لم يخبرني أحدٌ بأن "الجليلة" هي ابنة عمي.. كنت في الثانية عشرة من عمري عندما تعرفت عليها للمرة الأولى، حيث ألهو بين فيافي الجزيرة في فصل الربيع.. ظللت أتجول كعادتي ما بين مرابع الفلا على صهوة فرسي "السابحة".. أتتبع النساء في رحلات ظعنهن كما أفعل غالبًا. كانت السيدات تنتظرن الغروب حتى تتمكنّ من الاغتسال على ضوء الشفق، وكنت أنا أعرف هذا التوقيت جيدًا، وأنتظره يوميًا، ثم أبحث عن تلةٍ مرتفعٍ تمكنني من التلصص على خصوصياتهن مستترًا بعتمة المغيب.
أصبح سلوكي هذا عادة.. لم ينكشف ستري حتى صهلت "السابحة" يومًا، فافتضح أمري.. فزعتْ السيدات، وصاحت بعضهن، وهربت أخريات. عرفن سريعًا أنني ابن الملك، فأنا الوحيد الذي اشتهرَ بالسلوك العابث من بين الصبيان، ثم أرسلن لي أصغرهن لنهري عن فعلي، ولتهديدي بالشكوى للملك. نعم.. لقد كانت "الجليلة".
التقت للحظة عيناي بعينيّ "الجليلة" تحت ضوء الشفق الضئيل.. خيل إليّ أن عينيها قد لمعتا أيضًا.. تلجلجتْ في الحديث، وقالت كلامًا بلا معنى، ثم فرت هاربةً من أمامي.
اعتليتُ صهوة "السابحة"، واقتربتُ حتى أصبحتُ على بعد خطواتٍ من تجمع السيدات الباقيات، وصحت فيهن معتذرًا، ووعدتهن بأن أولم لهن؛ اعتذارًا عن ما بدر مني على ألا ينقلن شيئًا مما حدث بيننا للمك، وأعلنتهن بأنني سأبلغ الصبية الجميلة التي سحرت فؤادي بموعد الوليمة.
سألتُ الصبية عن اسمها، فأخبرتني، وعلمتُ حينها أنها تعيش في مضارب عمي في البادية.
أنت تقرأ
مذكرات الزير سالم
Teen Fictionأنتم تعرفون وجهًا واحدًا للأحداث، ولكن مازال هناك الكثير مما يمكن أن يقال.(رواية خيالية من التاريخ لليافعين)