_40_

215 31 30
                                    

تقول الأسطورة أن الثنائيات خلقوا بجسد واحد له أربع أيدي و أربع أقدام لكن تم فصلهم لجسدين ليعثر كل منهم على نصفه الآخر و يكمله و يعيشان بسعادة في الحياة
هذا ما كانت تتفوه به زميلتي في الفصل لحبيبها و هي تضع سبابتها على أنفه بغنج
أقسم أرغب بالتقيؤ الآن.
الآن أجلس وحدي أنتظر قدوم المرشد الذي سيشرف على دورة الإسعافات الأولية التي شاركت بها لأتعلم قليلا ً عن هذه الأمور ...
لا يودّ رفاقي القدوم .. الجميع مشغول بالفعل .. البعض اختار فقط البقاء في المدينة هنا و البعض الاخر اختار العودة لأهلهم لقضاء الصيف معهم ، في حين لم أجد مكاناً أعود له بالفعل فوالداي مازالا خارج البلد بسبب عمل والدي و ترقيته لذا أنا هنا
هذا اليوم الرابع تبقى يومان بالفعل و ستنتهي هذه الدورة التعليمية لكن لم أستطع حتى العثور على صديق واحد لأمضي معه الوقت  ...
خرجت من البوابة الحديدية الكبيرة أضع سماعاتي لأمشي في ظل الأشجار متجنّبة حرّ الصيف القاتل ..
لكنني ضعت في أفكاري
لقد مر الفصل الأول من هذه السنة الدراسية و كان معدلي ممتازاً بالفعل .. في بعض الأحيان أشكّ في أنني قد قدمت تلك الامتحانات.. لا أعلم كل ذكرياتي عنها ضبابية بالفعل و كأنها مرت في لمح البصر .. حتى سفر والداي .. تخبرني أمي أنني أصريت على البقاء هنا و ذهبت لأودعهم مع بعض الأصدقاء ...
كل شيء يبدو فقط كحلم بالنسبة لي ..
لكن أعتقد أنها فقط أنا .. من ميزات شخصيتي التي أحياناً أكرهها أنني أنسى الاشياء التي ترهقني و أكبتها على الرغم من أن هذه الأشياء تعود عليّ بألم معدة شرس في النهاية لكن نعم أنسى بسرعة...
لكن هذا الفصل الدراسي كان مؤلماً بطريقة أخرى
هل تعلم ذلك الشعور عندما تستيقظ و تجد نفسك غارقاً في المطر فقط تشعر أن الجميع يحظون بيومهم المشمس إلا أنك عالق ..
حاولت بجهد التركيز على دراستي و توطيد علاقاتي مع رفاقي لتجاوز الأمر لكن في نقطة ما شعرت أنني شخص لا يشكل فرقاً لتلك المجموعة من الرفاق .. الجميع انتقى لنفسه شريكاً و بقيت وحدي كعجلة إضافية .. و عدت لعادتي القديمة و التي أتمنى أنني لم أتخلى عنها يوماً و هي ملء حياتي بأخبار فرقتي الموسيقية المفضلة و أفلامي التي أحبها .. الرسم أحياناً أخرى فقط أي شيء يبعدني عن التواصل مع البشر القريبين ... الذين لم يشعروا بحزني و وحدتي ..و تخطيت تلك الأيام وحدي و ها أنا هنا وحدي ..
صدقني لا يزعجني الأمر كثيراً أعني لقد أعتدت عليه منذ زمن طويل .. لست بفتاة تطمح برجل بل فتاة تطمح بمستقبل زاهر لذا دائماً ما أضبط نفسي و عقلي بالابتعاد عن البشر و كلامهم العبثي المؤذي هكذا ..
لكن مازال هنالك هذا الشعور في قلبي و كأنني أضعت شيئاً ... أو أضعت المفتاح الخاص بسعادتي
إن الأمر مرهق لي .. مرهق لتفكيري و قلبي و أحاول تجاوز الأمر بمفردي لكنني أشعر أنني فقط لا أستطيع التحرر و لا أعرف السبب....
وصلت للمنزل كانت الساعة تقارب الحادية عشر صباحاً .. لكن  أشعر بالنعاس بالفعل
ذلك الكابوس الشنيع الذي أراه من فترة لأخرى قد أرهقني ليلة أمس ..
فتحت باب غرفتي أرمي جسدي المنهك على الفراش بإهمال أناظر سقف غرفتي ..
هذا الكابوس المريب الذي يزورني كل فترة بتّ أراه كثيراً مؤخراً .. لكن عندما أفتح عيناي يصعب تذكر أي تفصيلة عنه فقط وجوه ضبابية و مشاعر متخبطة إلا أن الليلة الماضية كان الأمر مرعباً استيقظت في الثالثة صباحاً أرتجف خوفا ً مشهد الجسد المشوه و الدماء التي ملأت المكان الظلام المربك و صرخاتي المكبوتة في ذلك الكابوس الجهنمي.. لم أستطع النوم بعدها .. فقط أعانق نفسي محاولة تجاهل ذلك الشعور الرهيب لرؤية هكذا حلم و بتلك الواقعية .. لا أكذب ذرفت بضعة دموع أيضاً.
..........
قضيت مساء ذلك اليوم و أنا أشاهد إحدى الحفلات المسربة لفرقتي التي أحبها بعد أن عدت من العمل في المقهى
هاتفي كالعادة خالي من الاشعارات أو المكالمات
لكن لم أعد أهتم
...
عيناه .. ابتسامته .. ملابسه البيضاء
شعره الأسود الذي تعبث به الرياح المحملة ببتلات الورود البنفسجية التي تحيط بنا
أتقدم منه أشعر بابتسامتي تكبر أكثر
لم أراه هو ؟
لم لا أتذكر ملامحه عندما استيقظ ؟
هل هو من نسج خيالي فقط
لم أشعر بالراحة لرؤيته
من هو يا ترى ؟
أتقدم منه و كل تلك الأسئلة تشغل تفكيري

THE MOONCHILD || KNJ .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن