part10.

239 24 39
                                    

حيثُ السمَاء تلوَنت بالزُرقِ الفاتحِ و توسَطت مَنصِفَها تلكَ الشمسُ البريقةُ بصفَارِهَا ، إبتَدأت يومًا جَديدًا بتغريدةِ العصافيرِ و تَفتُحِ الوردِ لِحلاوةِ مَنظَرِهَا ، رُقَت جَمِيلتَا تايهيون تُعلنُ إستِقاظِهَا فازِعةٍ ، فما رأتهُ لم يَكن سِوَا كابُوسًا كالعادةِ..

بَاتت أنفاسهُ لاهثةٍ خائفةٍ لمَا شاركتهُ مُخيلتهُ في مَرأى عيناهُ التَي غرقَت بدَمعِهَا
" إلاَهِي أملُ أن لاَ يكونَ مَكروهًا حَطَ على جسدِ بومقيو كَما شَهِدتُ حَالاً.."
وضعَ تَايهيون يداهُ يُغطِي وجههُ بِتعَبٍ و رغبةٌ مَلحةٍ مِن النياحِ و الفزعِ تملكَت تَقاسِيمِ جُثمانهِ ، مررَ أصابعِ يدهِ حولَ بصَرِيتاهُ يُشيحُ ملوحيةِ المياهِ التِي نَتَجتهَا جراءَ الخوفِ الشديدِ الذِي أحَست بِهِ.
ليَسيرَ بِخطاهُ نحوَ الحمامِ يَنشُرُ مياهٍ دافئةٍ حولَ مَلامحهِ الزَهيةِ ، ليَستذكِرَ تلكَ الذِكرةِ حيثُ يطلبُ منهُ بُومقيو معالجةَ حروقهِ ،شهقَ بِضُعفٍ جَاثِيًا على رُكبيتهِ التَي إرتجفَتْ لهطُولِ عَبراتِ عَسليتاهُ
" أشتاقكَ يا حَسنَ العينَ ، ما أحوالكَ ..؟ أشُفيَ حُرقكَ ..؟ أتستذكِرُنِي حَتى ..؟"
ضَحكَ تَايهيون بخمولٍ و وجعٍ ...و ذاكَ لم يخفَى على كَاي الذِي كانَ يُراقبهُ منذُ فترةٍ ، ليقتربَ منهُ دانِيًا لمُستواهِ يُعانقهُ بقوةٍ علهُ يَخفُ أسَاهُ ..
و هُنا تايهيون بَكَى بِكلُ ما أعطاهُ الربُ قوةٍ ، يُخرجُ كربهُ في حضنِ الحازنِ على حالهِ
" هيونغ أرجوكَ ، فلتخفَ عن ذرفِ دمعكَ ، بِتَ ضعِيفًا للغايةِ ، حالكَ هذا لن يَسِر شقيقكَ أو حتَى بُومقيو.."
صوتُ كَاي كانَ شَجِنًا مَكسورًا عَلى حالِ رفيقهِ
" ما عُدت قَادِرًا على التبسمُ بغيابهِ ، ولا حتَى حملِ وزنِي بقدمَاي الراجفةِ هذهِ ، أنًا رُوحٌ مكسورةٍ لولاهُ ، الدُنيَا لم تَكن خِيرةٍ معهِ لِمَا عليهِ الإختفاءَ دُونَ هوادةٍ ، دونَ إعلامِي حتَى.."
دمعةٍ مالحةٍ فَرت عينَ كَاي الذِي قبلَ شُعيراتِ تايهيون المُزْهِرَةِ
" ستلقاهُ قَرِيبًا هذَا وعدٌ منِي ، فلتهدَأ لا تُريدُ من شقيقكَ أن يراكَ باكِيَ العينِ "
قالَ كَاي مُحاوِلاً إبعادَ الحُزنِ و ما يُصاحبهُ من دمعٍ و رجفةٍ موجِعةٍ عَنِ الرقِيقِ بينَ ذِراعاهُ
" أتعِدُنِي حَقًا ..؟"
بِكلُ حسرةٍ سَأل و حتى الترَدِدِ و الجَزِعِ  كَانَا جُزءًا من نبرتهِ ، فهوَ خائِفٌ من فكرةِ أنَ كَاي يخلقُ كلاًمًا لِحدِ هدوئهِ ، كَما أنهُ فَزِعٌ من إنعدامِ لقاهِ مع رفيقِ عُمرهِ ، شَهرٌ دونَ إلتقاطِ صوتهِ أو إبصارِ ملامحهِ كثيرٌ و جدًا عليهِ..
" أنا لا أخلفُ وعودِي هيونغ "
أشرقَت شفتاهُ ببسمةٍ تكادُ تُنافِسُ الشمسَ لضيائِها السَارِ الذِي رسمَ بسمةٍ خفيفةٍ على ثَغرِ تَايهيون
" هَيا إغسِل وجهكَ و للنَنزل نُعدُ الإفطارَ سَوِيًا"
قالَ كَاي مُقبِلاً خُصلَ تايهيون الزَهريةِ ، ليمشِي بخُطاهُ مُغَادِرًا الغُرفةَ تَارِكًا مساحةٍ شخصيةٍ للذِي جَفت مُياهُ عيناهُ بالفعلِ .


أصواتٍ عاليةٍ تصدُو من المَطبخِ ، و لم تكُن سوَا ضحكاتٍ فرحةٍ و صَرخاتٍ صغيرةِ تَسببَهَا كاي و تايهيون بَعثت بعضَ السرورِ للسَامعِ و من غيرهُ يونجون .
" صباحُ الخيرِ "
أردفَ يُونجون مُخَاطِبًا المُنشغلانِ في عَملهم ، و يبدُو أن صوتهُ كانَ خفيفًا كِفايةٍ لعدمِ إنصاتِ الصبيانُ لهُ ممَا أدَى إلَى عبوسٍ حُلوٍ على كَرزِيتاهُ ، ليتقدمَ من تايهيون يُحاوطهُ مِن ذِراعاهِ يُوسعُ بسمةَ أخيهِ الأصغرِ فمَا تلكَ إلا حركةٍ مُحبةٍ لَهما
" هيونغ صباح الخير!!"
صاحَ تَايهيون يُحَيي شقيقهُ الأحبِ و إحدَى يداهُ راحَت تمسحُ أذرعِ يُونجون الذِي توسَعت بسمتهُ هو الٱخَر ، ليُمررَ أصَابعهِ النحيلةِ في خُصلِ كَاي البُنيةِ الفاتنةِ كنوعٍ من التَرحيبِ
" مَاذَا تُعدانِ ؟"
سَألَ يونجون فورَ لمحهِ لعدةِ أصنافِ منَ الأغذيةِ أمامهُ
" سَتَعرِفُ حينَ ننتَهِي "
أجابهُ كاي بحماسٍ رَاسِما إبتسامةٍ عذبةٍ على شفتَى يُونجون
" أملُ أن لا يكونَ مُسممَا "
ليتَلقَى ضربةٍ خفيفةٍ على يدهِ إثرَ جُملتهِ من طرفِ تَايهيون ، ليضحكَ يُونجون بِعلوٍ
" ٱسف، فَقط لا تتأخرُو فأنَا جائعٌ "
و بقولهِ تلكَ الجملةِ قبلَ فروةَ شعرِ تَايهيون يليهُ كَاي الذِي أشرقَت بسمتهُ ، ليَهُم ذَاهِبًا لغرفةِ المَعيشةِ يَتركَ الٱخرانِ يُعدانِ ما يُرِيدانِ .



" إذَا تشوِي بُومقيو ، أنتَ تُعانِي من كَسرٍ في يدكَ اليُسرَى من الجَيدِ أنَك قَدمتَ في الوقتِ المُناسبِ فقد يُصبحُ أسوءَ إذ تُرِكَ لفترةٍ طويلةٍ دون عِلاجٍ ، سيأخذُ شِفائهُ حوالَ أسبوعينِ من الٱنِ "
أردفَت إحدَى الطبيباتِ العَاملةِ في هَذا المَجالِ تُعلمُ بومقيو بحالتهِ ، بعدَ جُملتهَا تلكَ التَي رسمَت عبُوسًا في ثغرِ الفتَى ، أمسكَت يدهُ تَلُفُهَا بجبيرةٍ كَي تتجنبَ أيةَ مشاكلٍ أخرَى ، ثُم غَادرت تتركَ المجالِ لسُوبين لتأديةِ عملهِ
" بِخير ؟"
سألَ سُوبين فورَ لمحهِ لذاكَ العبوسِ الحُلوِ الذِي تَحولَ لتنهيدةٍ بسيطةٍ تليهَا بسمةٍ بدِيعةٍ على تلكَ الشِفاهُ
" نَعم لا تُشغل بالكَ ، فَقط أريدُ التعافِي سَرِيعًا ، كَمَا أنِي أريدُ لقاءَ أحبَتِي ، لاَكن حَالتِي تبتغِي عكسَ ذَلكَ.."
و هَا قَد عادَ العبوسِ اللطيفِ حولَ ثغرهِ مِما جعلَ من سُوبين يستلطفهُ و بشدةٍ
" لا داعِي لأن تكونَ ذا حالةٍ حسنةٍ لتُقابلَ أحبتكَ ، أأخُذُكُ إليهُم ..؟"
صوتهُ كَان عَمِيقًا و ذاتَ الوقتِ مُريحًا أثناءِ إجابتهِ و سُؤالهِ ذاتَ الوقتِ معًا
" أرجوكَ !!"
أمَا ردَ بومقيوُ كَان يطغَى عليهِ الحمَاسُ ، كَل شيءٍ بدَا مُشرِقًا في ملامحهِ ، شفتاهُ ، الحُمرةِ الخفيفةِ على خديهِ إلاَ عيناهُ..مَاكانَ يبرِقُ فيها سِوَا ضوءِ الغرفةِ ، لا دلالةُ فَرَحٍ فِيهَا..
و هذَا لم يخفَى على سُوبين الذِي تجولَت عيناهُ في مُقلتَا بومقيو يَتفَحَصُهَا مُتسائِلاً عن سَببِ بُهوتِهَا
" عينَاكَ ..رُغم فِتنَتِهَا إلاَ أنَها باهتةٌ .."
قَال سُوبين بهدوءٍ يلفتُ إنتباهَ بُومقيو
" منذُ السابعةَ من عُمرِي و انا أتلقَى هاتهِ الكَلِماتِ .."
وُسِعت عينَا سُوبين بدهشةٍ خفيفةٍ ، لاكنهُ تنهدَ ببطىءٍ
" هَيَا حَتى نذهبَ حيثُ مُرادُكَ "
أردفَ سُوبين بينَما يُساعدُ بومقيوُ علَى الوقوفِ ، حيثُ مدَ ذراعهُ حولَ خَصرهِ يجعلُ يدَا بومقيوُ مُرتاحةٍ حولَ كَتفهِ ، ليقودَ بهِ خَارجَ الغُرفةِ .

باهِتُ المُقلتانِ || YBGحيث تعيش القصص. اكتشف الآن