٧: بداية

661 48 4
                                    

كان يرقد كما هو في غرفته  في المشفى يقرأ إحدى الكتب و هو يكاد يموت مللا من بقاؤه هنا بين الأطباء و عمليات التجميل التي حسنت شكله بنسبه كبيرة و جعلته أفضل من ذي قبل و العلاج الطبيعي الذي بالكاد جعله يستطيع أن يتحرك بعد أن تيبست عضلاته من قلة الحركة أثناء فترة غيبوبته، سمع صوت طرق على الباب و من صوت الطَرق إستطاع تحديد هاوية الطارق إبتسم بيأس ثم أذن له بالدلوف.
دخل "مروان" بمرحه المعتاد موجها حديثه ل "ادهم": صباح الفل يا دوما
ضحك قائلا: يا بني ايه دوما دي هو انت خطيبتي.
_ بدلعك يا جدع هو حد يلاقي الدلع و ميدلعش

ضحكا سويا على حديثه ثم سأل "ادهم": أستاذ صابر اخباره ايه؟
_ كويس الحمد لله ، شد حيلك بقى علشان هو نفسه يشوفك كويس.
إبتسم له بتأثر: أنا مش عارف أقولكوا انا ربنا بيحبني علشان كرمني بناس زيكوا يا مروان.
_ بس بقى يا دوما علشان انا دمعتي قريبة و بتأثر من مشاعرك المرهفة دي.
قذفه " أدهم" بالوسادة و هو يسبه بينما الأخر يضحك بقوة على هيئته.

****************
ستة أشهر مرت في مهب الريح ، كانت ذات تأثير على الجميع و بالأخص "ليلى" التي تحسنت بصورة كبيرة بفضل جلسات الطبيب و تلك التمرينات التي باتت روتين يومها؛ كي تقضي على ذلك التلعثم، و بالفعل شعرت أخيرا بقوتها في التغلب على تعثر حروفها ، و ذلك ما كان ملحوظا أمام الجميع و بالطبع لم تسلم من إستهزاء بنات "سيادة" و لكنها لم تكترث لهم ،حيث إنشغلت في المذاكرة بسبب إقتراب موعد الإختبارات النهائية لذلك العام ، و أيضا بحثها عن عمل تستطيع الحصول عليه في العطلة كي تنمي لغة التواصل مع الأخرين كما حثها طبيبها مسبقا.

أما عن "ياسين" ففي الآونة الأخيرة كان تفكيره في نتيجة إختبارات المنحة شاغل حيز كبير من يومه ، توتر و قلق ملازمانه كلما جال تفكيره نحو النتيجة النهائية، و لكن عندما تجد من يطمئنك و يبث فيك القوة و الإصرار بالرغم من ضعفه ، ربما ذلك ما كنت ستحتاجه في تلك الأيام
هذا هو حاله مع "ضحى" تلك الرقيقة التي قلبت كيانه منذ أخر لقاء بينهما ، لم تتحدث له كثيرا بعدها سوى بكلمات تُعد على الأصابع ، و لكنها كانت ذات تأثير قوي عليه، مجرد كلمة تشجيع واحدة منها تجعل طاقته تتجدد ، كلما إبتعدت شعر هو بجاذبية كبيرة نحوها ، كلما رأها رغب في معرفتها أكثر و لكنها حقا صعبة المنال، فهي لا تدع لأحد فرصة للتحدث معها خارج نطاق العمل أو التطاول معها في الحديث في أي موضوعات جانبية ، و ذلك ما أعجبه بها بالرغم من أن تلك العادة التي تتحلى بها تعد عقبة أمامه للتعرف عليها أكثر ، و لكنها تزيد من جمالها و عفته في عيناه.

***********
في عروس البحر الأبيض المتوسط، بالتحديد في قصر "آل راغب" كان الجميع يعملون بهمة و سرعة إستعدادا لإستقبال "أدهم" بعد ما علموا جميع صباح اليوم بخروجه سالما معافى من المشفى ، بعد مكوثة ستة أشهر أخرى فيها، بين جلسات علاج طبيعي و عمليات تجميل في مناطق عدة في جسده ليستعيد هيئته الآدمية بدون تشوهات ، و لكن لم تأخذ ذاكرته خطوة واحدة في طريق تذكر أي شيء ، فهو في تلك الفترة لم يسعى سوى للتعافي جسديا لكي يستطيع الوقوف على قدميه حتي يبدأ رحلته في الإستذكار.

أهل و لكن.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن