part6

231 27 18
                                    

رجفَ قلبُ سوبين بشيءٍ من الكُرهِ ، يريدُ أن يغدو عقلهُ بما يُبهِجهُ أقلُها يُبعدَ مشاعرَ الكُربةِ يستبدِلُها بغلافٍ طغت عليهِ البشاشةِ ، لكن لا ، تلكَ الذكرياتِ التي يُبغِضُها هي ما كانت تتراكضُ في مخيلتهِ .
شتمَ بضُعفٍ و قطرةٌ مالحةٌ متوجعةٍ فرت من عيناهُ
" أيا دُنيا ما من خطأٍ إفترقتهُ ؟ سلبتِي مني عزيزَ روحِي و الٱن لُطِخت أنامِلي بدمائهِ .... أياكِ قاسيةٍ و الوجدانُ ركيكةٌ قِبالَكِ "
وصبٌ مُستحفِلٌ زارَ دواخلهُ عابِثًا به يُخرجُ عَبراتٍ شفافةٍ إحتلتهَا المياهُ مع ذراتِ ملحٍ و كَدرٍ
" ٱه ، فقط .... لما؟ ما قتلتُ برِيئًا قطٍ ، لُطختُ بناسٍ جُلَ عملهَا قذرٍ  ، لما سلبتِي منِي رفيقٍ ما لبثتُ معهُ الثانيةِ إلا و إبتسمتُ ، يبكِي لبائكِي و لفرحِي كان رقيقًا بشدةٍ ما كان دافعُ الخيانةِ السخيفُ هذا!!"
بدا ضعيِفًا ، أخذَ يشكِي القمرِ بما يؤلمهُ ، و حتى تلكَ النجومُ أنصتت لهُ بعُمقٍ ، لاكنها لم تتحركَ إنشًا بل بكت..فاللمعةُ فيها كانت شديدةٍ، تمامًا كوميضِ العينِ عندَ فِرارِ الدموعِ .
قطرةٍ وراء أخرى إلى أن تسللت صفوَ أناملهِ لمسحِ كل حبةٍ منها ، للتنتقلَ عيناهُ المحمرةِ للأسفلِ ، رغبَ بشدةٍ القفزَ ، لا يبتغِي الموتَ ، حقا لا يفعلُ ، الأمرُ فقط مثيرٍ و ممتعٍ للحدِ الذي قذفَ عودَ الدُخانِ ذاكَ بعدما إرتشفَ ما تبقى منهُ بمرارةٍ . كادَ أن يُنزلَ جسدهُ أرضًا لاكنَ ذاك الحِسُ أوقفهُ
" سوبين"
صوتٌ أنثوِي ندهَ إسمهُ ، ليستديرَ ببطىءٍ باحثًا بعيناهُ عن مصدرِ الصوتِ المحببِ لهِ
" فتاتِي ، إشتقتُكِ "
سُكرٌ يوشِكَ على الإنسيابِ كشلالاتٍ لحلاوةِ تلكَ النبرةِ التي ألقَى بها ثغرهُ خارِجًا .
لا لومٍ على لكنتهِ الهائمةِ فمن أمامهُ فاتنةٌ ٱسرةٌ ، فشعرُها بُنِيٌ معَ خُصلاتٍ شقراءٍ باهتةٍ نتجتهَا بريقُ الشمسِ تلكَ ، و إستحوذَت حباتُ العسلِ على غَمرِ عيناهَا تُشكلُ وميضٍ إذ صدمتهَا النورَ ، كما أنَها تملِكُ نمشٌ منتشرٌ بلمامٍ حولَ وجنتَاها و أنفهَا المرسومِ بلطافةٍ أما شفتاهَا تبدو كحباتِ المُلكِ لشدةِ إحمرارهَا.
كل تلكَ التفاصيلَ كانت لسوبين لا ٱخرَ، فهو من يقدِرُ إغراقِها بالقُبلِ و لمسِها و تأمُلَها طولَ الوقتِ دون كللِ أو مللِ يحتلُ عيناهُ أو غاسِقهُ ، كأنَ الدُنيا عوضتهُ عما فعلت بهِ ...
إبتسمَ فورَ رؤيتِها بطلتِهَا الهادئةِ، حيثُ أن فُستانًا أبيضًا ناعمًا هو ما يُغطِي جسدِها بطريقةٍ ظريفةٍ سببت بِرَجِ قلبِ سوبين بحبٍ ، ليُديرَ جسدهُ للجزءِ الٱخرِ من الشُرفةِ يوسعُ يداهُ قاصِدًا إحتوائِها بين يداهُ و دفئِهَا .
تبسمت شفتَا إيفَا فور رؤيةِ حركتهِ اللطيفةِ تلكَ لتمشِي لهُ برقةٍ شديدةٍ لدرجةِ أن سوبين فورَ تأخُرِها سحبَ يدها بلُينٍ يخبِأُها بين ذراعاهَا لتضحكَ إيفَا بخفوتٍ مسببةٍ إتساعٍ فَرِحٍ لشفتا سوبين الذي قبلَ خصلاتِها المفرودةِ طوِيلا
" أتبكِي ؟"
سألت قلقةٍ ، فحدقتاهُ كَساهَا أحمرٌ خافتٌ، كما أن أنفهُ و وجنتاهُ صُبغت بذاتَ النمقِ و شفتاهُ كانت أغمقَ منهَا كونَ أن أسنانهُ سحقتهَا بقوةٍ تمنعُ مياهِ عيناهِ من التدفُقِ بغزارةٍ ، كل تلكَ التفاصيلِ الصغيرةِ أظهرَها وميضُ القمرِ يُرِي الغيرَ ما فعلتهُ الدُنيا بحقهِ .
وضعت إيفَا يداها على طولِ خدهِ تتلمسهُ بلُينٍ تخشَى خَزِهَا
" يا حبيبَ فؤادِي أعتذرُ لروحكَ النقيةِ التي أهدرتهَا الدُنيا بشَرِها ،لا تُبكِي عيناكَ أمامَ مُقلتايَ فأنت تزدنِي لوعةٍ فوقَ حُزنِي "
عبوسٍ لطيفٍ إكتسَى كرزيتاهَا بعثت إرادةٍ شديدةٍ لتفكيرِ سوبين بأن يُقبلَ تلكَ الشفاهَ ، و فعل ، إذ تلامست مع خاصتهِ بسطحيةٍ
" أعذُرِني جميلتِي ما بوسعِي إلا أن أُخرِجَ  مناحتِي عبرَ مياهِ عينايَ ، أتريدِني أن أصرخَ بقوةٍ على أملِ إنتازعِ الحزنَ ؟"
ضحِكَ مُظهرًا غمازاتهٍ التي لم تكن سِوا قُبلةٍ طاهرةٍ أحدثتها الملائكةُ تزيدهُ حُسنًا و رونقًا يُأسِرَ العينَ و الفؤادَ .
" لم أقصد هذا ، فقط رؤيتكَ هكذا تُسببُ لي الحزنَ ، لا أعني أن لا تبكِي بل إفعل أخرج ما يُزعجكَ ، تشاركَ حَسرتِكَ مع رفيقٍ تهواهُ ، ليسَ من الصوابِ تقاسُمِ الغمِ في وحدتِكَ "
لينةٌ و رقيقةٌ هي لتنطقَ بكلامٍ معسولٍ أدى إلى إشتدادِ العناقِ بينهُما
" إياكِ أعشقُ أتدرينَ؟ كلماتُكِ مغلفةٌ بأكياسِ سكرٍ و أنا ضعيفٌ في حضرتِها ، أنتي كالنعيمِ الذي بعثهُ الربُ تعويضًا عن كدرٍ تلقيتهُ "
بهدوءٍ أردفَ ، لينحنيَ مُقبِلا إرتفاعِ أنفِها ، تلِيها عيناها و وجنتاهَا
" لندخل للغرفةِ أبتغِي النومَ بينَ ذراعاكَ "
طلبتهُ بدلعٍ خفيفٍ يُكادُ لا يُسمعُ ، و ما هو تشوي سوبين إلا غيرقًا بنبرتِها تلكَ يؤدِي ما تطلبهُ ولو كانَ نجمًا .



يجلسُ بومقيو بهدوءٍ حولَ مائدةَ الطعامِ مُتلهِفًا لتلكَ القطعةِ التي ستنعمُ بها معدتهُ
" بالمناسبةِ بومقيو كم عُمرُكَ ؟"
سألهُ يونجون بترددٍ خفيفٍ
" 22 سنةٍ  "
أجابَ بطيفٍ من الإنزعاجِ إستطاع يونجون تلمُسهُ في نبرتهِ
" أنا أكبركَ بعامينِ إذًا "
أردفَ ببعضِ الحماسِ الذِي بدا طفولِيا لبومقيو الذِي قلبَ عيناهُ بإنزعاجٍ ، لم يتقبل يونجون منذُ البارحةِ و الٱن هو يريدُ التعرفِ عليهِ ، الرغبةُ في قتلهِ غزت فِكرهُ لا محالةٍ .
طغَى هدوءٌ بينهمَا ، ليكسرَه يونجون
" أعتذرُ عما بدرَ مني البارحةِ و حتى اليومَ "
كانَ ذلكَ مفاجِئًا لبومقيو الذي توسعت عيناهُ بخفةٍ ، لاكن ذاكَ التوسُع قلَ فورَ تذكُرهِ لِذكرَى ما ، و التي كانت تنصُ أحداثَ صباحِ اليومِ
" لا..لا عليكَ "
يونجون إبتسمَ بخفوتٍ ، يُدرِكُ أن بومقيو صعبٌ في تقبُلِ الغريبَ هذا ما إستنتجهُ بمدةٍ قليلةٍ ، لاكنهُ يعلمُ أنهُ هَشٌ و بديعٌ في خُلقهِ ، يرغبُ حالاً بالتعَرُفِ عليهِ ليعرفَ ما سببُ الكدرَ الذي رُسمَ بدقةٍ في ملمحهِ ، فهو يُذكِرهُ بتايهيون .


أكلاَ بعدَ مدةٍ من ٱخر حديثٍ تقسماهُ ، جُرت خُطاهُما نحوَ غُرفةِ المعيشةِ ، نظرَا يونجون و بومقيو للساعةِ التي تُشيرُ لمنتصَفِ النهارِ ليتوسعَ بؤبؤُ بومقيو بخوفٍ ليشتمَ بصوتٍ مسموعٍ إلتقطهُ يونجون لتُعبسَ شفتاهُ كما الحالِ مع حاجِباهُ
" ع.عليَ الذهابَ ، شُ.شكرا لإستضافتِي ، و ٱملُ أن نلتقِي يومًا ما "
جملةِ كهاتهِ نُطقت بعجلٍ تُعلمُ يونجون أنهُ يريدُ المغادرةُ حالاً
" فلتنتظر"
قالَ يونجون لبومقيو الذَي وقفَ بتساؤُلٍ أمامَ البابِ ، ثانيةٌ مرت ليكتسيهِ الغَضبِ ، هو سيُضربُ لا محالةٍ إن تأخرَ أكثرَ
" خُذ ٱمل أن تكون كافيةٍ "
حنيةٍ مُريحةٍ بعثت الدفىءَ لغاسقِ بومقيو الذِي وُسِعت عيناهُ ، هو لم يفعل شيئًا حتى لما يُعطيهِ المالَ !!
" أ.أنا لم أقم بما جِئتُ إليهِ لِ.لما تُعطِني مالاً ؟"
تأتأ صوتُ بومقيو بتفاجُئٍ ، كان ذلكَ كفيلاً لرسمِ إتساعٍ باسمٍ لثغرِ يونجون
" لِتعلمَ أنكَ أثمنُ و أرقَى من أن تخدمَ الغيرَ دونَ سببٍ ، لستُ بعالمٍ بما تمرُ بهِ من أحداثٍ أو حتى نوعَ البشرِ الذي يُحيطُكَ ، ما أعلمهُ أنكَ لا تستحقُ ما تخوضهُ  "
كلماتهُ لعبت بداوخلِ بومقيو الذي أرادَ البُكاءَ لشدةِ حلاوَتِها ، كأن ثغرهُ مُشربٌ بالعسلُ ينطقُ فقط ما يُبهِجُ الأنفُسِ ، حتى أن البسمةِ الواسعةِ التي تلت أحاديثهُ كانت وديعةٍ أجبرت شفاهَ بومقيو على التَبسُمِ بخفَضٍ .


يسيرُ مُخفظَ الرأسِ ، لا يريدُ من أحدٍ أن يراهُ ، يكفِي أنهُ بكَى بحضنِ شخصٍ تشاجرَ معهُ ليلةَ البارحةِ ، لاكنهُ أحبَ كيفَ إحتواهُ يونجون بينَ ذراعاهُ يُخففُ عنهُ رغمَ ما حدثَ بينهُما أو حتَى كلماتهُ ذات السُكرِ البليغِ أبهجتهُ .

فورَ ما وصلَ للبيتِ الذِي يتشابهُ معَ الجحيمِ لقسوتهِ وجدَ تايهيون يُراقبَ الوردَ النابتَ أمامَ البابِ
" أتُخالطُ أشباهكَ تايهيون-ٱه ؟"
إبتسمَ تايهيون فورَ إلتقاءَ عيناهِمَا
" هيونغ ! سُعدت الوجدانُ بعودتكَ !!"
فور ما نطقَ تايهيون تلكَ الأحرفِ المترابِطةُ إقتربَ لهُ بومقيو يجمعهُمَا بعناقٍ دافىءٍ ، إلا أن فصلهُ تايهيون بوضعِ إحدَى يداهُ على خدِ بومقيو يسألهُ
" أغيرتَ الضِمادَ ؟"
إستغربَ بومقيو ، كيفَ لتايهيون أن يعرفَ تفصيلٍ صغيرٍ كهذا ؟
" أجل ، فقط لأنهُ تبللَ لا شيءَ ٱخرَ "
إجابتهُ كانت نوعًا ما غيرَ مُرضيةً لتايهيون
" أكنتَ عند يونجون هيونغ؟ لأن هاتهِ الضماداتِ يستعمِلُها كثِيرًا "
ضحكَ بومقيو بخفوتٍ ، ليدنِي لمُستوَى تايهيون يطبعُ قبلةٍ خفيفةٍ على عيناهُ
" إياكَ دقيقٌ ، لم أعهدكَ هكذَا تيرِي "
إبتسمَ تايهيون بوسعٍ ، رغم أن عينَى بومقيو لا وميضَ فيها إلاَ أنَ بسمتهُ و ضحكتهُ صادقتانِ و فاتنتانِ.

" يا تشوي بومقيو ما أخركَ ؟"
صرخت بهِ والدةُ تايهيون ، لاكن هاتهِ المرةِ أجابَها إبنُها بغضبٍ يجوبُ دواخِلهُ
" كان معِي أمام البابِ نطلِعُ على الورودِ "
نظرت لهُ والدتهِ بغيضٍ
" لما تُدافِع عن حثالةٍ مثلهُ صغيرِي ؟"
أردفَت بحِسٍ حنينٍ علهَا تكسِبُ عَطفٍ منهُ
" لما المقارنةُ بيننا أمِي ؟ لما تكرهينهُ ماذا فعلَ لكِي ، تؤذينهُ كل يومٍ و كأنهُ مخصصٌ للممارسةٍ قذارتَكِي عليهِ ، من ضربٍ و شتمٍ ، أتُردِينَ أن يُفعلَ بي المِثلَ ؟"
صرخَ بِها ، طفِحَ كيلهُ ، رؤيةِ رفيقهِ بهذا الحال يؤلمهُ .
شدَ بومقيو يداهُ على خاصةِ تايهيون علهُ يهدِئهُ ، نظرَ لهُ تايهيون ثم إلى يداهُما المتشابكةُ ، و ما لفتَ نظرهُ سوا جيبِ بومقيو الذِي بدَى مليئًا ، إبتسمَ بهدوءٍ كونهُ تخيلَ أخيهِ يعطي المالَ لبومقيو دونَ مقابلٍ ، يحبُ شقيقهِ كثِيرا فهو ذو قلبٍ مُرهفٍ بالحنيةِ ، كالملاكِ تمامًا .
أدخل أصابعهُ داخلَ جيبِ بومقيو يُخرجُ تلكَ الأوراقِ النقديةِ يُظهِرُهَا أمام مرأَى أُمهِ
" و تقولينَ عنهُ حثالةٍ ، أنظرِي الى الحثالةِ ما جنتهُ لأجلِكِي و لأجلِ أختهِ "
صرخَ رامِيا بتلكَ الأوراقِ أرضًا ، ليُعيدَ تشابُكَ أناملهُ بخاصةِ بومقيو يأخذهُ إلى غُرفتهِ مُغلِقًا البابَ بقوةٍ كادت تُنتِجُ زلزالاً .
أما والدةُ تايهيون كانت هادئةٍ بشدةٍ و هي تنظرُ للأوراقِ المنثورةِ بعشوائيةٍ على الأرضِ، أخذت بخُطاها نحوَ هاتفَها تُجرِي إتصالاً مع أحدهم
" أهلا ، أنا كانغ إيفلين .....أريدُ خدمةٍ منكَ ...... هناكَ فتَى بُنيَ الشعرِ أطلبكَ أن تخطفهُ أو تفعلَ بهِ ما تشاءَ ..... فل تُنفِذهَا الأسبوعَ القادمَ و أنا سأدفعُ لكَ حينها "
هذا ما نطقتهُ قبلَ أن تُغلقَ هاتِفَها و إبتسامةٍ جانبيةٍ أحدثَها ثغرِها
" إذا تشوي بومقيو ، تريدُ أن تُخربَ علاقتِي بإبنِي ، سأتخلصُ منكَ قبلَ أن تُفكرَ بذلكَ حتَى "

• • •

1340 words.

لا أخفيكم لاكن السرد يلي فهذا البارت جدا إستمتعت و أنا أكتبه ، أتمنى أنكم فهمتوه 🫶🏻

إستمتعوا بالبارت و قدموا له الحبُ إذ نال و أنيرُو تلكَ النجمةِ في طريقكم أذ نال إعجابكم ، و أشكركم على كلُ تعليقٍ لطيفٍ !!

لا تبخلوا بتعليمي عن ما لم تفهموه :)💗

إحظوا بليلةٍ / يومٍ هنيءٍ 🌟

باهِتُ المُقلتانِ || YBGحيث تعيش القصص. اكتشف الآن