Ch"7"

682 53 149
                                    


نيران مُتآكلة7

.
.

تدور بنا الأيام ، و نجد أنفسنا نقف في منتصف الأشياء، نرغب بالمرور، و لكننا لا نعرف الطريق الصحيح .. كأننا خُلقنا للحيرة قبل أن نكتشف لاحقًا أننا اخترنا الطُرق الصعبة للوصول، الكثير من الأشياء و الأمور المؤلمة وجدنا أنفسنا داخلها ... كانت تِلك الأشياء هي نتيجة السير في الطريق الذي اخترناه دون وعي!.

يُراقب السماء مِن فوق الجِسر ، خلفه يقع بُرج إيفل بشموخ تتعلق به مصابيح ليلية جعلتهُ يأخذ طابعًا أستقراطيًا فخمًا .. كان مُنهمِكًا في شرودٍ بالغ، يُفكر مجددًا في الماضي الذي لا يستطيع التفكير الا فيه .. لقد خسر الكثير في الماضي و الآن أصبح حي فقط على فُتاتِه .. الفُتات الذي بقى داخله من بقايا الماضي!

جواره وقف بمللٍ عابسًا يُراقب شرود الأكبر، لقد طلب منه المجيئ إلى هنا و لقد فرح حين نفذ طلبه لكنَّهُ منذ مجيئه قُرابةِ الساعة و هو يُراقب السماء و النهر بشرود دون الاهتمام بوجوده .. تنهد بضيق يُبادر بالحديث فقدمه ألمتهُ حقًا:
_" آرو .. أريد مُثلجات!"

لم يتلقى ردًا فتجهم باستياء يجذب ملابسه بشئ من القوة صائحًا:
" آرو انتبه لي! .. أريد مُثلجات. "

رمش بخفة يستدر برأسِه نحوه يرى ملامحه العابسة فيبتسم هزًا رأسه بموافقة:
" حسنًا لنذهب. "

دون أن يُدرك كان الجدار الذي يبنيه لشخصيته ينهدم جوار هذا الصبي، لم يجعله يُنفذ طلباته وحسب، بل جعلهُ يشعُر أنَّهُ يرغب بالعودة لحياته القديمة مجددًا، الحياه الهادئة جوار حبيبته و صغيره .. تاركًا فكرة الانتقام جانبًا!! لكن لأي مدى سيجعله يُفكر؟!!

انتفض بشكلٍ مُفاجئ حين احتضن يوجين يده بعفوية بينما يهتف بحماس:
" ستَشتري لي نكهة التوت و الشيكولا حسنًا؟! "

لم يلبث أن ابتسم بخفة يومئ بصمت فجذبه الصبي بحماسٍ نحو البائع الذي كان واقفًا بعربته أمامهم مُباشرةً يبيع للأطفال الذي التفُّوا حوله، لينضم لهم طالبًا له و للصغير الذي ينتظره بعيدًا قليلًا .. كان يتسائل عن سبب عدم هروب الفتى منه أو طلب العودة، يتسائل عن الانسجام الغريب الذي يُلازمهما سويًا، دون أن يجد الإجابة!

_"تفضل سيدي .."

انتبه على صوت البائع الهادئ لينظر له مُتناولًا منه المثلجات ثم التفت للصبي ليراه واقفًا ينتظره بملل تحوَّل لحماسٍ شديد بينما يقترب منه ليأخذ خاصته ثم يجذب يده معه نحو أحد الأماكن التي تشاركها دومًا مع آدم .

وقف أخيرًا بعد مسيرهم لفترة أمام النهر ، كان المكان راقيًا جدًا بأرضٍ مستوية بحشائشها الخضراء الباهتة، السماء تنعكس بشكلٍ مُفرط لمِرآةِ النهر و كأنَّ السماء اتخذت من النهر ساترًا لها.

نيران مُتآكلة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن