عيناكِ كنهري أحـزانِ
نهريّ موسيقا حملاني لوراء، وراء ازماني
وأنا في المقعد محترق
نيراني تأكل نيراني
أأقول أحبك يا قمري؟!
اه لو كان بإمكاني
***في ذلك المساء أتتها امها و هي تعلم جيدا في ماذا ستتكلم، بدأت حديثها بقول: ( يا بنتي مدام "نعمات" انتظرت كثيرا و صارت تضغط علي و انتهت أعذاري ماذا سأقول لها، فقط لو أنكِ قابلتيه، و تكلمتِ معه ربما ستتفقان من يدري.. أرجوكِ نفذي طلبي هذا فقط قابليه و إذا لم تتفقا أوعدك لن افتح معك هذا الحديث إطلاقاً فأنا لن اغصبك على شيء كما غصبتني أمي من قبل..)
أومأت "ذات" لأمها في يأس فقد أُنهكت و فقدت صبرها و طاقتها بسبب هذا الموضوع، وصار الحل الوحيد أن توقفه بنفسها.
فكرت إذا اوضحت لذلك الشاب رأيها ربما سيتقبل موقفها و ينسحب.
(و لكن لماذا أنا لماذا طلبني لما اختارني.. لو يعرف في ماذا سيقحم نفسه و ماذا اختار.. )بعد ثلاثة ايام صار اللقاء الاول بين "ذات" و "أيمن". فقد أصرّت "ذات" أن يتقابلا خارجا من غير ضغط الاهل.
لم تسلم من امها و "منى" في اختيار ما تلبس و تجادلا لعدم موافقتها في وضع المكياج و انتقدتا مظهرها الباهت و وجها العابس قالت "منى" صارخة: ( على الأقل انتعلي هذا الكعب ليجعل طولك مناسبا و ابتسمي قليلا قبل ان يفر العريس..) تركتهم مسرعة قبل أن يفقدوها صوابها و هي تقول في سرها (كل ذلك من أجل الخطة..).......
كان الوقت عصرا في إحدى الكافيهات القريبة من أحياء المدينة.
جلست"ذات" امام "أيمن" بعد أن تأخرت ساعة كاملة عن قصد تنظر له بقرف تتمنى أن تتقيأ في وجهه ليغادر - و لكن هذا ليس من شيم "ذات" - جعلت تراقبه بلامبالاة و هو يتحدث معرفاً نفسه و كيف كان يراقبها و هو يوصل والدته لبيتهم كل مرة.
قالت في سرها: ( يا لك من وغد وضيع تراقب فتيات الناس في الخفاء)
اكمل "أيمن" حديثه ولم تتفوه "ذات" بكلمة.
قاطع سرحانها وقال: ( لا تريدين أن تسألي أية أسئلة)
اجابت: ( بلا، كم فتاة كنت تعرفها قبلي و لماذا اخترتني بالتحديد و لماذا لم تخبرني قبل أن تكلم أمك، ليصبح الموضوع علني صحيح! اتريدني أن أوافق بهذه الطريقة اتقصد أن تضعني أمام الأمر الواقع انتم الرجال أنانيون لا تفكرون الا بأنفسكم لست مندهشة اساسا)
نظرة لها و في عينيه لمعة و قال: ( اولاً نعم، عرفت قبلك كُثر و ما كان في الماضي سيبقى في الماضي ولن أسألكِ عن ماضيك ايضا هذا إذا كان لديك ماضي فهذا ليس من حقي، ثانياً اخترتك لأني رأيت فيك زوجة صالحة تحمل اسمي و تُعينني على الحياة و أُعينها، رأيتُ فيك أماً قادرة على تربيت أولادنا، رأيتُ فيك صديقة أتشارك معها لحظاتي الجميلة، و حبيبة تنسيني أي فتاة قبلها و تسعدني باقي عمري، ثالثا اخبرتُ أمي لأنني رأيت أن هذا أنسب خيار لي لبدء حياتنا - هذا إذا وافقتي - ولا أرى أي خطأ في ذلك و أخيرا إذا كنتِ تعتقدين أن البحث عن السعادة و الزواج و اختيار شريك و إكمال نصفك الآخر أنانية فأنا أناني و كل الرجال أنانيون ولا أرى في ذلك ما يُعيب، وبغض النظر عن كل ذلك أنا يعجبني اسمك غريب مثلك تماما)
اتسعت عينا "ذات" لم تتوقع ردة الفعل هذه دائما لديهم تفسيرات و أعذار لتصرفاتهم، ربما لو اغضبته أكثر ستكون النتيجة مرضية..
ثم اردف قائلا: ( يا ليت لو هنالك أية أسئلة اخرى لا تترددي بقولها أحب نوعية اسألتك هذه)
رفعت حاجبها بتحدي و قالت: ( أنا لا اتردد و سأقول ما اثقوله أنك لا تعطيني الإذن. و ما كل هذا البرود أهذه ثقة أم تكبر)
رفع كتفيه كأنه لامبالي و قال: ( حسنا حسنا نحن هنا لسنا في حرب نحن نتعرف على بعضنا، يبدو أنك لستِ بمزاج جيد، أنطلب شيئا يريح اعصابك) وابتسم قليلا و قال:( اطلبي لا تترددي!!! ).
نظرت "ذات" بعيداً كأنها لم تسمع شيئا - كانت كطفلة غاضبة، تعايير وجهها يبعث الضحك لم تكن خبيرة في افتعال المشاعر المزيفة، كل ما ارادته أن يتركها هذا الثقيل لحال سبيلها - و مرة اخرى اطلقت طرف عينها لتلمحه يراقبها بتمعّن و في وجهه تلك الإبتسامة ( أهو ابله أم غبي ألا يفهم إنني لا أطيقه). ثم صرّحت: ( أسمع سأكون صريحة معك، ليس لدي رغبة في الزواج ولا أنوي الزواج قريبا فمن الأسهل لك أن ترمي بشباكك لفتاة تشبهك فأنا لن أُفيدك بشي هنا)صمت كأنه يحلل ما قالته لتوها، عبِث و تغيرت ملامح وجهه، قبض على يده، و لكنه لم يبدي أي تعليق و بدأ يثرثر و يثرثر عن نفسه، أهله، عمله حياته و هي محتارة، كأنه يريد أن يخبرها كل شيء يتعلق به ليرى تعابير وجهها كيف تستجيب لكلماته.
رجعت البيت بعد أن رفضت رفضا قاطعا أن يوصّلها بسيارته الفارهة وهي تقول له: ( لا اريد رؤيتك مرة اخرى و عليك أن تخبر أمك أنك سحبت طلبك و تراجعت عن كلامك و إلا انا لن أوافق ولن يتم هذا الزواج)
استقبلتها امها و"منى" على أحر من الجمر لتحكي لهما كل ما حدث ثانية ثانية. طبعا لم تخبرهما اي شيء طمئنتهما أن كل شي سار على ما يُرام، قالت "طيبة": ( يعني ذلك انكِ موافقة؟!! بالله قولي لي) ، إكتفت "ذات" بالصمت و تحججت أنها متعبة و ستدخل لتنام، سمعت "منى" تقول من وراءها: ( انها موافقة أليس واضحا من وجهها ههههه مبرووك يا ام العروس...)مرّ اسبوع على لقاءهما الأول و لم تصل أي أخبار عن العريس المحتمل، شعرت "ذات" أن الموضوع قد انتهى ولن يُفتح مرة ثانية و إذا كان لدى ذلك الثقيل البارد أي كرامة لن يرجع للتكلم معاها أو حتى رؤية وجهها. مع أن هنالك خوف بداخلها يؤرقها يقول (ماذا إذا لم يتراجع.. ماذا إذا لم يخبر والدته..)
في يوم جمعة ذلك الإسبوع زارتها "سارة" و "دلال" متحمستان بعد أن تكفلت "منى" بإخبارهما عن قصة عريس "ذات" ، لامتها "سارة" على عدم إخبارهما و قرصتها "دلال" كتعبير عن عدم رضاها ولكن سرعان ما ضغطا عليها لمعرفة التفاصيل وماذا حدث.
هدئتهما "ذات" و بدأت تحكي بعدم اكتراث:( اسمه أيمن دفع الله، 34 سنة، خريج محاسبة و لكنه يعمل تاجر أثات مثل والده و إنه ابن مدام " نعمات" تعرفانها فهي صديقة أمي و زبونتها منذ زمن، لديه اخ وحيد متزوج خارج البلاد و اخ متوفي من سنتين)
قاطعتها "دلال": ( كيف شكله أهو طويل؟ وسيم؟)
ضحكت "ذات" و ردت إنها حقا لا تعرف فلم تنتبه لملامحه - أو لا تريد أن تركز.
رفعت "سارة" حاجبها مكذبة إيها و قالت: ( كيف لم تنتبهي؟! كنتِ مغمضة العينين أم لم ترفعي عينيك لتريه، إنها تخجل يا "دلال
" انظري هههه...)
قاطعتها "ذات" : ( اصمتي يا مجنونة فأنا لم أوافق ولن أوافق لا تخبروا أمي و "مني" )
"دلال": ( يا "ذات" إنه عريس لُقطة و محترم لا تضيعيه كما ضيعتي الكثير فيما مضي اتذكرين "عزيز" و "وليد" كانا ينتظران إشارة منك و انتِ لم ترضي.. فكري مرة اخرى اعطيه فرصة عسى ولعل ربنا يهديك و توافقي قولي شيئا يا "سارة"...)
"سارة":( "دلال" على حق يا "ذات" فقط جربي إنتِ لن تخسري شيئا)بعد مغادرة "سارة" و "دلال" جلست "ذات" تفكر في نصائحهما التي طالما طبقتها و مشيت وراءهما... ولكن هذا شيء مختلف هي وحدها التي تعلمه جيدا إنه لا نقاش فيه.
" هي ليست عديمة المشاعر و لكن عُقدتها الخفية لا تستطيع نسيانها وسرها الكبير لن يحمله غيرها.. هي ككل البنات تحلم أن تكون سعيدة أن يكون لها سند و صديق و حتى حبيب كما قال "أيمن" و لكن... هذا قدرها ..اصبحت معطوبة لم يتقبّلها احد بدون إرادتها فكيف ستخرج من هذا المأذق ..."
أنت تقرأ
ذات
Contoتحيّ.. تعيشي.. لا مقهورة .. لا منهورة.. و لا خاطر جناك مكسور.. بل مستورة.. يا ذات الضرا المستور.. سلاماً تلك كانت قصة "ذات" .. يا ترى كم من فتاة تشبه "ذات"، كم من فتاة سلكت طريقها و تاهت في ظلام وجعها السري،