الفصل الثاني "أطياف الماضي، وحاضر مُبهم"

225 12 6
                                    

أخرج رأسه من أسفل المياه مع شهقة مزامنة لفتح عيناه...
...وجهه سُحِبتٔ منه الدماء ليبقى شاحبًا لفترة ثم تعود إليه حيويته ببطئ، وأخذ يشهق الهواء من أنفه و فمه معًا....كاد يختنق لكثرة مكوثه أسفل سطح الماء و لقد جرفته ذكرياته نحو شاطئه الخيالي.

_يااا رب.

دعا ربه جهراً، صارخاً بألمٍ و حسرةٍ و روح تختنق، اضطربت أنفاسه بصورة خطيرة و كأنها الأخيرة له فى هذه الدنيا الظالمة ، يكاد يجزم أن حراسه و خدمه سمعوا صراخه الهادر إلا أن هذا آخر شئ يمكن يلتفت له فما هو فيه يغنيه عن كل شئ.

النار تشتعل فى فؤاده اشتعالاً و تحرق روحه المكدودة و فؤاده المكلوم و حتى عقله يستنجد بأحد لينقذه مما هو فيه من عذاب.

كظم مشاعره الهائجة و ربط قيودها داخل فؤاده ليدفعها فى أعماقه، إلا أنه لم يتحكم بشعور الغضب فقد استولى عليه لعدم مغادرة تلك الذكريات لذهنه و تركه وشأنه.

ألا يحق له أن يهنأ بعيش رغيد و نوم مريح و حياة هادئة مستقرة؟

ألا يوجد سبيل للانفصال عن هذا الماضي الكريه؟

قبض على السلم المعدني المتصل بحوض السباحة يضغط عليه و يعصره بأنامله عصرًا، ليصعد على درجاته بثبات مزيف....ثم يقترب من الكرسي القريب من الحوض لينتشل تلك المنشفة الكبيرة ويلف نفسه بها...إضافة إلى فوطة أصغر حجماً ألقاها بشكل عشوائي على كتفيه، ومن ثم تمدد على الكرسي المائل قليلاً إلى الوراء (كرسي الشاطيء) ليضيف للجالس عليه نوعًا من الراحة و المظلة القماشية تحميه من الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من الشمس الحارقة فالظهر قد انتصف.

لا مَنفذ لديه لإخراج طاقات غضبه، ولا مُنجد له من أوجاعه، هو يكره أن يؤذي أحدًا بزعم أنه غاضب، حين يغضب يبتعد عن من حوله، لئلا يؤذيهم فيؤذي نفسه.
لديه يقين أن القسوة ضعف، وأن الحنان هو عين القوة، فلا يوجد شخص في هذا العالم يتسم بالقسوة إلا وكان ضعيفًا مُتزعزعًا من داخله، شخص يشعر بضعفه وهوانه فيعوض نقص نفسه بأذية الآخرين.

«طلال المنسي»: شابُ شابَ قلبه من قسوة الأيام حتى مات صريعاً....فى عامه التاسع و العشرين.....ليس بشيطان و لا ملاك بل هو إنسان مثله مثل باقي البشر يخطئ ويصيب.
إذا نظرت له للوهلة الأولى فلن ترى شيئًا، ولكن إن كنت شديد الملاحظة فستلحظ بريق حزنٍ كمين فى عينيه الرماديتين ك رماد حياته المحترقة ، إلا أن قراءة نظراته تعد شيئًا شبه مستحيل.....فهو يحافظ على ثباته الانفعالي فى معظم الأحيان باستثناء الوقت الحالي.

بشرته البرونزية الجذابة تلمع تحت الأضواء الساقطة، فارع الطول و طوله مناسب لجسده الرياضي، وعضلاته الصلبة خير دليل على التزامه بالتدريبات و التمرينات الرياضية....قوى البنية....مع العلم أنه لا يستعمل قوته فى إيزاء الناس و أقصد بهم الأبرياء....أما من يتجرأ و يخطئ فى حقه أو حق أحد من عماله يكون له حساب آخر يتوقف على حجم الخطأ و تبعاته.

رغم قسوة الحياة سأحيا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن