الفصل الخامس والعشرون: فكرة إضافية:

73 3 0
                                    

الفصل الخامس والعشرون: فكرة إضافية:

اتجهت هدى مع رمزي للمشفى: أنا هدى.

أرته أوراقها الرسمية التي تثبت أنها ضابطة: أعمل على هذي القضية.

قرأ الطبيب المسؤول عن أشرف: ضابطة. هذا مثير للإعجاب.

اختصرت هدى الكلام: أها، شكراً. المهم الآن... أسيكون على ما يرام؟ أعني المريض أشرف.

أجاب الطبيب: لا يمكننا القول بأنه سيكون بأفضل حال. بعض وظائف مخه قد تتأثر. الرصاصة أصابت كتفه لذا فهي لم تكن قاتلة.

عقب رمزي على هذي الجزئية: حمداً لله. لم ينزف كثيراً من الرصاصة، أليس كذلك؟

هز الطبيب رأسه نافياً: لا. المسمار تسبب بانكسار في الجمجمة. انغرازه كان كمن دق المسمار بالمطرقة على رأسه.

سألت هدى بقلق: هل سينجو؟

أومأ برأسه: أجل بإذن الله. احتمالية نجاته كبيرة. فقط...

حركت هدى رأسها للجهة اليسرى بحزن: أفهم. وظائف مخه قد تتأثر...

التفتت للطبيب: سؤالي هو: هل سيتذكر معلومات مهمة تخص القضية أو قضايا أخرى؟ تعلم أنه منهم وأنه كان ضابط شرطة لذا فلديه معلومات نحتاجها.

فكر الطبيب قليلاً: ربما تعود إليه الذكريات. وربما يحتاج وقتاً ليستعيدها. وربما لا تعود البتة مهما انتظرنا. أنا آسف لأن ليس بإمكاننا كأطباء فعل أكثر من مجرد إنقاذ ما يمكن إنقاذه وترميم ما يمكن ترميمه... إلى الآن قدرات الطب محدودة. برغم كل ما توصلنا إليه إلا أن لدينا حدود للأسف.

تفهمت هدى: ليس ذنبكم. تبذلون ما بوسعكم. فقط أتمنى أن تبذلوا وسعكم مع كل الحالات حتى التي لا تملك المال أيضاً...

صعق كلامها الطبيب: ماذا؟

قال رمزي وهو مقطب حاجبيه: وردتنا شكاوى من أن مشفى آخر لا يعالج المرضى. ربما مشفاكم لا يفعل هذا ولكن رغماً عنا نشعر ببعض الغضب تجاه الأطباء. 

قال الطبيب: أفهم الأمر. هناك أطباء عديمو الضمير فعلاً. يسعون وراء المال فحسب ولا يهتمون بحياة المرضى. أهناك شيء آخر؟ عليّ متابعة مرضى آخرين.

ردت هدى: لا. شكراً.

خرجت مع رمزي بعد أن ألقت نظرة سريعة على أشرف: عدنا تقريباً صفر اليدين. هو على قيد الحياة ولكنه مهدد بالقتل وفقدان بعض قدراته العقلية.

حاول رمزي التخفيف عنها: ولكن ما اتفقنا عليه لا زال سارياً، صحيح؟

تذكرت هدى: ما اتفقنا عليه...

وجهت بؤبؤي عينيها تجاه رمزي: علمتُ كيف يمكنك مساعدتي!

سألها رمزي المتحمس: كيف؟

أجابت: راقب أشرف! بين الفينة والأخرى يمكنك أن تلقي نظرة عليه لتتأكد من أن القاتل لن يذهب ليتخلص منه. وإذا ما رأيت القاتل في المشفى، أخبرني في الحال. لا تراقبه طوال الوقت حتى لا يشك أحد في أمرنا كونها قضية نحقق فيها خارج عداد مهامنا.

افترت شفتا رمزي: حسناً! عُلِمَ ويُنَفَّذ. هيا نذهب للمشفى لنلقي نظرة عليه.

عادت هدى للواقع: أجل... قد يكون أمراً غير مهم لأن أشرف بطاقة محترقة بعض الشيء بسبب ما ألم به، ولكن يمكنك على الأقل مراقبته لتصور القاتل وتسجل له وهو يقتل أشرف! قد تكون هذي هي الطريقة الوحيدة للإيقاع به. لم أجد له أي خطأ آخر عدا قتله لأخوي.

ابتسم رمزي: حاضر. سأقف بجانبك دوماً وأساعدك في القبض على ذاك المجرم.

ربتت على كتفه: وهذا ما أتوقعه من شخص محترم لطيف مثلك.

أحرجته هدى بإطرائها: شكراً لك. أنتِ من يثق بي ويحسن معاملتي. لن أسيء معاملة ذاتي بعد الآن! أثق أني سأساعدك في الإمساك بالمجرم. أنا بالفعل لدي مهارات في التصوير فقد تدربتُ عليه في حال لم يتم قبولي بكلية الشرطة. قررتُ العمل إما ضابطاً وإما مصوراً ألتقط اللحظات السعيدة للأشخاص حتى لو لم أعشها أنا.

حدقت هدى فيه لبعض الوقت: أنا وأنت متشابهان كثيراً يا رمزي. أحمي الناس لئلا يمروا بما مررتُ به. ببادئ الأمر لم أهتم لحماية ولا لإنقاذ الناس بنسبة ٩٠٪ ولكن رغماً عني صارت نسبة عدم اهتمامي ٧٠٪ أي أني الآن أهتم بنسبة ٣٠٪ بدلاً من ١٠٪. أردتُ أن أقول إنها صارت ٦٠٪ إلا أن قلبي رفض أن أقول هذا. بصراحة، قبل أن أعرف هوية القاتل، فكرتُ بترك الشرطة. فقدتُ شغفي وقتها... إلى أن وجدتُ تلك الأدلة! كأنها علامة من الكون أن عليّ المتابعة بطريقي لأني أوشكتُ على تحقيق ما أصبو إليه ألا وهو الانتقام. بعد تركي لكلية الشرطة قررتُ العمل كمستشارة قانونية بأحد الشركات فأنا لا أهتم بالعمل كمحامية إلا بدرجة قليلة. كيف يمكنني جلب حق الناس وأنا لم أجلب حق أخوي بعد؟

أنصت رمزي لها بعناية: الإضاءة هنا جيدة بفضل هذا المحل. سألتقط لك صورة. ابتسمي.

التقط الصورة وأراها إياها: ما رأيك؟ هاتفي ليس أفضل هاتف ولكن آلة التصوير الاخترافية بمنزلي. لدي آلة تصوير صوراً وأخرى لمقاطع الڤيديو وبها مكبر صوت ليمكنني من التقاط الصوت من مسافة بعيدة بعض الشيء.

مازحته هدى: الصورة جميلة. ألم يخطر ببالك العمل كمصور سينمائي؟

رفض في الحال: أنا أحب التصوير السينمائي ولكن الكثير من الأفلام في الآونة الأخيرة تحتوي على أشياء أشعر أنها ستدنس عدسة الكَمِرَة! تعرفين قصدي...

قالت مؤكدة كلامه: أفهم. أجل، الكثير من القضايا التي تردنا هي بسبب من يقلدون هذه الأفلام والمسلسلات السفيهة المبتذلة بألفاظها السوقية. الكثيرون في الشارع الآن يتحدثون كقطاع الطرق وكأنها نبرة جيدة بطريقة نطقهم التي تشعرني أنهم يتحدثون بمسامير وحشيات بأفواههم.

ضحك رمزي: أعجبني تعبيرك. أتفق معك بشدة. فهمت الآن فيما نحن متشابهان.

خطرت ببالعا فكرة: إذاً، لا تنسَ أن تحمل كمرتك أو هاتفك لتصور به في أثناء مراقبتك من يزور أشرف.

أدى التحية: فكرة رائعة. عُلِم! هذا قد يكون الحل الأفضل لأني حتى لو اتصلتُ لتنبيهكِ فلن تأتِ في الوقت المناسب فقد تكونين بمكان بعيد. لذا فسأصور ما يفعله به ثم أنبه الأطباء لأنقذه في اللحظة الأخيرة.

ودعته هدى: أها. طابت ليلتك إذاً.

لوح بيده لها: طابت ليلتك.

الضابطة هدى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن