استيقظت في نشاط وقلبها يرسل ضرباته في صدرها في قلق من مقابلتها لزاهر.
صحيح تشعر بسعادة، ولا تزال مكالمة الأمس تعزف لحنا شاعريا على أوتار قلبها المقطعة، إلا أنها تحاول جاهدة ألا تستسلم لهذه المشاعر التي تسيطر عليها، بل وستخفيها بمهارة وراء قناع هادئ لا مبالٍ غير مكترث بأي شيء، لا يجب عليها أن تستسلم حتى لا تفقد نفسها في طرقاته الوعرة، التي تعرف جيدا أنها لن تكون طرقاتها.أما عن ذاك الإحساس الذي يعبث بقلبها عند رؤيته، فستتركه يتلاعب بدقات قلبها، فهي لا تملك وسيلة لإيقافه، ولا التحكم به، لذا ستدعه يدغدغ قلبها ببراءة الإحساس، وحلاوة الشعور.
وبطريقة لا إرادية وقفت أمام خزانة ملابسها تفكر فيما سترتديه، لتبدو أنيقة وجميلة في هذه المقابلة، ووقع بصرها على فستانها المخصر ذي اللون السماوي، والفراشات الدقيقة الرقيقة المنتشرة على صدره، وذيله، وطرفي أساوره في انتشار بديع قد زادت من حلاوته ورقته.بدّلت ثيابها سريعا وارتدته، ثم وقفت أمام المراَة تنظر لنفسها وتتحرك يمنة ويسرة بإعجاب، فقد كان وجهها كقمرٍ أخلف موعده ليلا، وتجلّى وسط زرقة سماء صافية تملؤها الفراشات.
لكنها عقدت حاجبيها وهي تسأل نفسها:
-أتتأنقين لأجله؟!زفرت بضيقٍ وحرّكت وجهها يمنة ويسرة نافية ذلك وهي تجيب سؤال نفسها:
- لا لا إنها مقابلة عمل وعلى كل حال يجب أن أبدو أنيقة، ليس لأجله بالطبع، بل لأجلي لأشعر بالثقة بنفسي أكثر.ابتسمت عندما اقتنعت بإجابتها، ونفت شعورها الوليد تجاه زاهر في أقصى منطقة بقلبها وحبسته بها، لا يجب أن يطفو هذا الشعور على سطح حياتها، لأنه إذا طفا قد تغرق هي!
بسرعة لملمت شعرها المسترسل، وارتدت حجابها ليكتمل وجهها جمالا وإطلالتها جاذبية.
خرجت من حجرتها لتخبر أمها من دون الخوض في تفاصيل أنها ذاهبة لإجراء مقابلة عمل، لعلها تحظى بفرصة أفضل.فما كان من أمها إلا أن ألحقتها بسيل من الدعوات راجية من الله لها التوفيق والسداد والسعادة، والرزق الوفير، مما كان له أطيب الأثر في نفسها وهي تخرج من منزلها فتلقي السلام على "عم عامر" فيزفها هو أيضا بدعوة جميلة:
- صباح الفل يا ست البنات، ربنا يستر طريقك.فابتسمت، وحثت الخطى فرفرفت أطراف فستانها من حولها كجناحي فراشة، لكن سرعان ما تعكر صفو بداية يومها على إثر ذاك الغزل البذيئ، الذي زفها به بعض الشباب الفاسد الذي كان يقف على ناصية حارتها كقطاع طرق. صحيح أن أذاهم لم يطل بنات حيهم بعد، لكنهم يكتفون بتلك الكلمات المتغزلة الرخيصة ليلقوها على مسامعهن منهن من تلتفت وتفسح لهم المجال لتخطي الحدود بنظرة أو ضحكة، ومنهن من تفعلن كما فعلت هي ينطلق كالسهم مبتعدا عنهم لكن هذا لا يمنع أن ضيقا أحاط صدرها، وأفسد صباحها بسبب كلماتهم، حاولت أن تزيله بشهيق عميق وزفير متقطع.
أنت تقرأ
رواية أشواك الحب "للكاتبة/ فايزة ضياء العشري"
Romance"بداخل صدرها ضيق ... وبداخل عينيها حزن لم يمحه قلم الكحل الذي رسم عينيها ! وقلم أحمر الشفاه الذي صبغ شفتيها بحمرته القانية، لم يستطع رسم ابتسامة حقيقية على شفتيها طالما بسمتها لم تنبع من داخلها، وفرحتها كانت ادعاءََ! كانت موقنة أننا نشرق من الداخ...