خـارج شـركـة "الـمـنـسي".
سـكـنـت تـلك الـسيـارة ذات "الـمـوديـل" الـجـذاب أمـام إحـدى أفخـم البنايات و أعرقها، و أجلَّها مكانتة فى المدينة بأسرها.
و فُتِحَ بابُ السائق ليسارع للباب الخلفى و يفتحه، لينزل "باسل" متجهًا للداخل.
أثناء مشيه بين الموظفين رمقهم بنظرة شاملة، فوجدهم يعملون بجدٍ و تفاني، و بدون أي نفسٍ، أى أنهم لا يتناجون فيما بينهم.
ابتسم "باسل" راضيًا عن صنيعهم و لكن ابتسامته كانت منقوصة البهجة، فهو مقبلُ على وصلة توبيخات لازعة من طلال، و هو حاليًا غير مُستعد البتة ، لتلقي كلماته القاتلة التى تنزلُ عليه كالرعد ، لتصيبه بصعقةٍ قوية ترج كبريائه رجًا و تزعزع ثباته ، ليصير مُنعدم الإرادة أو الدفاع عن نفسه ..... لأنه فى أغلب الأحيان يكون مخطئًا و لا حق له لكي يدافع عنه.
..................................
بعد فترةٍ لا تتجاوز العشر دقائق، أحس "باسل" بسكون المِصعد و حدوث هزة طفيفة، تزامنًا مع إنفتاح الباب المعدني رويداً رويداً.
رأى رقم الطابق الذي يقبع به طلال ينير اللوح أمامه، فتقدم خارجًا.
مشى بثباتٍ و رزانةٍ مؤقتان، ليدنو من السكرتيرة الخاصة بــ طـلال، و التى تُدعى "سندس".
- سندس .... طـلال ف مكتبه؟
هو يعلم إجـابة سـؤاله و لكنه يريد أن يتأكد منها، إضـافة إلـى أنـه يرغب فـى التحدثِ إليها.
تحركت رأسهُا لأعلـى و بـاعـدت بيـن نـظراتـها و الـحـاسـوب ، لـترمقـه بـنـظـراتٍ عـاديـة مـومـأة بـرفقٍ و أخبرتـه بــ : أيوة ....و منتظر حضرتك من زمان .....و آآ .... شكله متعصب ع الآخر.
دلف "باسل" بدون إذنٍ فهو لديه تصريحًا رسميًا بالدخول.
................................................
أحكم إغلاق الباب من ورائه بعد دلوفه ، لأنه لن يود أن يسمع أحدُ توبيخ طلال له ، أو بالأحرى ليمنع الصوت عن سندس ، فهى الأقربُ إلى المكتب من أي أحدٍ آخر ، لتظل صورته محفوظه بلا تشوه ، و لا تشوبها شائبة ، و يبقى شخصه مُهابًا مِنْ مَنْ حوله.
أبصره مُستكينًا خلف مكتبه و يطالع ما بيده من أوراقٍ هامة بتركيز بالغٍ.
ما إن صدح صوتُ الإغلاق حتى وقف "طلال" على قدميه ثم سار حتى وصل إليه، مُتعمداً إطالة النظر فى أعماقٍ أعماق عينيه.
- الساعة كام دلوقتي يا .... معالي البيه؟
انهى "طلال" سؤاله بالتهكم الواضح للعيان و ركز فى التحديق المباشر فى باسل، فرآه كيف يُناضل لإبتلاع ريقه بارتباكٍ ، و لكنه تحكم فى نبرة صوته ليقلل من إرتعاشها مجيبًا بهدوء: الساعة تمانية و نص.
- كويس .... أنا بقى قايلك قدامك ساعة و نص بالكتير ، يبقى المفروض تيجي الساعة كام؟
- الساعة سبعة.
طبطب "طلال" بكفهِ على كتفِ ابن خاله، و همس بنبرة مُرعبة: هاتلي تفسير منطقي لغيابك الوقت ده كله.
زاغت مُقلتا "باسل" فى إتجاه آخر ، مُتفاديًا النيران المُنبعثة من حدقتيه الغاضبتين، أخذ نفسًا شبه عميق، و رفرف رموشه عدة مرات، ثم علل له سارداً نصف الحقيقة: البنزين خلص من العربية و انا مكنتش عامل حسابي عشان خرجت مستعحل و ملحقــ .......
قاطعه "طلال" ساخطًا فلن يقتنع بعزره الواهي:
- متصلتش عليا ليه كنت بعتلك عربية تجيبك؟! و متصرفتش انتَ من نفسك ليه؟! هاا...
لم ينتظر إجابته ليجيب هو بدهاء: عشان جنابك طلعت من الشقة متأخر ، فطبيعي مش هتوصل بدري.
قال "باسل" معتذراً بحنقٍ ، و قد أعاد النظر بعينيه: مش هتتكرر تاني.
- على أساس إني هسمحلك ... من هنا ورايح مفيش غير شغل و إلتزام.
أردف "باسل" مغيراً مجرى الحديث، ليتملص من هذه الورطة: كنت عايزني ف إيه؟
ترقب رده بإنصات، ليجده يُشير إلى الخارج قائلاً بهدوءٍ صارمٍ: روح مكتبك ، سندس هتديك ملف المشروع اللى لسة مخلصش بسبب إهمال سعادتك ..... فى ظرف شهرين و كل شئ يكون جاهز.
حول "باسل" بصره حيثما يُشير ، و تشدق بضجرٍ : رايح الزفت.
ليمسك المقبض و يديره، كاد يختفى عن أنظار "طلال" فحذره بجديةٍ و قليلٍ من اللين: أنا هعديهالك المرادي ...... بس المرة الجاية مضمنش ردي هيكون عامل إزاي.
أدار "باسل" رأسه قليلاً و ابتسم مُتهكمًا بقوله الساخر: كتر خيرك ..... و الله الواحد مش عارف يودي جمايلك فين!
مع إغلاقه القوي للباب رجع "طلال" لمكانه ليباشر أعماله الكثيفة.
.......................................
منزل "غيث أبو النجا"
لم تحسب حِسابًا للوقت الذي قضته فى الغرق فى مستنقع ذكرياتها، إلا حينما أقتربت منها "صفية" تهتف بعجبٍ: اديلي ساعة عمالة اخبط عليكي ، و إنتي مش معبراني و لا بتردي حتى ، قلقتيني عليكي ، إيه اللي خلاكي مترديش عليا؟
و تستمر "إيناس" فى تأمل تلك الصورة بين راحتيها باشتياقٍ ، و ألمُ الفراقٍ يُضني فؤادها.
تقدمت منها "صفيَّة" بقلقٍ و توسمت مقلتيها فى عيني إيناس ، فتلحظ فيهما حزن راكد مدفون تراكم بفعل السنوات الأليمة ، و الأسى يطغي على الملامح الممتعضة فيطفئ نورها و نضرتها الشبيَّة.
علمت "صفية" على الفور سبب حزن إبنتها و كمدها ، لذا مدت يدها لتأخذ من إيناس الصورة المُغبرة.
بصعوبةٍ تمكنت "صفية" أن تظفر بالصورة ، بعد أن كانت "إيناس" تتشبث بها، و كأنها كِنزُ ثمين تخشى فقده.
ثم تفحصت "صفية" الصورة بعينيها و تحسستها بأناملها لتزيل عنها ما تبقى من ترابٍ ناعم.
لم تنظر لإيناس و إنما ظلت تحدق فى الصورة بقلبٍ يتألم و ينزف حسرةً على ما ضاع و ما كان.
لتهسهس "صفية" بحروفٍ ثقيلة على روحها المنكوبة: لازم تنسي يا حبيبتي ...... الدنيا ما بتوقفش على حد.
- قوليلي إنتي عمرك نسيتيه أو ..... أو نسيتيها؟ دي حتى صورها مالية الأوضة بتاعتها ، غير الصور إللي لسة معاكي.
رأس "صفية" رُفِعَتْ حتى تتمكن من رمقها بنظراتها المُعاتبة، حيث استنكرت بصوتها المُختنق: دي أختي يا إيناس ..... إزاي ممكن أنساها هى و أبنها؟!
- هى خالتي زي ما هي أختك.
هدرت "صفية" بنفي شديد حتى تُبعدها عن دائرة الحزن التى لا نهاية لها:
-انتي تفرقي عني، تقدري تنسيهم و تكملي حياتك.
أصبح من العسير على "إيناس" الامتناع عن البكاء ، لتسقط من عينيها دموعها المتتالية، و ما إن تذرف كمية منها يتوافد إلى حدقتيها المزيد و المزيد، حتى عجزت عن رؤية والدتها بوضوحٍ.
و من بين شهقاتها المُنتحبة وُلِدَتْ كلماتها المُتأثرة: مش قادرة يا ماما ..... مش بالبساطة دي .... ده اتربى على إيديا .... و نام ف حضني و أكل و شرب و لعب معايا ، حتى لعبه موجودة ف الدولاب متشالوش من مكانهم.
استكملت "صفية" بإصرار أشد حتى خرجت نبرتها عازمةً: أنا عارفة أنه صعب عليكي، بس مش مستحيل.
ثم استرسلت بخفوتٍ مشيرة بسبابتها نحو قلب إيناس قاصدة ملامسة إصبعها لها: و بعدين إنتي مش قولتي قبل كدة إنه ماماتش ، و عايش هنا؟
لتومأ "إيناس" بتأييد مع إرتخاء جفنيها فصارت مُسبلةً عينيها.
أضافت "صفية" قائلة بنبرة حنوٍ هادئة: طيب فيه حد عاقل يعيط على شخص عايش؟!
هزت رأسها نافية، فاستأنفت "صفية" الحديث بينما تضع الصورة على "الكوميدينو"، و قد مسحت دمعة خانتها وسقطت على وجنتها:
- أنا كنت هروح السوق لوحدي، بس بعد ما شوفتك كدة يبقى هتروحي معايا.
لاحقت مقلتاها يدي صفية إلى أن وضعت الصورة، فثبتت "إيناس" كامل تركيزها عليها ليتثنى لها وقت إضافي فى مطالعة ملامح الصغير الناعمة.
فجذب انتباهها حديث صفية الذي لا يمد لحديثها السابق بصلةٍ تُذكر.
جاءت لترفض، فقاطعتها "صفية" حينما سارعت بــ : و من غير أعزار.
و تركتها والدتها خارجة من الغرفة لكي لا تُعطي فرصة للرفض.
أحر تنهيدة نفثتها "إيناس" من أعماق رئتيها ، لتزيل عنها القنوط، فأكثر ما يُزعجها أن يفرض أحدُ عليها ما لا تريده.
ثم أقبلت على خزانة الملابس، لأنها تعلم أن والدتها لن تنثني عن أي قرارٍ اتخذته.
.......................................
فى شركة المنسي.
ما أنفكَّ "باسل" عن التنهد و التأفف طوال الاستراحة، فأعظم عِقاب له على تقصيره هو زيادة الأعمال و المهمام عليه ، و ترتب على لهوه طيلة الأيام الماضية تراكم ملفات المشروع الذى أُوكِلَ إليه برآسة طلال، و تأجيل تنفيذ بعض النقاط الهامة فى مشروع بناء العقار.
حكَّ "باسل" جبينه باجهادٍ يتفاقم ، و منفذه الوحيد من هذا الاجهاد تلك الاستراحة الطويلة _نوعًا ما_ ، و لن يتردد فى اللجوأ إليها متى ما سأم العمل و ضغوطاته المضنية.
لاحت على شفتيه ابتسامة مُجاملة يقابل بها نظرات الاستئذان و منبعها عينا "سندس" السائلة بشئ من الترقبٍ و الرقةٍ: ممكن أقعد مع حضرتك؟ ..... لو ده مش هيضايقك.
- أقعدي يا سندس ، مش محتاجة تستأذني.
كلماته الودودة اراحتها و خلَّصتها من الحرج، لتستقر قبالته و انصتت إليه لما أفصح بصدقٍ عن شعوره: انا لو هتضايق من حد .... أكيد مش هيكون انتي يا سندس، و أساسًا مصدقت ألاقي حد اتكلم معاه.
- مال حضرتك ، مهموم كدة ليه؟
فى استياء من الضغط المُمارس عليه ، علق "باسل" يستنكر ما سمع منها:- بجد مش عارفة؟!
حضر النادل فحال دون حديثها ليسألها باحترامٍ عن ما ترغب فى شربه أو أكله معطيًا لها قائمة الأطعمة و المشروبات المتوفرة: ده المنيو .... اختاري منه الأكل اللي حضرتك عايزاه.
- ميرسي.
قلبت صفحة واحدة ليقع اختيارها على:
- واحد كرواسون و كوباية عصير مانجا لو سمحت.
- حالاً هيكون عند حضرتك الطلب.
و قبل أن تعيد للنادل قائمة الطعام ، قالت فى اهتمام: تحب تاكل إيه يا باشا؟
و بغير شهيةٍ رفض "باسل" بلباقةٍ و لطفٍ: لأ يا سندس، مليش نفس.
سلَّمت المجلد المُحتوي على القائمة للنادل مُغيرة مقدار ما طلبت بقولها الواثقِ: طيب، هاخد اتنين كرواسون بالشوكولاتة و كوبايتين عصير.
- تحت أمرك يا فندم.
مصدر ثقتها أنها تؤمن بنسبة مائة فى المائة أنه لن يحرجها بل و سقبل مشاركتها فى الأكل.
و لكن لا مانع من التبرم قليلاً لربما أقنعها ، فتحدث "باسل" بضيقٍ جلي: قولتلك مليش نفس ، ليه مصرة توكليني غصب عني؟
- لو حضرتك مأكلتش، انا كمان مش هيجيلي نفس آكل ، و كمان لازم تاكل عشان تقدر تكمل شغل و تركيزك يزيد.
لتنهى الجدال عند هذا الحد و لتجبره بشكل ودي على الاكل حتى و إن كان فاقداً للشهية ، استأنفت عائدة إلى حوارهما الأول قائلة: خلينا نرجع للمهم ، أنا عارفة سبب زعلك ، بس من الاحسن إنك تفضفض عشان ترتاح.
مال "باسل" إلى الأمام مُرتكزاً بمرفقه الأيسر على سطح المنضدة ملقيًا ثقل خده على راحته ، و بصوتٍ فاترٍ بدأ الحوار بــ: تحبي أبدأ منين؟
- من مكان ما يعجبك ، أنا هنا عشان أسمعك.
طالعها "باسل" بامتنان حقيقي، ليسترسل و أماراتُ التعب البالغ تكسو معالمه و عيناه: مدام مُستعدة تسمعي ، يبقى هبدأ من البداية، أنا بطبيعتي بكره الشغل الكتير و كنت بحاول اتهرب منه بس طلال مكانش عاطيني فرصة ، ف بطلت تهرب و قولت لازم التزم بشغلي و لاقيته بيضغط عليا ف الشغل ، و كمان النهاردة يوم الاجازة الوحيد ف الأسبوع و طلال خلاني أشتغل فيه .......
قاطعته "سندس" مُصححة فى عدم رضٍ: قصدك خلانا، احنا كمان كنا عايزين نرتاح ، و انا كنت مستنيه اليوم ده بفارغ الصبر، عشان بقضيه مع أختى و عمي، و أتاجئت أن طلال باشا لغى الأجازة.
تبسمت فى خجلٍ للمقاطعة فهى هنا لتستمع إليه لا لكي تقاطعه، لتعتذر بنبرةٍ حرجٍ: سوري ع المقاطعة ، اتفضل كمل.
القى مزحة لينسيها خجلها و ليرسل لها رسالةً مفادها أنه لم يغضب أو حتى يشعر بالضيق منها.
- شكلي مش الوحيد اللى متضايق.
- أه .... مش لوحدك ....... لأننا حرفيًا قفلنا أسبوع كامل من الشغل ..... يعني تشتغل و تتمرمط طول الاسبوع و تاخد يوم شغل هدية.
شاركته فى مزحه فقد وصلتها الرسالة و فهمت مضمونها.
.........................................
منزل "فداء أبو النجا"
نجدها جالسةً أمام التلفاز ، و فى يسارها جهاز التحكم عن بُعد، و على ساقيها وضعت طبق الفُشار مربعة قدميها.
صاحت "تغريد" و أنظارها مُثبَّتة تمامًا على ما تشاهده، حتى يصل صوتها إلى والدتها التى تطهو العشاء.
- يا ماما، هو بابا لسة مأجاش من الشغل و لا إيه؟
أتتها الإجابة من "فريال" حين قالت: لأ يا تغريد ، لسة ف الشغل.
و أردفت بحنقٍ: تعالي ساعديني بدال ما تسأليني.
لتترك "تغريد" طبق الفُشار جانبًا و معه "الريموت" و اتجهت ناحية المطبخ بخطواتٍ سريعة طويلة.
تسائلت ريثما ترفع الغطاء عن الإناء فتصاعد البخارُ منه: مش المفروض إن النهاردة أجازة؟
هزة إيجابية من جانب "فريال" تلتها نبرةُ جهلٍ واضحة، و هى تقلب الأرز و تطفئ النار.
- و انا هعرف منين؟ بباكي مبيجيبش سيرة عن اي حاجة بتحصل معاه ف الشغل.
فى ثقةٍ نبست "تغريد": ع العموم هعرف لما بابا ييجي.
حدقت" فريال" فيها بغضبٍ و أضافت بقولها الساخط : - شوفيلك مصلحة أقضيها و سيبك من فضولك اللي هيقتلك ده ، يلا ساعديني، مش كفاية عملت الأكل كله لوحدي، و فضلتي قاعدة ف وشي طول النهار و فداء جه يعاقبك عاقبني أنا.
كي ترجع لوضعها المريح أمام التلفاز ، و لتضمن انها لن تعمل شيئًا ، استغلت جملة والدتها لتقول هى بتبرمٍ: اديكي قولتي ، الأكل كله مطبوخ يبقى مافيش حاجة أعملها.
- خدي الطبقين دول و رصيهم ع السفرة و بلاش كلام فارغ و هري ع الفاضي.
لم تمضي بضع ثواني إلا و سمعت صوت جرس المنزل يصدح بنغمة ذقذقة العصافير، لتقول بنبرة سعيدة، فى حين مغادرتها: أكيد ده بابا.
نظرت من فتحة صغير بالباب على شكل دائرة و يسدُها زجاجُ يشف ما وراءه ، فتأكدت فعلاً أنه والدها.
فتحت له محيية إياه بحبٍ: - نورت البيت يا بابا يا غالي.
و بدوره ابتسم لها ابتسامة تريح الفؤاد و من ثم عبر إلى الداخل، ليستريح على الاريكة الموضوع عليها طبق الفشار ليتناول منه بعض الحبات القليلة.
سألته "تغريد" بفضولٍ و هى تحسّن من وضعية الوسائد ، ليحظى بأكبر قدرٍ من الراحة.
- بابا، انتَ روحت الشغل النهاردة ليه؟ مع إنك كنت بتاخد اليوم ده أجازة على طول!
رد بأرهاقٍ يكسو تجعيدات وجهه ، مُسهبًا فى الحديث : فيه مشروع مهم جداً كان المفروض يخلص من زمان، و للاسف لسة زي ما حو محلك سر، و ده هيأثر على ميزانية الشركة، فعشان كدة صاحب الشركة لغى الأجازة و الفترة الجاية هتكون طحن، يعني شغل متواصل.
أرادت "تغريد" أن تسأل المزيد، ولكن صوت والدتها من داخل المطبخ تنادي عليها لتساعدها فى تقديم الأطباق منعها عن ذلك، فذهبت لها مُلبية النداء. ............................................
..................................................
أنت تقرأ
رغم قسوة الحياة سأحيا
Misterio / Suspensoمزَّقته وحوش الحياةٍ بين أنيابها، وطوَّحته رياحها العاتية بين دروبها مُنهكًا مكسورَ القلب كعصفورٍ كُسِرَ جناحاه. تعوَّد طعم الألم والمرارةٍ حتَّى التقاها فخففت عنه وطأة آلامه، وكأنما في ظهورها شفاءٌ لجروح روحه الغائرة. أذابت الجليد المتراكم على قلب...