Ch"27"

421 32 55
                                    

نيران مُتآكلة 27

.
.

كان يُراقب ملامح طِفله الصغير الساكنة، يتذكر كلمات الطبيب أنه أُصيب بإنهيار عصبي مُفاجئ أو ربما بسبب ما حدث .. كان قد تولى مارتن و مارسليلو أمر الثلاثة بعد أن استطاع مارسليليو التحكم بآمن المشفى مع رِجاله حين وجد ثلاثتهم يقتحمون المشفى في زي شرطة.. و إنتهى بالثلاثة يُسجنون في مقر آرون الذي يستخدمه لهم دومًا.

يُمسك بأنامل الصبي يبتسم بلطف بينما يتلمسُها بخفة قبل أن يحتضنها و يده تمتد برفق يُرتب خُصلات إبنه الذي تحركت جفونه أخيرًا لتظهر بخُضرتُها المُرهقة يهمس:
" آرو؟ ..."

_" أنا هنا صغيري، بجانبك لا تقلق."

خاطبه ينهض بحذر ليقترب منه دافعًا بخُصلاتِ الأصغر للخلف ليطبع قُبلة لجبهته و الصغير ينطق بعُبوس:
" ستقتلهم بابا؟"

تسمَّر آرون يُحدق بدهشة في يوجين الذي أكمل بأعين مُحتقنة بالدموع كما صوته:
" ستقتلهم صحيح؟ هم قتلوا ماما و زاك .. "

_" يوجين لا أرغب بسماع هذه الكلمات مِنك."

ردف بشئ من الحِدة يبتعد لكن الفتى نهض يجذبه من ملابس المشفى خاصته هاتفًا بجدية و غضب:
"أبي أنا لستُ صغيرًا، لقد قتلوا أمي و صديقي أمام عيني قبل سنتين فلما لا أرغب بالانتقام منهم؟! "

عقد جبينه مُستنكرًا و خاصةً لنظرات الصبي التي شابهته تلك الليلة، تلك الليلة التي نمت رغبة داخل قلبه للانتقام، و كأنها رغبة سرطانية، ظلت تكبر و تنتشر سمومها في جميع خلاياه ليُصبح منذ تلك الليلة و حتى بعد العديد من السنوات لا ينسى جحيم مشاعره التي أحسَّها تلك اللحظات!

حاول تهدئة ذاته رغم أنه يرغب بتكسير أي شئ أمامه لإفراغ مشاعره، لكن ليس الآن، بل ليس أمامه، لم يكن يُدرك أنَّ الأطفال تلتقط كل الأمور من أبائهم حتى هذه اللحظة، و يوجين كان طفلًا، طِفلًا في طَور النمو .. شعر فجأة بإلاستصغار الذاتي .. لقد تعلَّقت مشاعره بالانتقام ناسيًا أنَّ طفلُه قد يُصبح مثلُه!!
ألهذا قرر الابتعاد؟ .. ألهذا قرر الهرب؟

لم يرغب برؤية تلك النظرات من صَبيِّهِ الوحيد و لكنه رآى .. رأى كيف يُصبح القِط نمرًا!!

_" يوجين؟ .."

أدرك أنه أطال النظر يُفكر، ملامح الصغير كانت قد تبدلت لحُزن عميق يعود ليستلقي دافعًا الغطاء فوقه كاتمًا دموعه! .. لقد انتظر أكثر من سنتان لإيجاد أبيه و إخباره عن مقتل والدته! .. عن فُقدانه للذاكرة عن الحادث .. عن كل شئ يؤلمه! .. لكنه بدلًا من ذلك وجد وحشًا سائرًا في طريق الانتقام بلا رغبة بإيجاد طريقه للعيش حُرًا و بسلام مَع مَن يُحب!

_" أنا أكرهُك! "

هتف الصغير بغضب فسكن آرون مكانه، لم يقترب أو يبتعد بل ظل واقفًا تتكرر جُملة إبنه القصيرة بعقله ، لكن هل سيُرغم ذاته مرة أخرى على الهرب؟

نيران مُتآكلة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن