صعدت "سيادة" و الفتاتان لشقتهم و كذلك فعل كل من "عصام" و زوجته و ولده "عبدالله" و "ممدوح" و زوجته.
دلفت "رجاء" إلى بيتها بملامح وجه يكسوها الإجهاد و الإرهاق من ما قامت به من مجهودات في منزل والد زوجها ، و بقلب محطم من ما عرفته من خيانة زوجها لها التي لا تستطيع إدراكها حتى الآن، تكاد تنهار في كل مرة تتذكر فيها حديثه و نبرته التي كان يتحدث بها و كلماته المعسولة التي ظنت بأنه خصها بها هي فقط دونا عن غيرها ، و لكن هيهات كل ما ظنته قد ذهب في مهب ريح و زوجها المصون بات يسكن في قلبه غيرها.
بعد أن أُغلق عليهم باب المنزل دلف "ممدوح" إلى غرفة مكتبه دون أن ينطق بكلمة واحدة و دخلت هي إلى غرفة نومهما لا تريد أن تنصاع لفضولها و تتجسس عليه خلسة و هو في مكتبه حتى لا تسمع ما يطعن جروحها أكثر، فهي على يقين بأنه يُحادث غيرها الآن، تركت أفكارها جانبا ثم توجهت نحو خزانتها أخرجت منها ملابس بيتية مُريحة و جلست أمام المرآة تمشط خصلاتها التي تخللها القليل من الشيب ، تركت المشط ثم مررت أناملها على وجهها و على بعض التجاعيد التي أخذت مستقرها على بشرتها و أثناء تأملها لملامحها في المرآة وجدت نفسها تخلق محادثة وهمية مع صورتها في المرآة كأنها قُسمت إلى شخصين الأول جاحد لا يهتم بمشاعرها و الثاني ضعيف لا يفعل شئ سوا البكاء على الأطلال و على ما ألت إليه.
_ أكيد أحلى و أصغر منك علشان كده سابك و بص برا ،بصي شعرك بقى ابيض ازاي و وشك ملاه تجاعيد كأنك عندك ٩٠ سنة طبعا التانية اكيد حطاله الأخضر و الأحمر و عملاه في نفسها البِدع.
رد صوت أخر بكبرياء في عقلها على حديثها الباطن :أنا متقارنش بحد ، ازاي انا الست المحترمة اللي محفظاله على بيته و بنته أقارن نفسي بواحدة رخيصة يا عالم عرفها منين بس اكيد طالما قِبلت إنها تكون مع راجل متجوز إنها ست مش محترمة و متتقارنش بيا مهما حصل.
ليعود لها الصوت المتحدث في بادئ الأمر قائلا بتشف كأنه عدوها: طيب خلي كبريائك ينفعك و لما تجبله الواد اللي نفسه فيه و ينساكي انتي و بنتك هتعرفي إن الله حق.عند تلك النقطة و لم تقوى على الإستمرار في الإستماع لتلك الأصوات، وجهها جامد الملامح مازالت تنظر لنفسها في المرآة و عقلها يخلق محادثات تعنفها و تؤنبها من تلقاء نفسه ، كادت أن تجن عندما أخذها تفكيرها لذلك المنعطف، وضعت كفيها على أُذنيها لعلها تخمد ذلك التفكير اللعين حتى نطقت بخفوت: بس كفاية!
عقب نطقها بتلك الجملة دلف "ممدوح" للغرفة و عيناه مثبتة عليها ، نظرة تعلمها جيدا و تعلم ما يأتي بعدها ، كان يقترب منها أثناء جلوسها أمام المرآة، بينما هي حاولت إلهاء نفسها عنه و أخذت تقوم بربط شعرها و لكن يده كانت أسرع منها حيث منعها عن إكمال ما تفعل قائلا بنبرة هادئة رقيقة: خليه يا رجاء انا بحبه و هو سايب.
ابعدت يده عنها بحنق: و أنا مش بحب أسيبه يا ممدوح أنا مرتاحة كده و بعد اذنك سيبني علشان تعبانة و عايزة أنام.
أنت تقرأ
أهل و لكن.
Romantizmذلك الواقع الأليم الذي نحاول جاهدين أن ننجُ منه ربما هو إختبار يجب علينا أن نسعى لجتيازه. و تلك المواقف التي نتعرض لها ربما هي وسيلة لزوال أقنعة كل من حولنا لنعرف كل شخص على حقيقته. و هؤلاء الأشخاص الذين يُلقبون بالأهل أو الأحباب أو الأصدقاء ربما كل...