"شتاء قارص"

147 22 23
                                    

لا أعلم هل هي معتادة على أن تذهب إلى السماء في منتصف الشهر،أم ذاك هو مكانها من الأساس؟؟______________________________________

في غرفة مصطفي
حرك مصطفي رأسه بتفهم يشوبه بعض الهوف والحزن

في غرفة آمنه

كانت آمنه شديدة الخوف والقلق أيضاً كما أنها كانت ترتعد خوفاً من مستقبلها المجهول
وكانت شديدة القلق مما يجول بذهنها،
العديد والعديد من الأسئلة التي لا إجابة لها،وأوشكت على أن تشل تفكيرها
كانت آمنه تكرر تلك الأسئلة،وكأنها تخاف من إجابة تلك الأسئلة،ولكنها بالتأكيد لا تخاف من أجلها بل تخاف من أجل عائلتها التي تخاف عليها من نسمة الهواء الطلق،كيف لتلك العائلة أن تتعامل مع مرض ابنتهم،كيف لهم أن يتعاملوا مع ابنتهم من الأساس
وتكرر آمنه الأسئلة بشدة وتضغط بأظافرها على يديها تارة وتفرك كفيها ببعضهما تارة أخرى،تشعر بأن عقلها على وشك أن يشل من فرط التفكير
تحدث آمنه نفسها قائلة:
ماذا سيحدث إذ لم تتوافق خلاياهم معي؟؟
ماذا سيحدث إذا توافقت خلاياهم معي؟؟
ما مصيري إذ لم تتوافق تلك الخلايا؟؟؟
ما مصير من تتوافق خلاياه معي؟؟
ماذا سيحدث إذا توافقت خلاياهم معي أنا أخاف عليهم أكثر مما أخاف به على نفسي ولكني لا أعلم ماذا يجب علي أن أفعل لكي أمنعهم من هذا؟؟

كلما ازداد تفكيرها ازداد قلقها وخوفها وحزنها فهي لا تريد أن يحدث لأي أحد منهم شئ ولكن لا تعلم ماذا يجب أن تفعل أيضاً وبينما هي تفكر تذكرت مقولة"جلال الدين الرومي"
"_هروبك مما يؤلمك سيؤلمك أكثر،لا تهرب تألم حتى تشفى_"

يجب علينا مواجهة كل شئ،حتى أصعب الأشياء، إذا قمنا بمواجهتها أصبحنا على الطريق الصحيح للتعافى من ألامها،لكن إذا هربنا وترددنا سنظل نخزن الوجع في داخلنا إلا أن نصل إلى اللحظة التي نشعر بها أننا نريد الإنفجار، حتى الألم يعلم ويقوى

بعد تذكر آمنه لتلك المقولة شعرت ببعض من الراحة،فقد علمت أنها تريد المواجهة،تريد الإنتصار على عدوها الخفي المجهول،تريد أيضا الإنتصار وعدم الخضوع إلى ما يريد القضاء عليها،فهي لا تريد أن ترى ولو بعض الخوف والحزن في أعين أهلها،ولا تريد أن ترى نظرات الشفقة التي توجد بأعين الغير،وخاصة في أعين أحدهم،بالتحديد صاحب العيون الخضراء
تذكرته آمنه فتسللت إبتسامة لطيفة رسمت على ثغرها،ولكنها سرعان ما وأدت تلك البسمة فهي لاتعلم ماذا سيفعل إذا علم بمرضها
حزنت آمنه لذلك حزناً شديداً وتسللت الدموع إلى عينيها بدلاً من تسلل البسمة إلى ثغرها،وانهمرت تلك الدموع فهي لا تعلم ماذا سيكون رد الطبيب وماذا ستكون ردة فعل غيث إذا علم ما تعيشه آمنه،كما أنها لا تعلم مدى حبه لها،فتخاف أن يكون لا يحبها،وفي هذه الأحيان كان يفتح الباب ببطئ شديد تزامناً مع طرقات لطيفة تدل على المرح ،كان الطارق بالتأكيد مصطفى ثم قال بمرح لطيف
هيا سنتأخر أريد العودة بسرعة لأركب السيارة وألحق بهذا الأستاذ "الدكتور" بسرعة ثم ضحك
كان يقصد بذلك أن المذاكرة قد تراكمت عليه،ثم قال لها بمرحه المعتاد:لا أعلم كيف شرح كل هذا؟أو أين كنت أنا حقاً؟
فضحكت آمنه ثم قالت:أنا جاهزة هيا بنا
أومأ لها مصطفى ثم هم بفتح الباب بأكمله وأشار لما بيديه وهو يقول بإبتسامة زينت ثغره:السيدات أولًا
ابتسمت له آمنه ثم غادرت الغرفة وهو يليها
ثم غادروا المنزل واتجهوا نحو السيارة فركض مصطفي لكي يقوم بفتح الباب لها فابتسمت هي ثم قالت:ما كل هذا اللطف سأبد في التدلل،ليكن بعلمك
قال لها:تدللي يا شبيهة القمر الغالية خاصتي

اندهشت آمنه من قول أخيها لها،فهو لم يقل لها مثل هذه الجمل من قبل،هي تعلم مدى حبه لها ولكن لم يخبرها هو ذلك من قبل..

لمعت عيني آمنه وابتسمت له ثم همت بالركوب وإغلاق الباب لاتريد أن تلتقي عيناه بعيناها فهي تعلم أنها وبكل تأكيد ستبكي أمامه
ركب مصطفي أيضا ثم اتجها إلى وجهتهم المحدده

وبعد ما يقل عن الساعة كان كلاً من مصطفي وآمنه بالمشفى،قام مصطفي بحجز الدور مسبقاً،فهو يعلم أن هذه المشفى دائماً ما تكون مزدحمة،وعندما جاء دور آمنه،قامت الممرضة بالنداء عليها،ارتعدت آمنه خوفاً وفزعا،وسرعان ما لاحظ مصطفى تغير ملامحها ففهم أنها بالتأكيد خائفة من ما سيواجههم بعد قليل،لم يكن مصطفى أيضاً من لاحظ توترها بل لاحظت الممرضة أيضاً،فهمست لها مع إبتسامة لطيفة تشبهها قائلة:لا تخافي كل شئ سيكون بخير بإذن الله
إبتسمت لها آمنه وهمت مع مصطفي بالدخول،مع أن الممرضة لم تخبر آمنه بشئ عظيم،أو مواساة كبيرة،ولكن جملتها تلك كانت كفيلة بأن تمنح آمنه بعض من السكينة،والهدوء،وإخفاض نبضات ذاك المجنون الذي كاد أن يخرج من ضلوعها من كثرة توترها،وخوفها
دلف كلاً من آمنه وأخيها بعد إلقاء السلام على الطبيب الذي كان في عقده الخامس،كان كبير في السن ولكنه كان شديد الخبرة،
السلام عليكم قالها مصطفي مع إبتسامة لطيفه متوتره بعض الشئ للطبيب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته رد الطبيب عليه ثم اتجهة ببصره نحو آمنه التي كانت واقفة،أخبرها الطبيب بالجلوس،ثم طرح عليها بعض الأسئلة
آمنه اليوم أنا سأسأل وأنت ستجيبين حسناً قبل أن أطلع على نتائج التحاليل
توترت معالمها ثم اكتفت بإماءة بسيطة للطبيب كعلامة منها على موافقتها
بدأ الطبيب لكي يسئلها
هل تجهدين من أقل مجهود؟؟
كانت آمنه متوتره وجاهد لكي يخرج صوتها ولكن دون جدوى،فأصبحت تقوم بالإماءة
أومئت له
هل تشعرين أحيانك ستسقطين أو سيغمى عليك
أومئت أيضا له
فتنهد الطبيب،ثم طلب التحاليل من مصطفي
أعطى مصطفي التحاليل للطبيب،وأخذ الإثنان ينظران له،فزفر الطبيب وتنهد تنهيدة عميقة،وبدأ الحزن ينسلل إلى ملامحه ويحتلها رويدا رويدا حتى سيطر عليها،توتر مصطفى كثيراً،ثم قال له بنفعال:لا تقلقنا وأخبرنا ماذا يوجد؟؟
زفر الطبيب ولم يقم برد على مصطفى بل أخذ يكرر النظر في التحاليل ويكرر النظر ويكرر حتى أنه كاد يوشك أن يمزق الورق بعينيه،ثم أخبرهما بشئ قد نزل عليهما هما الإثنين كالصاعقة،بكت آمنه بسببه وأنهار مصطفى منه،خبر نزل عليهما كمن سكب فوق رأسيهما دلو من الماء البارد بل المثلج في ليالي الشتاء القارصة
______________________________________

#يتبع
#بقايا ممزقة
#نورهان جمعه
ايه الصدمة يا رجاله

بَقَايَا مُمَزَّقَة _مُكتملة_حيث تعيش القصص. اكتشف الآن