الفصل الثامن والستون

69.5K 1.6K 51
                                    

- خرج من السجن؟ ازاي يعني؟
هتف بالسؤال نحو محدثه في الهاتف بعدم تصديق، ليظلم وجهه بعد ذلك وهو يستمع إلى التفاصيل تباعًا، ثم يهدر بالرجل غاضبًا:
-إزاي يعني عرف ينفد من كذا قضية؟ دا كفاية قضية محروس والتهمة لابساه لابساه؟ لا وكمان رفقي نحاس هو اللي يدافع عنه، ودا عرف يجيب أجره منين أساسًا؟
صمت قليلًا يستمع لقول الرجل عبر الأثير، ثم هتف موبخًا:
-كان لازم تقولي في ساعتها وانا اشوف الموضوع ده تم ازاي؟ وعشان اللحق اتصرف وقتها وان شالله حتى أغير كل فريق المحامين بتوعي.... تمام يا سيدي اقفل بقى من عندك.
أغلق مع الرجل ثم نهض عن مكتبه، نحو الشرفة الزحاجية في حائط المكتبة، ينظر منها لخارج المبنى، علٌه يهدئ هذا النيران التي تسري بداخله، أن يفقد حيلته مع فرد مجرم كهذا، قام بأذيته وأذية أقرب قطعة من قلبه، بل كان هاجس لها من قبل التعرف عليه وبعد أن تزوجته أيضًا، تنهد من عمق صدره يمسح بأنامله على طرف ذقنه بتفكير متعمق، فلابد من إيجاد الطريقة الأمثل لإعادة هذا المجرم إلى محبسه، حتى ينال عقابه المستحق، ولا بد في البداية أن يجده.

التفت رأسه على طرق خفيف على باب الغرفة قبل ان يلج منه خالد بعد أن أرسل له منذ دقائق:
-صباح الخير.
تفوه بالتحية وهو يتقدم بعملية حتى جلس على الكرسي المقابل للمكتب، يضع عدد من الملفات التي كانت بين يديه على سطحه وهو يردف بالقول متحمسًا:
-أنا جيبتلك كل أوراق المناقصة اللي قولت عليها وكمان كلمت البنك عشان الصفقة الجديدة والتفقت معاهم على.....
-بس بس يا خالد.
هتف بها جاسر قبل أن يخطو هو الاَخر ويجلس محله خلف المكتب، طالعه خالد باستفهام حتى وجده يخاطبه بصوته الأجش:
-سيبك من كل أخبار الشغل دلوقتي، أنا عايزك في حاجة تانية خاصة متتحملش التأجيل.
ردد خالد خلفه سائلًا بدهشة:
-حاجة ايه دي اللي متتحملش التأجيل؟
طالعه جاسر بنظرة غامضة قبل أن يسأله:
-إنت كنت عارف إن فهمي صنارة أخد براءة من كل القضايا اللي عليه، ومخدتش حكم غير في قضية زهرة وكمان مخفف.
-إيه؟
هتف بها خالد متفاجًأ، قبل أن يُكمل:
-لا طبعًا معرفش وهعرف ازاي؟ انا مش متابع القضية، دا غير إني كمان كنت مشغول أوي الفترة اللي فاتت، بالفرح وتجهيزه، دا غير شهر العسل وشغلي معاك بعدها، بس هو ازاي يعني براءة؟ دا انا اعرف ان الولد شاهد على نفسه وعلى صنارة، دا غير البلاوي اللي طلعوها من شقته والناس كلها في الحتة شافت بعنيها .
زفر جاسر يطرق بكف يده على سطح المكتب بعنف يقول بغيظ:
-وانا كمان كنت مشغول عن المتابعة مع المحامين، خصوصًا في الأيام الأخيرة من حمل زهرة، وبعد الولادة وحفلة السبوع دي اللي أصرت عليها والدتي، والمحامي اللي مكلفه بالقضية بيقولي انه خرج بلعبة من رفقي نحاس.
قطب خالد سائلًا باستفسار:
-رفقي نحاس مين؟..... إنتي قصدك على المحامي المشهور ولا انا سمعت غلط؟
-لا مسمعتش غلط يا خالد، هو نفسه المحامي الكبير بتاع القضايا المشهورة، لكن اللي هيجنني، هو الحيوان ده عرف يجيب أجره منين؟ ولا هو الواد ده بيشتغل على كبير يعني ولا أيه بس؟
تغضن وجه خالد بالغضب يردد:
-بصراحة معرفش، انا معرفش تجارته دي واصلة لفين، عندنا في الحتة نعرف من زمان إن مشيه مش مظبوط وانه بيتاجر في البرشام، مفيش اكتر من كدة، بس انا برجح إنه يمكن يكون مسنود من حد كبير .
أكمل على قوله جاسر:
-وأكيد الكبير ده واحد وســ خ زيه، من تجار الصنف... بس على مين؟ أنا مش هسيبه غير لما اطلع عليه القديم والجديد، ولازم اخليه يتعاقب على كل البلاوي اللي عملها.
أومأ له خالد برأسه يقول بحماس:
-وانا من جهتي هروح اطل على بيتنا القديم، واشوفه رجع نشاطه في الحتة ولا لأ.

نعيمي وجحيمهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن