Ch"21"

352 32 110
                                    

نيران متآكلة21

.
.

في جو من الهدوء كان جالسًا وسط عائلتِه يتناول ما يستطيعُه رغم فُقدان شهيتِه، أناملُه ترتجف بخفة لاحظها الأكبر الذي ترك معلقتِه و ناظره بغرابة قائلًا:
" تبدو مُتوترًا،  مارسيليو. "

جفل المعني ينظر نحو عيني الأكبر قبل أن يُشيحُها مُجيبًا ببرود:
" لا شئ أبي .. هناك ما يُشغل بالي وحسب .. "

توقف للحظة يتنهد بتعب ثم نهض مُستأذنًا:
" إعذرني علي العودة للمدينة، لدي دراسة. "

و دون حديث أخر كان قد ابتعد مارسيليو يُحاول مُجاراة هدوءِه و انطفاءِه كلما رآه أمامه،  فلا شئ يُعكر مزاجه سوى رؤيته!

التفت والده نحو أحد حراسه يناظره ببرود فأومأ الحارس متفهمًا نظراته!

في حين خرج مارسيليو من القصر يركب سيارته،  ثوانٍ بقى فيها واجمًا حتى تنهد ينخفض ليتكئ برأسِه إلى مقود السيارة ينظر ليداه التي ترتعش كما عيناه،  فقبض عليها بوجع هامسًا متذكرًا والدته:
" أعليَّ حقًا إكمال هذا الطريق؟ .. أشعُر بثِقلِهِ على قلبي!"

زفر أنفاسه يعتدل يُعدل نظارته الدائرية قبل أن يجذبها بعنف يتذكر هدفه فهمس ببُغض:
" لكن لا أستطيع أن أنسى! لا أستطيع مهما عصفت بي الرياح! "

*****

ينتهي بنا أن نشعُر بالفرحِ مع مَن نُحِب، نمكثُ دقائق ننظر لملامحهِم ببسمةٍ دافئة ، و كأنَّ بذلك نحفظُ في قلوبنا ملامحهم ، فنغدو مسلوبي الارادة في انغماسنا في أخذ قلوبهم لنُحاوطها بالسكينةِ و الآمان!

يُراقب بأعينهِ و بسمةٍ صغيرة مليئة بالحُب ، ذلك الجالس أمامه شاردًا بالطفل الصغير التائه بينما يده تحمل المثلجات يتناولها بشرود، فيبتسِم يوجين معها، هو مُغرم بأبيهِ كثيرًا، فيما يفوق الحُب أو ربما العِشق!

زحزح جسده ليلتصق بجسد أبيه يميل إلى كتفه ليُراقب معه ذلك الصبي الذي كان يلعبُ وحيدًا في رمال الحديقة، بينما اكتفى هو بالجلوس بجوار أبيه يُشاركه المُثلجات ليجفُل فجأة على صوتٍ يصدر من هاتف أبيه و حين نظر كان قد رأى الهاتف قد التقط صورة لكلاهما، و ابتسامة أبيه العذبة أجفلت ثنايا قلبه و أصابته بارتفاعٍ في نبضاته ، فابتسم يعود لحُضن أبيه يتذكر معها كلمات والدته حتى قاطع ذلك كلمات أبيه بينما يُحيطه في عناقٍ جانبي:
" صغيري، تبدو هادئ على غير عادة .. هل أنتَ بخير؟"

هز رأسه نافيًا يُراقب كل شئ بالحديقة بشرودٍ هامسًا:
" أنا بخير آرو .. أحاول البقاء قريبًا منك وحسب .. فأنتَ أبي أنا."

رمش بحِيرة ليبتسم بقِلة حيلة ينظر للصبي التائه الذي نهض فجأة يستقبل إمرأة ذات خُصلات بُنية بكل شوق، فابتسم للملامح المُتقاربة بينما اختفت ابتسامة يوجين يبتعد عن أبيه فجأة مما جعل آرون يلتفت له في حيرة من أمره حين سقوط المثلجات من يده دون أن ينتبه على نظرات المرأة التي بادلت نظراتها معه في ابتسامة شاكرة لكن مع نظرة آرون نحوها كانت قد التفتت تحملُ صغيرها و تبتعد بينما يُلوح لهم الصبي في براءة سعيدًا بعودة والدته!

نيران مُتآكلة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن