Ch"2"

916 63 172
                                    

نيران مُتآكلة 2

يتدارك وعينا فجأة،  بعدما ظللنا نلهو كالأطفال في ساحةِ تِلك الحياه مُعتمدين على نقاءِ أفكارنا و قلوبنا الهشَّة .. فنُصدم فجأة بعدما تتسِع أعيننا على أُمورٍ مُرعبة خارج نِطاق تفكير البشر!

كان الصغير يُحدق في جده و يتبادل نظرة مع الصندوق و مُحتوياتِه بحِيرة و قلبٍ يرجُف ما إن لَمح اسمها المُدوَّن على غُلافِه .. تحرَكت يده ليلتقطه بين ذِراعيه بصمت يُحدق بوجهه للأرض بينما تمُر كلماتُ جده على مسامعِه بكل برود:
" لقد وعدتها أن أُسلمَك إياها حين يأتي الوقت الذي يَلزم عودتك لأحضان أبيك ..  نيسان ماتت و تركتك ورائها في رعايتي يا صغيري لذا .. لذا أنا أرى أنّهُ الوقت المُناسب لبقاء أسرارها مَعك .. فحافظ على سِر والدتك يا يوجين. "

كاد ينهض ناهيًا الجلسة لكنّهُ هتف فورًا بسؤالِه مُوقفًا جده:
" جدي لحظة! .. كيف ماتت أمي؟!"

صمت دانييل لا يجد ما يقوله للصبي الذي استطرد حديثِه باستياء بينما يُحدق في عينيه:
" قُلتَ سابقًا أنَّ أمي ماتت بسبب المرض ،  هل هذا صحيح؟ .. أنا لا أتذكر كيف ماتت؟! .. ثم لما أمي تركت أبي و لم تُخبره عني حتى الآن لتأتي و تُخبرني أنَّك تترُك سِر أمي بهذه الوريقات التي سوف تُوصلني لأبي ؟ ... جدي دانييل أنا لم أعُد أفهم شيئًا .. أرجوك أخبرني بكل الحقيقة! "

رمش المُسِن بصمت ثم فتح فاهه ليصُدمه بكل برود بالحقيقة:
" والدتك لم تمُت بسبب المرض .. لقد ماتت في حادث سيارة."

و التفت يخرج و كأنَّهُ لم يرمي قُنبلتِه على الصبي قبل لحظة،  و لكنه كان يُدرك أنَّ كلماتِه تِلك ستُحرِك الصبي نحو ما يُريده.

كاد يتقدم خلفه غير راغبًا بتِلك حقيقة لينتفض برُعب مِن قوة إنغلاق الباب أمام عيناه ليُدرك بعدها كلمات جده التي أتت مِن خلف الباب المُغلق:
" هذا عِقابك لما تفعله يا صغيري،  استمتع بعُزلتَك."

و رحل تاركًا إياه يستدرِك تدريجيًا أنَّ هذه غُرفة العِقاب!! .. لكن نسى تمامًا أنَّ جده جهزها خصيصًا لعِقابه هو و أولاد خالَيْه آرثر و ديف إن افتعلوا المُشكلات و بالأخص هو كونَهُ أشقى ما فيهم!

_" بِئسًا جدي! هذا قاسي! "

نبس بغيظ ينظر حوله بالغُرفة التي كانت مُجهزة للعِقاب رغم أنَّها تختلف عن السابق بتصميمها الهادئ،  مع خِزانة بمِفتاح و سريرين مع مكتب صغير للمُذاكرة أثناء العِقاب مع مكتبة للقراءَة!!! ... مهلًا ! .. لقد تذكر أنَّه و تلك الصغيرة آن من طلبا منه أن يضع مكتبة هنا لأنهما يُحبان القراءَة و لقد فعل الجد و كأنَّهُ يصنع لُعبة للتسلية و ليس عقاب!

ضرب قدميه الأرض باستياءٍ قبل أن يلمَح المكتبة لتتسع ابتسامته و يركض صوبها كي ينتشِل كتابًا أو رواية ليقرأها حتى انقضاء فترة عِقابه لكنه حين بحث وجد أنَّ جميع ما في الرفوف قد قرأهُ،  ليُدرك أن عِقاب جده أن يبقى وحيدًا هنا دون أي تسلية!  .. ذلك المُسن الماكر!

نيران مُتآكلة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن