تقود سيارتها وصوت ضحكاتها التي لا تتوقف تكاد تصل للمارة في الشارع ، حتى انها كانت تضرب بكفيها على عجلة القيادة من فرط مرحها ، مما اضطر زهرة التي كانت تشاركها الضحك للكزها بمرفقها على خصرها حتى تنتبه للطريق :
- يابت بس الله يخربيتك هاتودينا في داهية .
- مش قادرة والنعمة ماقادرة ههههههه.
لكزتها مرة أخرى قبل ان تيأس منها وتوجه نظراتها نحو النافذة ، وبعد أن هدأت كاميليا قليلًا خاطبتها :
- ماتزعليش مني لو كنت غلست عليكِ ، بس بجد انا مش قادرة، جيبتي منين الجرأة دي يازهرة ؟ ومع مين ؟ مع جاسر الريان ؟
أجابتها زهرة بابتسامة شقية:
- والله مااعرف اهي جات كدة بقى ، بس كمان هو خنقني بإصراره انه يعرف رايحة فين ؟ وانا بقى دبيت الجملة وانا بايعة بصراحة، يطردني بقى يقعدني ، براحته .
ردت كاميليا وهي تضحك بمكر :
- بعد اللي قولتيه دا ياحبي ، لايمكن اتوقع انه يطردك، بقى جاسر الريان ياناس، يسمح لموظفته انه تتحداه كدة، دي حاجة ولا في الخيال .
خبئت ابتسامة زهرة وهي تسألها بارتياب:
- تقصدي ايه ياكاميليا بكلامك ده ؟
أجابتها كاميليا بابتسامة :
- بصراحة مش عارفة، بس انا اسمع يعني عن المثل اللي بيقول ، حبيبك يبلعلك الزلط .
- حب ايه وكلام فارغ ايه انتِ كمان؟ قفلي عالسيرة دي ياكاميليا قفلي .
قالت زهرة وقد تغير لون وجهها وشحب، ردت كاميليا التي انتبهت لها :
- خلاص ياستي هاقفل ولا تزعلي .
زهرة بتردد :
- مش حكاية ازعل، بس انا مصدقت اني خلصت من الموضوع ده ، مش عايزة افتح فيه تاني .
ابتعلت كاميليا كلماتها حتى لاتزعجها، وفضلت تغير مجرى الحديث :
- طب ايه ؟ احنا وصلنا المنطقة اللي انتِ قولتي عليها ، مكتب الراجل السمسار دا فين بقى؟
أجابتها زهرة وهي تشدد بذراعيها على حقيبة النقودة الموضوعة بحجرها:
- اخر الشارع ياكاميليا ، هتلاقي يافطة كبيرة اوي مكتوب عليها باللون الأخضر اسم السمسار ماهر بركات.
قادت قليلًا كاميليا حتى وصلت للعنوان المذكور، فوقفت بسيارتها امام البناية التي معلق عليها اليافطة ، ترجلت هي وزهرة التي كانت تحتضن في حقيبة النقود بتخوف ، حينما دلفن الى داخل المكتب وجدن الساعي فقط أمامهم ينظف أرضية المكتب، سألته زهرة :
- السلام عليكم، استاذ ماهر بركات موجود؟
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، لا حضرتك، ماهر بيه خرج مع زبون من شوية .
كان رد الساعي ، سألته زهرة بتوجس :
- طب وهايرجع امتى، انا عايزاه ضروري .
- والله حضرتك معرفش هايرجع امتي ، بس هو مدام اتأخر كدة يبقى أكيد بيفرج الزبون على اماكن تانية وممكن يستنى مايرجعش المكتب تاني النهاردة .
- يعني مافيش فرصة انه يرجع النهاردة؟
سألته كاميليا فكان رد الرجل بضحك :
- والله حضرتك لو عايزة انتِ والاَنسة تستنوا براحتكم ، بس انا مضمنش بقى انه يجي مدام اتأخر كدة.
تبادلت الفتاتين النظرات بإحباط ، قبل أن يغادرن بيأس .
في طريقهم للعودة للمنزل خاطبتها كاميليا :
- خلاص يازهرة ، النهاردة بكرة واحدة يعني مفرقتش .
ردت زهرة بحزن :
- لأ فرقت ، عشان انا كنت عايزة افش غلي دلوقتِ وارميهم في وشه ابن الورمة ده ، بعد ما هددني اَخر مرة انه هايفسخ عقد الشقة لو اتأخرنا أكتر من كدة .
عادت كاميليا للضحك مرة أخرى مرددة لها :
- بقيتي شرسة أوي انتِ يازهرة ومعندكيش صبر ، طب ما احنا نيجي بكرة ان شاء وبرضوا نرميهم في وشه ، زعلانة ليه بقى ؟
- زعلانة عشان هاستغلك واتعبك معايا تاني ، ماهو انا بصراحة ماينفعش انزل بالشيلة دي في الموصلات ، الواحد مايضمنش .
قالت زهرة ببعض الحرج ، وردت كاميليا بترحاب :
- ياستي استغلي براحتك وانا موافقة، هو انا جايبة العربية وبدفع اقساطها اللي بالشئ الفلاني دي كل شهر ليه بقى ؟ عشان ابات فيها مثلًا؟
- طب والمصيبة اللي على رجلي دي هاعمل فيها إيه من هنا لبكرة وانا عندي شغل بكرة الصبح .
سألتها زهرة بحيرة، أجابتها كاميليا بلهجة مطمئنة :
- يابنتي سيبيها في البيت وانا هعدي عليكي بعربيتي أخدك من الشغل على بيتكم ، تسحبي الشنطة وبعدها نروح عالسمسار على طول نخلص .
تنهدت زهرة قائلة بامتنان :
- ريحتي قلبي بكلامك ده، ربنا يريح قلبك ياكوكو وتتجوزي اللي انتِ بتحلمي بيه؟
رددت خلفها كاميليا وهي تتنهد بابتسامة حالمة :
- يارب يااختي يارب
........................
أنت تقرأ
نعيمي وجحيمها
Chick-Litفتاة متواضعة الحال لا تملك في الحياة سوى برائتها وأحلام وردية قد تكون عادية لكل الفتيات ولكن بالنسبة لها وبالنظر لظروف معيشتها الصعبة بعيدة المنال؛ وجدت نفسها فجأة محاصرة من متجبر يملك السلطة والقدرة اخضاع الغير، مع المال الذي يشتري به كل شئ، اذا ما...