الفصل الثامن عشر. "تنفيذ الخطة"

80 5 0
                                    

قبل البدء في قراءة الفصل أسألكم الدعاء لأهلنا في غزة.

•♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡•

جرحىٰ القلوب لا تُشفى جروحهم، لا تطيب وإن مر عليهم أزمان وأزمان.
كيف تروي نهرًا جفَّت منابعه؟
كيف تنعش قلبًا ماتت دقاته منذ أمد؟
كيف ترسم بسمةً على شفاهٍ شوهها العبوس؟

ليس كل ما تراه عيناكَ وتسمعه أذناكَ فهو حقيقة، أعلم أن الحقيقة ربما تتوارىٰ خلف الصورة الظاهرة لكَ، فلا تخدعك المظاهر...

هبَّ "فراس" من على مقعده مندفعًا وثائرًا كثوران البراكين النائمة منذ آلاف السنين ويكون انفجارها خطيرًا وغير متوقع زمانه، وصاح بلهجةٍ حادة مُستنكرة:
_يعني إيه الكلام ده؟!!!

رفع "طلال" له عينيه الرماديتين ببطء، وطالبه بهدوءٍ:
_أهدا يا فراس وأقعد.

تعصَّب "فراس" لذلك وأشار نحوه مُعنفًا:
_إنتَ بالذات متقوليش أهدا، سامعني؟

تدخَّل "سفيان" في محاولة للتخفيف من حدة النقاش القائم بينهما:
_هنفهمك الموضوع....

لم يعطه "فراس" المجال لإكمال حرف آخر، واستوقفه بكلامه المُتدافع من فمه كالحصى:
_دا أنا اتصلت عليك يا أخي وكنت هموت من خوفي على الزفت طلال وإنتَ منطقتش ولا قولت إنك عارف كل حاجة ومراقبهم.

أحنى "سفيان" رأسه بلا أدنى رد شفهي، فمهمة شرح الأمر للآخر ليست سهلة كما أعتقد هو و "طلال" هذا الأخير الذي هتف بتعجبٍ ظاهر:
_ أنا قولت إنك أكتر واحد هتتفهم.

ضغط "فراس" فنجان القهوة_ نصف الممتليء_ بين أنامله بعصبيةٍ، وأتى قوله كذلك متعصبًا:
_أتفهَّم إيه يا "طلال"؟

وأشار نحوه مُضيفًا بلهجة اتهام:
_سعادتك مخلتش فيا عقل عشان يفهم.

"طلال" مُدرك فداحة ما اقترفته يداه هذه المرة في حق أحبائه الذين لن يصمتوا إن تعرض للأذى، فماذا إن كان هو الجاني على نفسه؟!!

لذا ترك جِلسته غير المريحة على مقعده الذي لم يغادره من بداية الحوار واتَّجه نحوه واضعًا يده على كتفه برفقٍ يهمس في جدية:
_خد الأمور ببساطة يا فراس وأخزي الشيطان.

أزاح "فراس" يده بضيقٍ، وصرخ فيه بغضبٍ مفرطٍ:
_كلامك بيفور دمي، ياريت تسكت خالص.

وضع بعدها فنجانه على الطاولة بعنفٍ كأنه يريد كسرهما فتناثرت القهوة الساخنة على راحة يده الممسكة بالفنجان من الأعلى، لُسعت يده ولم يبالي.

ونتيجة لتناثر القهوة على الطاولة حتى أن بعض القطرات لطخت بذلة "سفيان" الذي انتفض في حنقٍ بادٍ على تقاسيمه المنقبضة ووبخه بهتافٍ ساخطٍ:
_إنتَ اتجننت ياض ولا إيه؟

ربع "فراس" ساعديه بمزيدٍ من العصبية وهو يرفع حاجبه ليرد بتحدٍ:
_أه.

في الآونة الأخيرة، تحديدًا ليلة إصابة "طلال" تكونت رابطة صداقة متينة بين ثلاثتهم، فصاروا يخشون على بعضهم، يقلق كل واحد منهم من أن يصيب الآخرين ضرر ما؛ لهذا "سفيان" يتفهم ردود أفعاله المهتاجة وهذا أيضًا ما دفعه للصمت وعدم رد الإساءة بمثلها.

رغم قسوة الحياة سأحيا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن