و مرت السنوات كان بيت"طيبة" هادئ و دافئ
كان " حمزة" 15 عام رزين لديه صفات مثل "ذات" ولكنه اجتماعي أكثر منها. أما "حسين" 14 عام فكان حيوي و يحب الضحك والمشاغبة. أما "منى" التي دخلت عامها التاسع كانت أكثر انفتاحاً للحياة لا تخاف من الأخرين و تقول ما في قلبها أياً كان. كان لديها صديقات كثر و اجتماعية و تحب الخروج و الإستمتاع و اللهو.
فهي لا تتفق مع "ذات" كأنهن اضداد ، شخصياتهم متعاكسة. مع أن "ذات" كانت تهتم بها و تخاف عليها ولكن "منى" هي من كانت في الحقيقة تخاف لأجل اختها المسكينة "ذات"
كانوا يعيشون في سعادة على قدر حالهم لا يعكر صفوها إلا صراخ "الماحي" و عصبيته و أخلاقه السيئة فقد دخل عامه 25 عاطلا عن العمل يعتمد على اخته "طيبة" المسكينة
أحس "حمزة" و " حسين" بالمسؤولية فقررا أن يعملا لمساعدة امهم ولكن " طيبة"' منعتهم إلا في الاجازات المدرسية.****
و كبرت "ذات" حتى وصلت لصفها السابع، "ذات" الأن عمرها 13 سنة، فتاة قصيرة ملامحها هادئة، خجولة، عيونها البنية الواسعة هائمة و سارحة على الدوام، كانت الأصغر حجما في فصلها، تجلس بحذر قرب ركنها البعيد من زميلاتها، منسية لا تكلم احد بالكاد المعلمات يحفظن اسمها، لم تتوفر لديها رفاهية الصديقات فليس لها أي صديقة، تتنمر عليها الفتيات الأكبر حجما خاصة "مودة" البنت الأكبر حجما ذات العيون الحمراء فهي غاضبة على الدوام، كانت تتضربها كل يوم عندما ترجع للبيت. كرهتها "ذات" كثيرا و ظلت تتهرب منها و تغيب عن الحصة الاخيرة وتهرب لكي لا تلحق بيها "مودة" الشريرة، لم تخبر والدتها "طيبة" عن الأمر و لم تشتكي للمعلمات. كانت زميلاتها على علم بالموضوع ولكن... من هي "ذات" التي يقفن معها أو يدعمنها فهي نكرة و ليس لديها حس في الفصل و لا تتكلم كثيرا.
كانت "ذات" تركز فقط على اوائل الفصل و تتسائل لماذا لا تكن مثلهن. لماذا لا يعاملنها الفتيات مثلما يعاملن اوائل الفصل.
لماذا هن محبوبات و مشهورات في المدرسة وتلتف حولهن الفتيات وتمدحهن المعلمات ويتم اعطاءهن أجمل الهدايا. لماذا "مودة" و صديقاتها الأشرار لا يضربنهن. لماذا هي التي تُضرب ويتم الضحك عليها.
كانت بريئة كبرائة طفل وصافية القلب كل ما تريده الصحبة و الحب.
تسربت لها رغبة بأن تكون مثلهن. ماذا يتطلب لتكون مثل "شريفة" و "ملاذ" و "فاطمة" اوائل الفصل؟! تسائلت محتارة!. هل عليها ان تتكلم
كثيراً.. هل عليها أن ترفع يدها في كل حصة.. هل عليها أن تذهب وتطلب صداقتهن.. أم عليها أن تضرب "مودة" تلك المتوحشة ولكن كيف تتجرأ عليها وهي أضخم منها بمراحل.
أم عليها أن تطلب من امها ملابس جديدة للمدرسة بدل هذه المهترئة التي لبستها لثلاثة سنوات لتترك الفتيات يسخرن من مظهرها. تذكرت امها وهي تقول لها أنها لم تزداد طولا و أن حجما الصغير لم يتغير و أن زيّها المدرسي مازال يناسبها لتكمل به سنة أخرى .
كانت تعرف أن امها ليس بمقدورها أن تجلب لها زيّاً جديدا، تكتفي فقط بتطريز ما تمزق بماكينة الخياطة التي تظل امها عاكفة عليها ليلا كل يوم. لتوفر لأختها"منى"ما تريد فإنها لن تسكت ولن ترضى إلا بزيّ جديد كل عام.لكن كل تلك الأفكار كانت تصيبها بالهلع و الخوف. مستحيل عليها أن تفعل ذلك ولكن فكرت أنها إذا ذاكرت جيدا و احرزت المستوى الأول فسوف يتهافت عليها كل البنات و يلتففن حولها.. ففي الأخير المذاكرة ليست بفلوس وإنها لن تصير فقيرة و جاهلة في آن واحد. ابتسمت بانتصار على فكرتها المرضية. وعزمت على تنفيذها قبل انتهاء السنة.
في كل تلك السنوات لم يصل أي خبر من "عبد الله" والد "ذات" كانت تتذكره بألم في قلبها، فقْد الوالد يخلف انكساراً خاصة عند البنت ولكن حنان امها و رعايتها لأخوانها ظل يحاوطهم دائما و يخفف عليها شعورها بأن والدها تخلى عنهم. كانت تسمع اختها "منى" تسأل والدتها عن والدها طوال الوقت و امها تتحجج لها أنه مسافر أو أنه سوف يرجع السنة القادمة و إن ظروف شغله تمنعه من المجيء حتى توقفت "منى" عن السؤال عندما ادركت أن لا جدوى من الإجابة و أن والدها لن يعود أو ظنت إن امها تكذب عليها وأنه مات منذ زمن.
صارت "ذات" تدرس و تجتهد و تسهر لأجل حلمها بأن يكون لديها صديقات و محبوبة، لاحظت امها ذلك ولكنها لم تسألها سبب حبها للدراسة فكانت سعيدة بتبدل حال بنتها. خاصة و أن مستواها كان دائما في تدني.
انتهت السنه واحرزت "ذات" المرتبة الثانية عشرة من بين 40 تلميذة، لم تكن سعيدة فهي لم تأتي الأولى ولا الثانية. وذلك متوقع لأنها لا تسأل في الدرس، لا ترفع يدها للمشاركة في أعمال السنة، ولا تدري حتى كيف تدرس و لا تحفظ ماهو مهم و ما هو أولى.
ولكن امها فرحت لنتيجتها و أنها تقدمت كثيرا فقد كان ترتيبها على أخر نتيجة السادس و العشرون، فهذا تقدم ملحوظ.. ولكن "ذات"طمحت في المزيد و عزمت أن سنتها القادمة ستكون أفضل و ستحقق ما تريد. ولن تتجرأ "مودة" الشريرة على مضايقتهافي إجازة صفها السابع كانت على وشك النوم و هي مستلقية في سريرها بالقرب من سرير "منى" تسمع فتاةً في برنامج فتاوي على الراديو تقول أن عمها تحر*ش بها عندما كانت صغيرة و أنها تأثرت وحالتها النفسية سيئة للغاية. كانت "ذات" تسمعها وهي بين نائمة و مستيقظة... و في تلك اللحظة جاءتها مشاهد لم تتوقع أن تتذكرها، ككابوس ظل يؤرق مهجعها منذ زمن...
أنت تقرأ
ذات
Cerita Pendekتحيّ.. تعيشي.. لا مقهورة .. لا منهورة.. و لا خاطر جناك مكسور.. بل مستورة.. يا ذات الضرا المستور.. سلاماً تلك كانت قصة "ذات" .. يا ترى كم من فتاة تشبه "ذات"، كم من فتاة سلكت طريقها و تاهت في ظلام وجعها السري،