- أ يعدّ ما تفعلانه من شيم العرب؟!
كانت نبرة صوت "مؤتمن" التي خاطبنا بها تحمل بين طياتها علائم اللوم، والعتاب، والاستنكار.
قمنا بتمهلٍ أنا، وابن أختي "امرؤ القيس" ترتسم معالم الشعور بالذنب، والحرج على قسماتنا حيث ضُبطنا متلبسَين على تلةٍ مواجهةٍ لماء الغدير.
-سأشرح لك كل شيء يا "مؤتمن".. ارعني سمعك لهنيهةٍ فقط.
كنت أسير خلف "مؤتمن" هابطًا التلة؛ لأوقفه بينما عاد ابن أختي لمراقبة السيدات في خلوتهن منتهزًا الدقائق الأخيرة قبل حلول الظلام.
أمسكتُ بـ"مؤتمن" من طرف ثوبه؛ فلم يكن يرتدي سترةً كعادته، ولا عباءةً تكسو ذلك الثوب.. كان ثوبه الزهيد لا يصل حتى إلى عقب قدمه.. فيما كانت هيئته الرثة أقرب إلى هيئة المجاذيب.
-لتترك كمّ ثوبي يا "أبا ليلى".. لقد صدق من أسماك زيرًا!.. ألا تخجل من هذه الأفعال.. حتى بعد أن أصبحتَ أبًا لـ"ليلى"، و"عقبة"، و"ربيعة"؟
- نعم.. لقد كنت أنتهج هذا السلوك في ما مضى، ولكنني أقسم لك بأنني قد تخليت عن كل مظاهر السفه، والمجون منذ أن أتت "ليلى" إلى هذه الدنيا.. كما تركتُ رفقة الضياع، والسهر إلى الأبد.
التفتَ "مؤتمن" نحوي، وبدا كأنه يرغب في تصديقي.
- ماذا كنتما تفعلان إذًا على قمة التلة؟
- لقد غدا "امرؤ القيس" شاعرًا، وأصبح يستمد إلهامه من حسناوات العرب.
قال مستنكرًا: أ من خلال التلصص عليهن في خلواتهن؟
- جميعنا كنا صبيةً يا "مؤتمن"، ولا بأس بالقليل من المجون لمن هم في مثل عمره. قلت مبررًا.
- وماذا كنت تفعل أنت برفقته؟. قال مديرًا دفة الحديث.
- أنا؟... إنني أرجو أن ألمح طيف "الجليلة يا "مؤتمن"، أو أن أميزها من بين السيدات.
- آ"لجليلة" يا "أبا ليلى"؟! أما زلت تذكرها؟!
- ومتى كنتُ قد نسيتها يا "مؤتمن"؟؛ يكاد لا يغمض لي جفنٌ يومًا دون أن يزورني طيفها.
- وهل تعتقد أنك إذا عثرت على "الجليلة" فإنها سترضى بك زوجًا بعد معرفتها بسلوكك المشين مع ابن أختك العابث؟. قال مشيرًا إلى حيث يرقد ابن أختي مستلقيًا أعلى التلة.
- ما هي السبيل إذن يا "مؤتمن" لترضى بي "الجليلة" زوجًا؟
- لا مناص عن سلوك الطريق القويم الذي أدعوك إليه مذ عرفتك يا "أبا ليلى".
وقد أثبتت لي الأيام بعد ذلك أن "مؤتمن" كان محقًا!!
أنت تقرأ
مذكرات الزير سالم
Teen Fictionأنتم تعرفون وجهًا واحدًا للأحداث، ولكن مازال هناك الكثير مما يمكن أن يقال.(رواية خيالية من التاريخ لليافعين)