا:
- اخفض يا ابني صوت الست .. سلام عليكم .. من معي؟!

-أنا مريم يا عمي .. هل تسمعني جيدا

أجابها بلهفة من وجد ضالته قائلا:
- مريم … أين أنت يا بنيتي؟ أمك ستجن من القلق عليك أين هاتفك هل أنت بخير هل حدث لك مكروه؟
تنهدت "مريم" بضيق وتأنيب الضمير ينهش صدرها، ولكن من أين لها أن تعلم بما كان سيؤول إليه يومها؟! وأجابته:

- بطارية هاتفي نفدت، أنا مع زاهر بالمشفى لقد فقد وعيه قبل أن يوصلني للبيت.

- لا حول ولا وقوة إلا بالله هل صار بخير اﻵن؟

كتمت "مريم" دموعها الخائفة وأجابته:
- لا أدري الطبيب معه بالداخل، أخبر أمي أن فريدة وأمها معي لا تقلقوا علي، ربما سأبيت مع فريدة.

- لا… لا بناتنا لا ينامن خارج بيوتهن، اعطيني عنوان المشفى وسأخبر أمك واَتي إليك فورا.

أعطته العنوان دون مماطلة وجدال، ثم أغلقت الهاتف وعقلها شارد عن دموعها التي تحررت من قيدها وبدأت تجري مسرعة على وجنتيها، قلقها وصل لذروته على من أزهر قلبها بوجوده لا تعرف ماذا أصابه ولم تهاوى هكذا فجأة، كيف سمحت لعقلها أن يلجم عاطفتها تجاهه ولا تطمئن عليه وتتمادى في تمنعها عنه؟! أكان يهاتفها ليخبرها بألمه ومرضه وهي تركته يعاني وحده دونها؟!

صقيع اجتاحها بشدة عاطفتها تجاهه وقلقها عليه، ونشيجها المكتوم بدأ صوته يعلو، فوجدت من يربت على ظهرها، فالتفتت لتجدها فريدة قد أتت تشد من أزرها فاندفعت إلى حضنها تبكي كطفل ضل طريقه وتخلى عنه كل محبيه!

ظلت "فريدة" تربت على ظهرها، وتمسح على رأسها حتى قطعت نهنهاتها صوت ممرضة تسأل:
-من فيكن مريم؟!

التفتت بسرعة واتجهت نحوها قائلة وهي تمسح دموعها:
- نعم أنا مريم.

تفضلي دكتور موسى يطلب منك الدخول لحجرة المريض لقد استعاد وعيه.

انشرح وجهها واتسعت ابتسامة فريدة التي أماءت لها برأسها مشجعة لها على الذهاب والدخول إليه، ولم تكذب "مريم" خبر وأسرعت الخطى متجهة يسبقها إليه قلبها الذي يهفو إلى مالكه.

رواية أشواك الحب "للكاتبة/ فايزة ضياء العشري" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن