13

2.4K 236 561
                                    











في نهايَةِ آخِر ليلَةٍ مِنَ العزاء، كانَ مينهو قَد عادَ للمَنزِل بعدما أدّى واجِبَهُ في حَقِّ صَديقِه الراحِل وبَقي معَهُ حتى النهاية ليوَدِّعَهُ الوداعَ الأخير

هوَ كانَ مُنهكًا نفسيًا بعدَ ثلاثِ أيامٍ مُتتاليَة عاشَ فيها ذاتَ المشاعِر الكئيبَة والمملؤةِ بالحُزنِ على ما جرى

كانَ مُرهَقًا جسديًا لقلّةِ نَومِه، أرادَ العودةَ للمَنزِل والسقوطَ في نَومٍ عميق ينسى فيهِ جميعَ ما خاضَهُ وما هوَ بصدَدِ خَوضِه في الفترَةِ القادمَة

وبدى أنَ قائِدَهُ قَد لاحظَ حالَهُ البائِس أيضًا
إذ طلبَ مِنه أن يعودَ لمَنزِله الخاص ويأخُذَ بِضعةَ أيامِ راحَة دونَ حاجَتهِ للبقاءِ مع جيسونق، قائِلًا أنَهُ سيؤجِرُ بِضعةَ حُرّاسٍ ليفعلوا ذَلِك في غيابِه


لَكِنّهُ بالمُقابِل أبى رافِضًا الأمرَ وأمتنعَ عنه
فرُغمَ شعورِ الحُزنِ والفَقدِ اللذان كانا ينهشانِ روحَهُ بوحشية، هوَ أصرَّ على البقاءِ مَع أبنِ قائِده والوفاءَ بكلمَتِه عندما وافقَ بالبدايَة على حِراسَتِه


"أوه لقَد عُدت؟ وضَعتُ العشاءَ للتّوِ فشارِكني إياه~"


لَكِن قليلًا ما عَلِمَ أيُّ شَخص


وحتى ذاتُه


أنَهُ كانَ باقٍ في هذا المَنزِل وعائِدًا إلَيهِ في نهايَةِ كُلِ يَومٍ وليلة، فقَط حتى يحظى بهذا الإستقبال...


أن يأتيَ جيسونق إلَيهِ لحظةَ سماعِه صوتَ البابِ يُفتَح، يستَقبِلهُ بإبتسامَتهِ المُشرِقَة وصَوتهِ الدافىء

أن يُعامِلَهُ بِحنَّيَةٍ بالِغة ويُشارِكَهُ طعامَه ولا يسألهُ عن حالِه، يُراعي صمتَهُ وهدوءه ولا يَطلبُ حديثَه

أن يسمَعهُ يتحدَّثُ عمّا قامَ بفِعله وما شاهده، كيفَ جرى يومهُ في الجامِعَة وما كانَت مُحاضراتُه

هوَ كانَ يأتي مِنَ الجنازَةِ بقَلبٍ مُثقَلٍ بِالهَمِّ، ومَنكِبانِ يكادانِ يفتِكانِ ظهرَهُ لِشدّةِ الثُقلِ عليهِما

لَكِن بِمُجرَدِ عبورِه عتبةَ بابِ المَنزِل، بِمُجرَدِ أخذهِ خطوَةً للداخِل، سيشعرُ فورًا بإنزياحِ كافّةِ الثُقلِ الكامِن علَيه وإبتعادِ غيمَةِ حُزنِه، ليُصبِحَ جسَدهُ خفيفًا وقَلبهُ مُرتاحًا

ولا يَحدثُ ذَلِك إلا لعلمِه بأنَ أبنَ قائِده مَوجودٌ في ذاتِ المكان وأنَهُ سيحظى بِفُرصَةِ رؤيَتهِ لليَومِ أخيرًا



kalonحيث تعيش القصص. اكتشف الآن