آخر شخص كانت تتوقع رؤيته هو "زاهر"، ورغم أنها شعرت بأنّ قلبها غاص بين ضلوعها ولا تعرف لذلك سببا، إلا أنها قد تستطيع أن تبوح لنفسها بأنها مُحلقة كفراشة ملونة في سماء السعادة في هذه اللحظة، قلبها يرجف.
كم هو يومُ رائع، يبدأ بإطراء مديرها عليها في المدرسة وينتهي بلقيا ذلك الوسيم الطويل الرابض أمامها كعمود إنارة كما وصفته مسبقا ..
ابتسمت في سرها ولم تبدِ شيئا من بسمتها ولا سعادتها فقد وأدتها قبل أن تملأ كيانها بتساؤلٍ حط رحاله بعقلها ليفسد عليها سعادتها تلك، لم جاء؟ أجاء بحثا عن "فريدة" مجددًا؟ بالتأكيد هو جاء لأجل ذلك وإلا لم جاء؟ لذا ترجمت تساؤلها على هيئة كلمات أخفت وراءها كل اختلاجات قلبها :
- أستاذ زاهر ؟؟ ماذا تريد؟!ابتسم ابتسامة جانبية جعلته أكثر جاذبية ووسامة بوجهه الحليق، وشعره العالي البني كعينيه، لكنها أخفضت ناظريها بسرعة في حياء جعلها لم تقتنص من رؤية وجهه وبسمته إلا النذر اليسير، ولم تسنح لها الفرصة رؤية ازدياد بسمته أمام حيائها الخلاب الذي أسره، فأجاب سؤالها ولم يطل صمته قائلا بنبرة مرحة مشاكسة :
- ألم تعلمي الصغار في المدرسة أنه من الذوق أن يُلقوا التحية أولا والسؤال عن الحال؟قطّبت جبينها بإحراج وغضب من تلميحه لها بسرعة سؤالها عم يريده دون تحية له أو ترحيب! مَن عساه يظن نفسه كي يحرجها هكذا وكأنّه يشير لها بعدم فهمها في الذوقيات؟! و سرعان ما انقلبت سعادتها الداخلية لرؤيته إلى حنق وغضب منه فردت سؤاله وهي تحاول السيطرة على مشاعرها المتضاربة مخفيةً غضبها قائلة :
- نعم أعلّمهم ذلك ولكن السؤال عن الحال والترحيب لا يكون للغرباء، بل أعلّمهم ألا يتبادلوا أطراف الحديث مع الغرباء لذا؛ وﻷنك لم تفصح عما تريد فأستأذنك بالانصراف .ثم أتبعت قولها بفعل وحاولت أن تبتعد من أمامه؛ لتكمل سيرها لكنه أمسك برسغها بسرعة ليمنعها من الحركة قائلا :
- وأنا لم اَذن لك في الانصراف حتى تنصرفي .حاولت أن تخلص معصمها من بين يده بغضب وهي مقطبة الجبين، مستاءة من كلامه ولما لم تستطع رفعت وجهها إليه وعينيها الواسعتين تشع غضبًا وهي تقول بغيظ:
- اترك يدي فورا يا هذا .. من تظن نفسك حتى تأذن أو لا تأذن؟ دعني أنصرف وإلا صرخت اﻵن فجمعت حولك من يعرّفونك مقامك .كانت كقطة شرسة في عينيه، قطة سرقت قلبه بخفة يد وسرعة لم يكن يحسب لها حسابا، ورغم شراستها التي تتحدث بها إلا أنه كان يرى في عينيها خوفًا تحاول ألا تبديه، وتهديدها الذي تزعم فعله تقول له عينيها أنها أبدا لن تفعل!
وابتسم حينما انتبه أنها لا زالت تطلع إلى عينيه بغضب وقد أنساها غضبها حياءها، فقال لها وهو ينظر لها نظرة ماكرة :
- أخيرا استطعت استفزازك لترفعي بصرك إلي فأتطلع كما أشاء إلى هذا الوجه الرقيق - ثم ترك معصمها.
أنت تقرأ
رواية أشواك الحب "للكاتبة/ فايزة ضياء العشري"
Romance"بداخل صدرها ضيق ... وبداخل عينيها حزن لم يمحه قلم الكحل الذي رسم عينيها ! وقلم أحمر الشفاه الذي صبغ شفتيها بحمرته القانية، لم يستطع رسم ابتسامة حقيقية على شفتيها طالما بسمتها لم تنبع من داخلها، وفرحتها كانت ادعاءََ! كانت موقنة أننا نشرق من الداخ...