Ch"14"

600 50 319
                                    

نيران مُتآكلة14

.
.

بدأت السماء تُعلن مُغادرتها لضوءِ النهار مُتعجلةً لإظهار القمر و نجومه اللامعة لكن أبت تلك الغيوم ألا تحتل السماء، فأسدلت جيوشها من الغيوم التي تُشبه القُطن العائم في السماء و قد بدأت تبكي بدموعٍ تزداد غزارتها فوق باريس الحيوية ، فتبدأ الرياح بتحريكِ إتجاه الأمطار بشكلٍ فوضوي مُثيرة الكسل في ساكني المدينة الذي اختبأ أكثرهم في المنازل مع إعلانِ عاصفة حادة قادمة ..

قطرات المطر نقرت زجاج غُرفته بشكلٍ عصبي، فبدأ جفنيهِ يتحركان بإرهاقٍ يُغادرهما الكسل ليُبصر سقف غُرفته ، تنفس بعُمق بينما يعتدل بعدم توازن يتذكر تدريجيًا الحُلم بينما يضع قدميه الحافية فوق بلاطِ غُرفته البارد .. استقام كي يُغادر لكنه فقد توازنه ليستند فورًا بحافة سريره تضطرب أنفاسه برُعب! .. يجد فجأة أنَّ غُرفته تتحول لساحة من الجُثث ، فتجمد جسده بهلع قبل أن يُغلق عينيه بسُرعة يُخفيهما أسفل كفيّ يده باشمئزاز!

دون أن ينتبه على مَن وقف أمام الباب يُناظره بصمت للحظة قبل أن يتحرَّك صوبُه ليجثو أمامه .. تمتد أنامله لبعثرة خُصلاته برِفق بينما يُخاطبه بلُطف:
" يوجيني هل أنتَ بخير؟ "

فتح عينيه تدريجيًا ينظر نحوه بحُزن تنهمر دموعه بخفة ، فانحنى آرون ليُعانقه إلى صدره بقلق ، يتذكر حين فقد وعيه أثناء خروجه من المدرسة دون معرفة السبب!

أحسَّ بخطواتٍ مُترددة خلفه فأغمض عينيه يُربت على ظهر يوجين، مُخاطبًا مَن يقف خلفه:
" آدم تقدم صغيري، لا بأس .. يوجين بخير."

مسح دموعه يتنفس بعُمق كي يبتسم بعدها قبل أن يتقدم من يوجين جاثيًا جوار عمه مُرافقًا ذلك بحديثه البشوش:
" تعرِف يوجين؟ .. لقد شعرتُ بالقلق عليك يا أحمق .. و لذلك أحضرتُ لكَ هدية .. أعتذر. "

حرك الفتى رأسه قليلًا ليستطيع رؤية صديقه ، يرى صندوق صغير في يده باللون الأحمر ثم رفع عيناه لينظر لملامح آدم الباكية رغم ابتسامته الحيوية، فاحتلت طبقتي من الدموع عيناه يعود ليختبئ في صدر والده يجذب بأنامله قميصه في تشنُج دون قُدرته على تخطي الحقيقة .. حقيقة فقدِه لذِكرى مقتل والدته و صديقه أمامه!

عبس آدم بخفة قبل أن تنعقد عُقدة جبينه يشهق بخفة هاتفًا:
" لحظة يوجين! .. لا تُخبرني أنَّك ترفُض هديتي أيها الأحمق! ."

لم يرُد يوجين سوى بالنظر إليهِ دون الابتعاد عن أبيه قبل أن يعبس بخفة هامسًا بنبرة باهتة:
" تبًا لك. "

_" تبًا لكَ أيضًا."
رد آدم بتفاؤل و قد ضحك ليبتسم يوجين بإطمئنان .. لقد تذكر كل شئ .. و رغم ذلك عندما خسر لم يخسر آدم معهم .. و هذا نوعًا ما يُشعره بأنه لم يكن وحيدًا طوالَ ذاك الوقت .. و ليس عليه أن يُقاتل بمفرده!

بعد نصف ساعة كان يُحرِّك يوجين قدميه في حركة طفولية من أسفل الطاولة الدائرية بينما يتململ آدم يُناظر رفيقه _ الساكن منذ أن جلسا _في عبوس ، هو حتى لم يتكلم كلمة واحدة أو حرفًا منذ جلسا هنا حتى مع رؤيته لهديته التي كانت ساعة فضية إشتراها لهُ سابقًا قبل يومين حتى يُعطيها لهُ بالوقت المناسب.

نيران مُتآكلة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن