شاطئ الأبيض

7 4 1
                                    

ديفيد فتح عينيه ببطء، بدأ يرى بشكل بطيء بسبب سطوع الشمس الذي ينعكس على البحر، يرى سماء زرقاء صافية وشاطئاً بيضاء رملية، والماء الزرقاء يتلاطم بلطف على الشاطئ، كان الجو مشمساً ودافئاً، ولم يكن هناك أي صوت غير صوت الموج يلتقطه الرياح.

في البداية، شعر ديفيد بالذهول والدهشة، ثم شعر بالقلق والخوف، ولكن بمجرد أن التفت إلى الجانب، شاهد المرأة ذات الشعر الذهبي الذي كان يمسك بيد طفل صغير، والذي كان ينظرون إلى البحر بدهشة.

التفتت المرأة لديفيد وابتسمت بدفء، ورجعت تراقب البحر، أقترب ديفيد منها بخطوات هادئة، ألتفت المرأة "أهلاً بك،" قالت بصوت طيب وودود. "أنت في مكان جميل، أليس كذلك؟"

ديفيد لم يستطع إلا أن يومئ برأسه، لا يزال يحاول فهم ما يحدث. "أين أنا؟ وكيف وصلت إلى هنا؟"

"أنت في عالمي، ولطالما كان هذا المكان ملاذي الخاص،" أجابت المرأة وهي تبتسم. "أنا مادلين، وهذا الطفل هو ابني كوستا.

"أنا ديفيد،" أجاب ديفيد بصوت ضعيف.

"أعرف ذلك" قالت مادلين بابتسامة ودودة. "أنت تحتاج إلى الراحة الآن، وبعد ذلك يمكنك الانضمام إلينا في استكشاف هذا المكان الجميل. هل تريد أن تأخذ بعض الوقت لتسترخي؟"

''ماذا تعرفين؟، قال ديفيد بصوت هادئ
''استرخي قليلاً فأن ذلك يأخذ بعض من الوقت'' قالت مادلين وهي تبتسم
ديفيد عينا منغلقان تقريباً قائلاً: ما هو الذي يأخذ بعض من الوقت؟

باولو داخلاً مقاطعاً لحديثهم: ديفيد أنت في عالم النور والظلام،
لم يستوعب ديفيد بعد، فأخرج باولو قطعة المملحة من جيب معطفه وحجر من جيب الآخر، وكسر المملحة، ليتناثر الملح و الزجاج أمام ديفيد.

فجأة صاح ديفيد: مادلين... عزيزتي، وارتمى في حضنها بكل عواطفه، وكأنما كان يحتضن حياته بأكملها، ولم يبقَ له سوى هذه اللحظة الممتعة والمليئة بالحب والدفء، كان يشعر بالأمان والراحة وهو يلامس بيديه شعرها الناعم ودفئ جسدها.

إين كنت يا عزيزي كل هذا السنوات؟ ألم تشتاق إلي لتزورني لو لمرة على الأقل، أليس في مدينتكم ليل؟،، يقولها مادلين وعينيها مليئة بالدموع.

ماذا تقولين يا عزيزتي مادلين ها أنا ذا بين أحضانك ولن أفارقك بعد اليوم.

ولكن أين كنت ولماذا تأخرت، لا يغرونك بعالمهم الزائف، هذا العالم هو عالم الحقيقي، لا تذهب بعد الآن.

مادلين...مادلين، ديفيد مقاطعاً لحديثها: أين كوستا؟
لقد ذهب إلى المدرسة'' يجاوبه مادلين وهي مبتسمة،
ديفيد قائلاً وعلى ملامحه الحيرة''ولكن اليوم هو السبت''
ليس في عالمي'' يجيبه مادلين مع ابتسامة ودودة وخبيثة نوعاً ما

"لاحظ ديفيد شيئاً يتحرك في وسط البحر وعلى الفور التفت إلى مادلين وسألها بقلق: "أين طفلنا؟ أين كوستا؟"
عزيزي لقد أخبرتك، ذهب إلى المدرسة

ديفيد...ديفيد... يصيح باولو
يلتفت ديفيد لباولو، باولو بنبرة هادئة وقلقة هيا لنعد إلى الوطن، ليهمس مادلين باللطف في أذن ديفيد: لا تذهب، سوف نعيش هنا بسعادة بعيداً عن عالمهم.

ديفيد بعدما لاحظ غرابة الموقف قائلاً: لا يمكن، يجب أن نخرج من هذا العالم.
اكتمت مادلين غضبها وابتعدت قليلاً: لقد أخبرتك لن أترك هذا العالم.
آسف يا عزيزتي، يرد ديفيد بنبرة توسل: لم أقصد إغضابك يا عزيزتي، ولكن هذا العالم الذي تعيشين فيه قد يكون مختلفًا عن العالم الذي أنا عليه، ولم أكن أتوقع أن أواجه مثل هذه الظروف قبل قدومي إلى هنا، أرجوكِ، فالنعد معاً للخروج من هذا العالم
مادلين بنبرة حادة: لقد أخبرتك لن نذهب إلى أي مكان آخر

وفجأة، تسللت غيوم سوداء إلى السماء وغضّت على لونها الأزرق، وحجبت الشمس، وصوت الرعد والبرق الأحمر صدح في الأفق، وهطل المطر بغزارة، واندفعت الرياح بعنف، وتحوّل البحر إلى غضب، حتى أن الأمواج بدأت تتلاطم بشدة على الشاطئ، والرياح تضرب الأشجار بقوة، حتى أنها بدأت تتجرع أغصانها وتتلاشى في الهواء، والأشجار تتراجع في وقع العواصف المتتالية، والأوراق تتطاير في الهواء وتنثر في كل مكان،

باولو يصيح: ديفيد هيا يجب أن نخرج
لن أتركها هنا لوحدها
ديفيد ليس لدينا وقت كافي لنخرج
لقد أخبرتك لن أتركها لوحدها

يهلع ديفيد إلى حضن مادلين قائلاً: "أرجوك، أرجوك، لا تتركيني وعودي معي إلى الوطن". فردت مادلين عليه بابتسامة ودية، قائلة: "هذا هو عالمي الذي أشعر بالانتماء إليه، وأريد أن نبني حياة سعيدة معاً في هذا المكان الذي نحبه ونستمتع به، وأن نواجه معاً كل المصاعب والتحديات التي قد تواجهنا."

بينما يحضن ديفيد مادلين وهو يبكي ويتوسل، شعر فجأة بأن جسم مادلين يتلاشى تدريجيًا في حضنه، مما جعله يعاني من شعور بالصدمة والفزع، وبينما حاول التمسك بها بقوة، إلا أن جسدها اختفى تمامًا ولم يبقَ له إلا الهواء البارد في حضنه.

''لماذا لا يشتاقون أليس في مدينتهم ليل''

سماء قرمزية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن