_19_

202 31 0
                                    

أرغب في الاستماع لقائمة تشغيلي كما كنت أفعل في الأيام الخوالي عندما كنت أقود سيارة والدي
لكن نامجون النائم جعلني أتراجع عن الفكرة ، عدّلت مقعده ليعود للخلف قليلاً ، ينام بعمق ، شفتاه متباعدتان ،و شعره يكاد يغطي عيناه ،
هل أنا اهتمُّ به ؟
أم أنا أتصرف كآنا ، كشخصيتي و طباعي المعتادة
لن أهتمَّ بهذه الفكرة الآن .
في النهاية ...
في اللّحظة التي غادرت بها  بيت عائلتي أنا شخص جديد لديه حياة جديدة و واقع جديد
عليَّ الاعتياد على الأمر فقط .
مرّت نصف ساعة ، كان الطريق هادئ ، لا يوجد
ازدحام ، أستمتع بالفعل ، لكن الأشجار التي ترافق الطريق بدأت تعصف بها رياح قويّة بشكل مفاجئ ...
جذب سمعي صوت أنين خافت ، لأنظر لنامجون النائم في المقعد بجواري ، كان يحرّك رأسه بعشوائية ، يتمتم بصوت خافت ، و قد احتلّ العرق جبهته ، لم أعلم  ما علي فعله سوى  ركن السّيارة جانباً ، و قبل أن أحاول إيقاظه شهق مستيقظاً ينظر لي برعب لكنّه أدار وجهه بسرعة يفتح باب السيارة  ، دهشت من تصرفه لكنّني سرعان ما لحقت به ، لأتفاجأ به يتقيء بجوار الشجرة يسند يداً على جذعها و أخرى على ركبته
" نامجون.. ماذا حدث ؟"
لكنّه لم يرد يحاول تنظيم أنفاسه اقتربت منه أنظر لوجهه ، لكن صدمت بما رأيت
*الدماء تسيل من فمه *
"دعني أساعدك "
حاول رفع يده يمنعني
" أنا ... أنا .. بخير "
"نامجون.. أرجوك .. لا تكذب بهده الطريقة .. هذه دماء .. أنت لست بخير .. ماذا يحدث معك ؟"
نظر لي و كأنه يناقش نفسه حول إخباري بالأمر
" إنها .. لا أعرف بالفعل آنا "
" لنجلس بالسيارة أوّلاً ، إنَّ الطقس عاصف هنا "
أمسكت بيده أساعده للوصول إلى السيارة ، شعرت بتعبه ، شعرت به في قلبي كما تلك المرّة ، أعتقد أنَّ الأمر حقيقة ، إنّنا مرتبطان بطريقة ما ، لكن أعتقد أنّني الوحيدة الّتي أشعر بها .
ساعدته في تنظيف وجهه ، كان يبدو مشوّشاً
"هل هذه المرّة الأولى نامجون ؟"
هزَّ رأسه نافياً
".. هذه المرة ..الثانية..أعتقد"
"متى بدأ الأمر ؟"

" بعد ما استنفذ كريستوفر طاقتي المرة السابقة "
قال بصوته الضعيف العميق
يخفض رأسه بشرود
"هل يعلم أحد بالأمر ، أعني هل استشرت أحدهم ، إنَّ الأمر مقلق  ؟"
" أنت فقط من يعلم "
نظرت له و قد فرّت الكلمات مني ، إن لم يحدث الأمر أمام عيناي لم أكن لأعلم يما يمرّ ، لم أكن لأعلم حقيقة رابطتنا حتّى .
"لا أريد أن يقلق الآخرون حيال ما أمرّ به ، كل واحد منّا لديه ما يشغل باله حالياً بالفعل "
قال بحزن
جانب شخصيته الذي أودّ أن أكتشفه يظهر مرة أخرى
" لا أريد أن أعود بهذه الهيئة للمنزل ... أريد الذهاب لمكان آخر ؟"
" أين ؟"
" سأذهب وحدي "
" لا أعتقد أنني سأدعك تذهب بهذه الحالة ، أنت بالكاد واعي الآن "
كانت نظرته توحي برغبته بوجود رفقة ، و كأنّه يريد الأمر لكنه لا يطلب .
"لكنه مكاني السرّي "
"حتى لو كان مكانك السرّي ، إمّا أن تعود للمنزل معي  أو سأذهب معك ، لأنني لن أشعر بالراحة و أنا أعلم بوجودك بهذه الحالة لوحدك "
قلت بسرعة أنظر إلى الطريق أمامي و أنا أمسك المقود أشدّ عليه ، أخفّف من توتري المفاجئ
"حقّاً ؟"
هززت رأسي دون أنظر له
"حسناً"
"جيد ، أين هذا المكان السري إذاً؟"
" هنا"

قال يضع الإحداثيات ، لأقود متّجهة لذلك المكان المجهول.
كان الوضع هادئاً ، هو يناظر الطريق من نافذته ، في حين ركزت أنظاري على الطريق أمامي الذي كشفته أنوار السيارة .
وصلت لطريق مسدود ، أعني نحن بجانب الغابة ، بعيدا عن طريق المدينة و بعيدا عن أي مكان مأهول
"أين نحن الآن ؟"
"هيا لننزل هنا "
"هنا ؟!!"
"أجل المكان الذي أخبرتك عنه قريب من هنا"
نظرت له باستغراب في حين هو همَّ بالخروج من السيارة بالفعل .
خرجت أقفل السيارة ، كان يقف عند طرف الطريق
"إن المكان مظلم "
قلت بصوت خافت 
" لا عليكِ "
مدّ يده اتجاهي لأمسكها  بتردد ، أنظر إلى وجهه ..
ابتسم يحاول بثَّ الطمأنينة داخلي توهجت عيناه بنور النجوم ذاك ،
" هيا بنا "
تقدمت خطواتنا تزامناً مع هدوء الرياح الغريب و ظهور سراج اللّيل ينير الطريق أمامنا
توقفت  أراقب ما يجري حولي
" لا تقلقي ، إنّهم أصدقائي " 
"أصدقاؤك ؟"
" اكتشفت الأمر مؤخراً ، لكن نعم الطبيعة صديقتي ، الحيوانات ...الرياح... النباتات .. إنّهم فقط ... لا أعلم تربطنا علاقة ما "
" لكن كيف ؟ هل المستذئبون يمتلكون هذه القدرات في الواقع ؟"
قلت أسير برفقته
"لا فقط أنا ... أنا  ابن القمر  "
" ابن القمر ؟!"
" أنا حارس الطبيعة بشكل ما ، لذا تقوم الطبيعة بالتناغم معي "
" هل تقصد بأنك ... امم...   ابن الطبيعة و حارسها "
"تماماً"
"لديك الكثير من المسؤوليات "
" أجل "

كان سراج الليل يصل لسور منزل بسيط ، تغطيه وردة الجهنمية بأزهارها البيضاء و الأرجوانية ، يصطفُّ بقربها سراج الليل بطريقة خلّابة ، يبدو المنظر من هنا و كأنه اقتطف من الخيال البحت  .
"إنه جميل "
" شكرا  ، هيا لندخل إنّ الجوّ بارد "
قال يسرع بفتح الباب
....
كان المنزل من الداخل بسيطاً ، مطبخ يطلُّ على غرفة المعيشة المكوّنة من أريكة و تلفاز و مدفأة،  أعتقد أن البابين الآخرين يعودان لغرفة نوم و حمام أو شيء من هذا القبيل .
"سأعود حالاً"
قال متجهاً يدخل الباب المجاور للباب الرئيسي ، في حين  اقتربت أجلس على الأريكة إن الجوّ بارد بالفعل .
لكنه أتى بعد بعض الوقت وقد بدّل ملابسه  يحمل بيده بطانية سميكة
" ستحتاجينها ،...سأشعل المدفأة "
لكنّي هممت أساعده كان يبدو كجثة متحرّكة  و لاسيما تحت الأضواء بدا كل شيء أوضح
وقف أمام المدفأة و أقسم أني رأيت ارتعاشه
" هل أنت بخير؟"
قلت أضع يدي أتحسّس جبهته  الّتي بدت  حارّة بشكل غير طبيعي حتى لمستذئب أو ابن قمر لا أعرف
لكنه لم يرد على سؤالي حتى 
"تعال إلى هنا ، أعتقد أنني سألعب دور  الأم اليوم و أعتني بك "
قلت أجرّه إلى الأريكة أجعله يستلقي
" أفتقد أمّي بالفعل "
قال بأعين نصف مغلقة و بصوت مبحوح
"أعتقد أنّه عليك تخصيص بعض الوقت لزيارتها إذا "
" إنّها بعيدة جدّاً ، لا أعتقد أنني أستطيع مقابلتها  "
قالها بصوت متقطع
و بهذه الكلمات علمت أنّ والدته لم تعد في هذا العالم. 

 

THE MOONCHILD || KNJ .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن