"Ch 1"

2K 87 251
                                    

نيران متآكلة1

لوهلةٍ نُفكر، فننسُج خيالٌ مُبهِر، يُحيط به ألوان قوس قُزح، و تشرُق سماءِه بأشعة شمسها، فتغدو حياةٌ يُحيطها كواكبٌ براقة تطوف حولنا و تُزهِر بآمالٍ تُربِت على قلوبنا ..

في ليالي ديسمبر الكئيبة ، يشعر بارتخاء عقله عن التفكير، بينما يُشاهد مِن أسفلِ الغيوم المتناثرة كحباتِ القمح تلك النجوم المنتشرة مِثل حبات اللؤلؤ اللامعة.

كانت تجلس في تِلك الحديقة تُراقب ما يُراقبه الصغير بين أحضانها مُتجاهلة الجو المضطرب، بل حرَّكت أناملها المُزينة بأظافرٍ باللون الزيتيّ لتُغلغلها في خُصلاتِه التي تكاثفت حتى وصلَت لِعُنقِه في طولٍ مَن يراه يظنه فتاة لولا ملامحه الصِبيانية العابسة.

_ "يوجين؟ .. هل ستبقى تُحب والدتك للأبد؟ "

رفع رأسه بشكل لطيف لينظر لها بطريقة عكسية جعلتها تبتسم و هو يهتف بعبوس شديد و كأنّهُ يُدافع عن أمرٍ مهم جدًا:
" ماما يوجين يُحبِّك! "

قهقهت بلُطف تُحيط الطفل بين ذِراعيها تُقرب شفتاه قُرب أذنِه فتنهمر خُصلاتها البندقية بسلاسة بينما تهمِس بِحُب و دفء :
" إذًا تذكر ذلك صغيري .. والدتَك ستظل تُحبّك كثيرًا .. ستظل معكَ دومًا .. تذَكر ذلك. "

استدار ليُعانقها بطفولية فأحاطت جسده الصغير تُعيد كلماتِها بشكل مُبهم للصغير:
" يُدرك المرء عند نُقطةٍ ما، أنَّ الزمن توقف عندهُ .. فيغدو مُستعدًا لما هو قادم .. الجميع يا صغيري تؤلمهم الحياه ، تؤلمهم للدرجة التي تختنق بها أنفاسِهم دون قُدرة لهم على التنفس .. رُغم ذلك، فالحياه لم تتوقف أبدًا على أحد و استمرت البشرية .."

صمتت للحظة تَمسحُ على خُصلاتِه الليلية رادفة بنفسِ نبرتها:
" عندما تشعر بتلك النُقطة التي يتوقف عندها الزمن، غادر هذا المكان و إتجه إلى مَن يمنحُك الحياه .. دون أن تترُك اشراق روحك للظلام .. دائمًا كن مُتمردًا لأجل العيش، فمَن ييأس فهو في مثابة المُنتحِر، و المنتحرون لا يناظرهم العالم بنظراتٍ حلوة، بل تقتلهم نظراتِهم بعد أن قتلتهم مشاعِرهم صغيري. "

..................

يدٌ حطت أعلى كتفيه ليخرج مِن شروده مِن تِلك الذِكرى التي لم تُنسى على وجه رفيق طُفولتِه ليبتسم بمرح رادفًا بينما يُعطي ظهره للنهر و وجهه لبُرج إيڤل و أنامله تُعانق قلادة الفراشة في عُنقه:
" آدم لقد تأخرت يا فتى! .. لم ترى ماذا فعلتَ بهم! "

استنكر الصبي ما يَقوله رفيقِه ليهتف بينما يجوب بعيناه المكان حوله :
" هل ضربتهم مِن دوني يا يوجين؟! "

همهم الصبي بسعادة ليعبس وجه رفيقه التي انتقلت يده فورًا لتضغط على جُرح جبينه الذي ناله في المعركة الطفولية التي اندلعت بينه و بين عدة صِبية صِغار، فأطلق صرخة ألم لحظية بينما يدفع يده عنه رامقًا إياه في شر مُطلق ليبتسم آدم ببراءة و كأنّهُ لم يفعل شئ!

نيران مُتآكلة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن