مع ارتفاع الاصوات وازدياد وتيرة حدتها، اقتربت صفية اكثر من الغرفة الصاخبة بشجارهم، حتى أصبحت تقف ملتصقة بإطار باب الغرفة، تشاهد مايحدث صامتة، في ظل انشغال الجميع عنها.
- هي دي بقى تربيتك يارقية اللي فرحانة بيها، البت بتهب في وش أبوها من غير خيشا ولا حيا.
هتف بها محروس غاضبًا بأعين حمراء لم تهابها زهرة التي كانت تقف مقابله بالند، بشراسة نادرًا ماتصدر منها، حينما يصل غضبها لأشده وهي الاَن تشعر بأنه قد فاض بها من هذا الرجل المدعو أباها ومن أفعاله، هتفت جدتها ترد عليه:
- ومالها بقى ياخويا تربية رقية؟ عشان البت ماهي رافضة الواد ابو بربور بتاعك؛ تبقى مش متربية وبتهب فيك؟
- ابو بربور ابو بربور في ايه ياولية ؟ هو انت مخك وقف على شكل الواد وهو صغير، ماتعرفيش انه كبر وبقى راجل وملو هدوموا دلوقتي.
صاح بها محروس على رقية، فجاء الرد من زهرة بتكملة :
- وبياع برشام واخلاقه زفت ومتجوز قبلي تلاتة كمان .
- وماله لما يبقى متجوز ومطلق ، نقص منه حتة يعني ولا نقص منه حتة، ثم حكاية بيع البرشام دي اشاعات والناس بتطلعها عليه عشان ماهو راجل كسيب وجيبه دايمًا عمران .
رد محروس بتشدق ، فقربت منه زهرة رأسها تنظر داخل عيناه بحدة غير مبالية بالحمم المشتعلة بها
- بزمتك ياشيخ انت مصدق كلامك ده؟ ولا انت فاكرني هبلة ونايمة على وداني عشان معرفش فهمي واللي بيعمله، سمعة فهمي مسمعة زي الطبل في الحارة ياوالدي، بالظبط زي سمعتك انت ما مسمعة في الدنيا كلها..ااه
صرخت بها مجفلة حينما حطت كفه على وجنتها بلطمة قوية دوى صوتها في محيط الغرفة تتبعه صرختها وصرخة صفية من الناحية الأخرى، فخرج صوت رقية بخشونة بعيدة تمامًا من رقتها وحديثها اللطيف دائمًا :
- اطلع برة يامحروس بكرامتك احسن، بدل ماافرج عليك الحارة كلها، وان كنت فاكر ان بسفر خالد ابني زهرة هاتبقى لقمة سهلة في ايدك ، يبقى انت لسة معرفتناش وعايز تعيد معانا القديم من تاني .
هتف جازًا على أسنانه:
- زهرة بنتي يارقية وان كنت سيبتهالكوا زمان فدا مش هايلغي انها بنتي وليا حق عليها .
- حق مين ياابو حق؟ حاول بس تقرب منها وانت تشوف مين يقفلك، ابني قبل مايمشي كان عامل حسابه، حاول بس تلمس شعرة من زهرة ولا تقرب لها ، وانا اكون فاتحة القديم والجديد ومودياك في ستين داهية .
- انا خارج دلوقتي وراجع لكوا تاني، ماهو انا مش كروديا ها مش كروديا، اوعي يابت .
صاح بها يدفع صفية بعيدًا عنه ليتخطاها ويخرج مغادرُا ، مغمغًا بالكلمات النابية، اقتربت صفية من شقيقتها التي مازالت واضعة كفها على مكان اللطمة، متسمرة محلها، يبدوا انها مازالت لم تستفيق بعد من الصدمة، فقالت مهونة عليها تربت على يداها:
- معلش يازهرة، ما انتِ عارفة بابا.
اومأت لها بمرارة وأعين غائمة تأبى البكاء :
- عارفاه، وعارفاه قوي لما يحط حاجة في دماغه .
رددت خلفها رقية بتحدي:
- يحط ولا مايحطش بابت، انت هايهمك في إيه؟ اعلى مافخيله يركبه!
...............................بفستان اسود التصق بجلدها كجلد ثانى، طوله لم يصل حتى الى الركبة، ليظهر طول سيقانها ونحافتها ، كانت عائدة من حفلة حضرتها مع اصدقائها، تتلاعب بمفاتيحها وتدندن بالغناء غير مبالية لأي شئ، غافلة عن اربع عيون كانت تراقبها من وقت ان دلفت للمنزل، وقبل أن تصل للدرج كي تصعد للطابق الذي غرفتها به؛ أجفلت على صيحة قوية من الخلف
- ميرهان .
استدارت ترد على صاحب الصوت وقد علمت هويته:
- نعم ياانكل عايز حاجة؟
ظل صامتًا على هيئته المتحفزة ولم يرد، نزلت عيناها نحو الجالسة بجواره وجدت خالتها تنظر لها بجمود هي الأخرى فقالت مرتبكة :
- اا مساء الخير اولًا هو في حاجة؟
............................
أنت تقرأ
نعيمي وجحيمها
Literatura Femininaفتاة متواضعة الحال لا تملك في الحياة سوى برائتها وأحلام وردية قد تكون عادية لكل الفتيات ولكن بالنسبة لها وبالنظر لظروف معيشتها الصعبة بعيدة المنال؛ وجدت نفسها فجأة محاصرة من متجبر يملك السلطة والقدرة اخضاع الغير، مع المال الذي يشتري به كل شئ، اذا ما...