أبشركم؛ فقد غدوتُ أبًا، وأصبحت أُكنى بـ"أبي ليلى". كانت هذه المرة الأولى التي أحمل بها ابنةً لي بين ذراعيّ، فقد كنت آمر الجواري بوأد البنات بمجرد معرفة جنسهن، ولكن ما حدث هذه المرة كان مختلفًا، وجديدًا، وغريبًا، ومفاجئًا.
كانت هذه نصيحة "المؤتمن"؛ فقد كان أبًا لثلاث فتيات.. أذكر أنني سألته مرةً كيف يستطيع احتمال عارهن؟، فنصحني عندها بالبقاء إلى جوار "شندي" الأعجمية حتى ميقات وضعها، فرافقتُها حتى سمعتُ صرخة "ليلى" الأولى، وشعرتُ بعدها بأنني أعيش لحظاتٍ مختلفة عن كل ما عشته في حياتي. أمرتُ لـ"أم النديم" بناقة؛ وهي التي ساعدت "شندي" في وضعها. اختار الملك اسم "ليلى" لها، وفرّقنا مئة ناقةٍ على العرب.
كان "المؤتمن" قد أصبح رفيق لياليّ الجديد.. إنه بطبيعة الحال لا يرافقني إلى أماكن السهر واللهو.. كنت أجده ينتظرني خارجًا بينما يغالب النعاس أجفانه، ثم يحدثني عن أمورٍ شتى أكون قد نسيت أغلبها عندما أصل إلى فراشي.
كان "مؤتمن" يخشى والدي كثيرًا؛ لذلك كان لا يقترب من ديارنا؛ مخافة أن يصادفنا.. كنت أنا أيضًا أخشى أن يراني من يعرفني معه، فيخبر والدي أنني أماشي السوقة، والصعاليك، والمتسولين.
منحتُ "المؤتمن" ناقةً بمناسبة دخولي عالم الآباء؛ فقد كان معدمًا، ويقطع هذه الفيافي راجلًا ما بين البلدات والقرى.
قال "مؤتمن" إنه سعيدٌ من أجلي، ولكنه رفض قبول أعطيتي؛ زعم بأنه ليس في حاجةٍ إلى راحلة.
تعجبتُ كثيرًا من هذا الرجل.. ظننته يتخذني وسيلةً؛ ليتقرب بها من والدي؛ في سبيل الحصول على المنفعة، أو المكانة، أو القربى من الملك، ولكنني حتى تلك اللحظة لم أكن لأفهم ما الذي يريده مني "مؤتمن"!
أنت تقرأ
مذكرات الزير سالم
Teen Fictionأنتم تعرفون وجهًا واحدًا للأحداث، ولكن مازال هناك الكثير مما يمكن أن يقال.(رواية خيالية من التاريخ لليافعين)