الفصل السادس: قرار نهائي:

1.7K 83 0
                                    

الفصل السادس: قرار نهائي:
لم تتذكر هدى الكثير مما حدث، الذكرى محفورة في ذاكرتها ولكن بشكل مبهم قليلًا بسبب الصدمة. ما قاله أحمد في التحقيق هو أن هدى أنقذته ومن ثم أنقذها هو. الطلقة التي أطلقها أحمد أصابت أعلى رأس المجرم وجرحته فقط ولم تقتله. في الطريق للمستشفى؛ انتحر بسم في خاتمه، ولكن لسوء الحظ فالعصابة لم تجتمع بالكامل في هذا البيت؛ لذا فهم ما يزالون أحراراً. عودة للأحداث، بالكاد تحدثت هدى إلى تاليا قبل موتها على يديها في البيت بعدما ركضت إلى تاليا وسامر لتطمئن عليهما. نظرت تاليا نظرة متعبة ومن ثم تبدلت لنظرة خائفة مختلطة بالغضب والحذر وكأنها رأت شيئًا خلف هدى. التفتت هدى خلفها ولكنها لم تجد شيئاً. همست تاليا قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة: "احذري... احذري من..." ماتت تاليا فبكت هدى وصرخت حزنًا. قال أحمد الذي تلقى طلقة غادرة في ظهره، وعندما التفت تلقى طلقات متتالية في صدره وبطنه: "خيانة... آه." قالت هدى من بين دموعها: أجل... ذاك الوغد الخائن... أطلق النار على ظهرك مستغلاً أنك تريد الاطمئنان على تاليا. أفراد العصابة أوغاد ومجرمون يجب إبادتهم جميعاً ليرتاح البشر منهم!!!
اضطرب تنفس سامر ولم يستطع قول شيء. زحف أحمد المتألم بعد معركة مع المجرم ورصاصة بذراعه اليسرى. بكى أحمد الذي بدا أنه فقد الوعي لبعض الوقت بعد إطلاقه النار على المجرم لشدة تألمه. اقترب أحمد وهو يبكي من سامر: صديقي العزيز، لا لا أخي!! كيف يحدث هذا لك ولماذا؟ لأنك أديتَ واجبك على أكمل وجه؟؟ ليس عدلًا يا صديقي... وتاليا حبيبتي كذلك رحلت! لماذا؟؟ لا يمكن أن تموت يا صاحبي! لا يمكن... ألا يمكنك التماسك قليلاً يا صديقي؟
حاول سامر أن يقول شيئاً لهدى ولكن لم يستطع إلا أن يقول: "اعتني بنفسك بعد رحيلنا."  
صرخت هدى وكادت تفقد وعيها إلا أن أحمد ساعدها على التماسك. شكرها القائد على مساعدتها لهم على اقتحام الموقع وتقليل عدد الضحايا. لم يمت سوى أخويها فقط مع بعض الإصابات في أفراد الشرطة وهذا رقم قياسي. قدر القائد صدمتها وشجاعتها وإقدامها وتهورها وقرر منحها وسام الشجاعة. قالت هدى: أعلم ألا قسم بكلية الشرطة للفتيات. لذا سأنتسب لكلية الحقوق بدلاً من العلوم. ولكن عدني أنني بعد تخرجي سأنتسب لأكاديمية الشرطة وسوف تستثنيني وتسمح لي بالعمل في المباحث!
تردد القائد ولكنه رضخ في النهاية مقدراً غضبها ظاناً أنها ستستسلم وستنسى كل ذلك بعدما تعتاد هذا الألم. قدمت أوراق التحويل لكلية الحقوق وحملت وسام الشجاعة ووقفت أمام المرآة بغرفة والديها وتحدثت قائلة واضعة هاتفها المحمول على أذنها: شكراً على تنبيهي. للأسف لم أستطع إنقاذهما... لقد أصيبا قبل أن آتي.
قالت المرآة اذهبي لغرفتك للتحدث معي بحرية أكثر بدلاً من التظاهر بالحديث في الهاتف. يمكنني التحدث إليكِ من أية مرآة طالما رسمتِ ذاك الرمز سابقاً.
ذهبت هدى لغرفتها للتحدث مع المرآة وتبدلت نبرتها من البرود للحزن والبكاء: دللتني على استخدام كرة الهدم. رأيتُ ما يشبه ضوءًا أبيض لامعًا جذب عيني في اتجاه الكرة. ولكن لماذا؟ لماذا لم تدليني على طريقة لأنقذهما بها؟؟ ما الذي استفدتُه بحملي لهذا الوسام الغبي؟ ها؟ من أردتُ إنقاذهما ماتا، ومن لم أهتم بهم هم من أنقذتهم! لم أرد أن أصير بطلة، فقط أردتُ إنقاذ حليفيّ الوحيدين بهذا العالم... استمرا بشراء دفاتر الرسم لي لأرسم شخصيات الأنمي التي أحبها بالرغم من تمزيق والديّ لها باستمرار. لقد نسيتُ أني أستطيع الرسم في الواقع بسببهما. أخواي ادخرا مصروفهما واشتريا لي بضاعة الأنمي من مواقع على الشبكة العنكبوتية من الخارج لكي يسعداني. لم يكن لي صديقات بسبب حبي للأنمي، هما صديقاي الوحيدان بل كانا... صديقيّ الوحيدين والآن ذهبا! من تبقى لي بهذا المنزل؟ لا أحد عدا عن أبوين يتمنيان لو مت أنا بدل أخويّ ويعدانني عبئاً ومثاراً للعار والسخرية وكأنني أفعل شيئاً محرماً أو عيباً لحبي مشاهدة الرسوم المتحركة. لا أفهم ما هذا المنطق الغبي الظالم؟ من يشاهدون أشياء تافهة محرمة كالأفلام الإباحية مع التدخين والمخدرات وغيرها من الأشياء لا يسخر منهم أحد مثلما يسخر منا الناس! إنها رسوم جميلة لا عيب فيها... ليس عدلًا أن يموتا أمام عيني من دون أن أفعل شيئاً. ليس عدلًا ألا أموت معهما... سأقولها لأول مرة: أنا أكره أسرتي بأكملها متضمنة والدي ووالدتي، عدا سامر وتاليا. عاملاني بلطف شديد وأحباني لذلك تعلقتُ بهما وكأنهما والداي. والآن بعدما رحلا يريد والداي أن يتابعا تحكمهما بي ولكن بشكل محكم أكثر بحجة خوفهما من فقداني مع تاليا وسامر.
قالت المرآة: أفهمكِ ولكن... احذري أحدهم على وشك دخول الغرفة!
التفتت هدى للخلف لتجد والديها وقد دخلا غرفتها ويسألانها: مع من تتحدثين؟

#الضابطة_هدى

#رواية

#إسراء_نوريكو

الضابطة هدى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن