سماء قرمزية

22 5 3
                                    

عندما فتح باولو عينيه، استقبلته مشاهد خيالية لا يمكن وصف جمالها وغرابتها. كان مستلقياً على رمال ذهبية ناعمة تمتد إلى ما لا نهاية، بينما كان البحر أمامه يتلألأ باللون الوردي الداكن كأنه يحتوي على ملايين الأحجار الكريمة. وفي وسط هذا البحر الساحر كان هناك قارب حطبي صغير يتدلى بهدوء، مدعوماً بأعمدة بيضاء. وخلف كل هذا كانت تمتد الجبال الصفراء إلى الأفق بكل روعتها وسحرها، لفت أنتباهه كوكب أزرق في السماء يحوم حوله كوكبين صغيرين وراء غيوم قرمزية اللون، يلتفت خلفه ليجد جمال الطبيعة الخيالية وألوانها النادرة، الأشجار البنفسجية يتراقص من رياح الموسمية، عشب أزرق اللون يملئه ورود بيضاء اللون.

يلتفت مرة آخر إلى البحر ليلاحظ شخص ينهض من على القارب ويلتفت يمينه وشماله وهو أيضاً مذهول مثله بالجمال المنظر، هرع باولو إلى بين الأشجار ليختفي من تحت أنظار الشخص الواقف على متن القارب، لأنه لا يعرفه بعد.

وبدأ باولو يراقب الشخص وقاربه يقترب من الشاطئ وينزل على الجزيرة، رجل جمل المنظر لابس معطف أسود اللون لديه لحية خفيفة، شعره المجعد ولكن بطريقة جميلة، أصبح لباولو ضيف غريب على الجزيرة، ولكن هل هم لوحدهم، لا يعرف، ولكن لم يرد باولو الأختلاط معه بهذا السرعة، بل قرر أن يراقبه أولاً ويراقب تصرفاته، هل هو سفاح ام شخص ودود، من ملامح يتبين أنو شحص لطيف ولكن من طريقة لبسه يبدو كسفاح متسلل.

حينما حل الليل، شاهد باولو منظراً خلاباً لم يراه من قبل. إنه ليل بألوان مختلفة، حيث يغمر اللون الأزرق الجميل كل شيء وينسجم بشكل مثالي مع ظلام الليل. وعلى الرغم من عدم وجود أي مصدر للإضاءة، فإن باولو كان قادراً على رؤية الأشياء من حوله بفضل نجوم زرقاء لامعة تنثر الضوء في كل مكان. لم يكن هناك أي قمر في السماء، ولكن النجوم الزرقاء اللامعة كانت كافية لإنارة المكان وجعلت باولو يرى الأشياء من حوله بوضوح.

جمال المنظر أنساه مراقبة الضيف الغريب، لكن عثر على الضيف نائماً بجانب شجرة، حاول الاقتراب منه لكن تفاجأ بشيء يتحرك بسرعة خلفه، فالتفت لكن لم يجد شيئاً، ولم يُبالِ بذلك وعاد لمراقبة الشخص. وفي ذلك الحين، سمع صوت خطوات تتجه نحوه ببطء من خلفه، فالتفت باولو ولم يجد شيئاً، ولكنه تفاجئ بشخص يقف أمامه مباشرة، رجل غامض يملئه الغموض، يتميز بملامح أنكليزية باردة وطريقة لبس فيكتورية قديمة.

أحس باولو بقوة غريبة تغمر المكان من حوله وأحس بتأثير القوة على جسده، شعر بضيق النفس وتسارع دقات القلب، لا يعرف السبب ولكن يحاول التحكم بنفسه ويتكلم مع الرجل بكل هدوء.
يسأله باولو في حيرة : من أنت؟
يجيب الرجل: مالكوث
هنا أحس باولو وكأنه يعرف هذا الأسم ولكن ذاكرته اللعينة لا تساعده،
يرد الرجل جملة قبل أن يغادر وييذهب: خذ صديقك وغادرو المكان.
يصيح باولو: ولكن لماذا

غمغم مالكوث وألتفت وتقدم نحو باولو وأجابه بنبرة نرجسية: لقد سأمت من جنس البشري ولا أتلهف بضيافتكم بعد الآن كما كنت أتلهف إليه في الماضي، البشر كائنات مقرفة.
باولو بنبرة هادئة: كيف؟
لا تطلي الحديث معي وخذ صديقك وغادر المكان، معكم سبع دقائق فقط'' قالها مالكوث بنبرة تهديدية
هنا أنتاب باولو الحيرة وقال: من صديقي؟ فأنا لوحدي هنا
أشار مالكوث بنظراته نحو الشخص المستلقي جنب الشجرة وقال: هذاك
ليرد باولو وهو في حالة حيرة: ولكني لا أعرفه
يتحرك مالكوث من مكانه ويكمل سيره وقبل أن يختفي بين ظلال الأشجار صاح: صديقك ديفيد

هذا الجملة كانت كفيلة بأن يجعل الذكريات يتسرب لعقل باولو ويدرك إين هو الآن وأكثر مشهد ضلت عالقة في ذهنه مشهد سماء قرمزية.

سماء قرمزية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن