رن هاتف " وليد" برقم غريب، تردد لبرهة في الإجابة ظنا منه أن المتصل هي تلك البلهاء التي واعدها بالزواج بعدما أقنعها بقضاء ليلة لطيفة معه ووافقت بكل سهولة بعدما أبدت اعتراضا هشا تكسر فورا تحت تأثير كلماته وهمساته، لكنها المغفلة لا تعرف أنه لن يتزوج أبدا من تلك الفتيات الرخيصات اللاتي يسلمن له مفاتيح حصونهن مع أول كلمة غرام يلهب بها أسماعهن، بل سيتزوج من امرأة ك"فريدة" براءتها بادية على محياها، امرأة ضعيفة لا يرحمها المجتمع لأنها "مطلقة" وبالتأكيد ستفضل ظل رجل تعيش في كنفه عن ظل حائط لا يصد عنها طمع الطامعين بامرأة في جمالها وسنها وظروفها الاجتماعية ، ورغم أنها صدته لكنه لن يستسلم ويثق أنه سيستميلها مع الوقت .كان "وليد" معلما للرياضة البدنية لكن الرياضة لم تهذب من نفسه شيئا فقد كان معجبا بنفسه وببنيته الرياضية وهيئته الساحرة المهذبة التي يبديها لزملائه بالعمل ولطلابه وطالباته المراهقات اللاتي تظهرن له إعجابا وتهافتا، أما هو فقد كان يتقمص دور المربي الرصين رغم ما يعتمل بصدره من شهوات يظهرها ما إن ينتهي من عمله المسائي أيضا في إحدى صالات الرياضة البدنية، بعد انتهاء عمله يخلع رداء الطهر الذي يرتديه ليحافظ على وظيفتيه ليظهر وجه الثعلب الذي كان يخفيه، ويبدأ في سهراتِِِ ليلية مع إحدى معجباته من المتدربات عنده من النساء اللاتي لا تقمن وزنا للمبادئ أو للأخلاق !
كان متوقعا أن تكون فتاة الأمس التي قضى معها سهرته هي المتصلة؛ لتسأله عن وعده لها أو تسأله عن ميعاد جديد؛ لذا عزم أمره على ألا يجيب على ذاك الاتصال، انقطع الاتصال، وللمرة الخامسة يعاود الرنين بإصرار فلم يجد بدََا من الرد فضغط زر الإجابة وخرج صوته مترددا يستحث المتصل على النطق أولا ولما لم يسمع لمحدثه صوتََا نطق بهدوء ظاهري رغم استيائه الداخلي:- ... ألو...
أتاه صوت أجش غليظ عبر الهاتف قائلا:
- أهلا ... الباشا " سيف القاسمي" يطلب رؤيتك اليوم في تمام الساعة السادسة في مطعم (---)لم يكن الاسم غريبا عليه فقد قرأه من قبل في إحدى الصحف التي كانت تتحدث عن أنه من حيتان البلد وأصحاب الملايين، لكنه تعمد ادعاء الجهل بهوية ذاك الذي يطلب رؤيته وتساءل :
- لمَ ومن أنت كي أقابلك أو أقابل هذا الباشا الذي تتحدث عنه؟
- لا تسأل كثيرا ليس لدي معلومات لأخبرك بها الباشا سينتظرك بالموعد .. وقتها ستفهم كل شيء .
ثم انقطع الاتصال.
أغضبت طريقة المتصل "وليد" فأطلق سُبَّة بذيئة ، ثم زفر بقوة ،
وحدث نفسه قائلا:
-حسنا لابد أن وراء هذا الرجل أمرا ما فرجل في ثرائه وانشغاله لماذا يطلب رؤية رجل مثلي لابد أن لدي ما يعنيه ، لنذهب ونرى
*****
يوم عمل جديد انقضى وصديقتها مصرة على رفضها لطلب الزواج من "وليد"!
كانت تشعر بالحنق على صديقتها وعلى رفضها لدخول حياة جديدة مع رجل آخر غير زوجها السابق.
لا تعلم هل لازالت تحبه؛ لذا فهي ترفض أي شخص يقترب منها؟
أم أنها فاقدة للثقة فيمن حولها؟
أم انها تشعر بالاثنين معا..؟!
دلفت إلى تلك الحارة التي تسكن فيها منذ صغرها مع أمها بعد أن تركهما والدها متزوجا من أخرى بحثا عن إنجاب الذكر!!
ولم يعد يرسل لهما حتى القليل من المال الذي كان يرسله وانقطعت أمواله مع أخباره، فعانت أمها لكي تربيها وتجعلها تكمل دراستها الجامعية من تلك الأموال التي كانت تحصل عليها من إثر عملها كحائكة ثياب لفتيات الحي...
وها هي الآن بعد أن أنهت دراستها وحصلت على وظيفتها كمعلمة موسيقى في إحدى مدارس اللغات قررت أن تقوم هي بأعباء الحياة
بدلا من أمها التي تعبت من هذا العمل الذي تقوم به ....
مر بعقلها ذكرى اجتيازها لاختبار الموسيقى بالمدرسة التي تعمل بها اﻵن عندما عزفت لمختبريها على اَلتها الوترية "الكمان" أغنية (قلبي دليلي) ونالت إعجابهم، ومن ثم حصلت على وظيفة "معلمة للتربية الموسيقية" بدلا من حلمها لتكون معلمة لمادة الكمياء والتي كانت هي دراستها الأساسية ومجال تخصصها في الجامعة! أما الموسيقى فقد حصلت على شهادة إضافية من إحدى المعاهد الموسيقية بعدما درست فيها كيفية العزف على اﻵلات الوترية والتي كانت أحبها لقلبها هي اَلة الكمان.
أنت تقرأ
رواية أشواك الحب "للكاتبة/ فايزة ضياء العشري"
Romance"بداخل صدرها ضيق ... وبداخل عينيها حزن لم يمحه قلم الكحل الذي رسم عينيها ! وقلم أحمر الشفاه الذي صبغ شفتيها بحمرته القانية، لم يستطع رسم ابتسامة حقيقية على شفتيها طالما بسمتها لم تنبع من داخلها، وفرحتها كانت ادعاءََ! كانت موقنة أننا نشرق من الداخ...