Ch"4"

652 61 161
                                    

نيران مُتآكلة4

..

كما هطلت الأمطار تلك الليلة مُغرقة إياهما أسفلها .. لم تُهدئ الغضب الذي كان يشمُل أعصابِه المُتشنجة بينما يُسنِد الفتى إلى صدرِه يَمنعُ تدفُق الدم الغزير مِن مِعصمِه بواسطة وِشاحه، كان هناك ثلاث رجال حوله ينقلون مَن مات من الرِجال، أتوا بعدما اتصل بِهم ليُنظفوا المكان تاركًا قائد هؤلاء الحُثالة يهرُب كنوع مِن إرسال رسالة للقائد الأعلى لهؤلاء الحمقى .. انخفض بصرِه للصبي بشرود يهدأ غضبه تدريجيًا ، يتسائل عن سببِ وجودهِ هنا ؟ .. كما وتفاجأ به يَحميه بجسده الضئيل قبل أن يخرُج فورًا مِن صدمته قاتلًا للرجُل!

انتبه للجُرح و لمدى غرَق وشاحَه بالدم ليعبس مع انخفاض بُكاء الصبي و ارتخاءِه في حُضنِه ليهمس بكلماتٍ استطاع إيصالها للصغير:
" الجُرح يحتاج للخياطة..لنذهب للمشفى يا صغير."

اختتم عاقدًا الوشاح بطريقة مُحترفة حول مِعصم الصبي كي لا ينزف أكثر .. ثم انخفض ليرفعه بين يديه يسير دافعًا بكلماتِه لرجالِه:
" نظفوا الفوضى جيدًا يا شباب. "

كان في تِلك القهوة يحتسي العديد مِن فناجين القهوة اللذيذة مع حكاويهِ للعم ماركو قبل أن يشعُر بالملل و ينهض كي يُغادر قبل أن يتوقف للحظة يستشعِر حركة حولَهُ جعلته يُغير طريقَه نحو أحد الأزقة ليخدعهم بالإمساك به .. ابتسم بسُخرية يتذكر ما حدث!

بعد نِصف ساعة كان يجد نفسَهُ أمام باب غُرفة الطوارئ يُحلِّق بنظراتِه التي اكتسبت هدوءًا خاصًا نحو الصبي النائم على السرير بينما جُرحَهُ يُخيَّط بعِناية مِن قِبل الأطباء لينتهي به يُلَف شاشًا أبيض حول مِعصمه ليتحرَّك صوب الطبيب و المُمرض و يبتسِم بهدوء بينما يسأله الطبيب بابتسامة ترحيب:
" هل أنتَ والده؟ "

كادت ابتسامتُه تختفي تلك اللحظة بنبضة قوية لازمت صدره لكنه حافظ على ابتسامتِه يُعطيه إيماءَة يتذكر للتو أنَّ لهُ ابنًا أو ربما إبنَة لكنَّه لا يُفكر حقًا بالذهاب لإكتشاف ذلك، ليس بالوقت الحالي .. لا لا أبدًا!

_" نأسف لذلك لكن علينا تبليغ الشُرطة ، تبدو حادثة .."

تكلم الطبيب بهدوء ليُقاطعه آرون فورًا :
" لا دكتور .. الأمر و ما فيه أنَّهُ كان يلعبُ بالسكين ، و دون أن ينتبِه سقط عليه بينما كنا مشغولين .. لم تكُن مُشاجرة ."

همهم الطبيب مُتفهمًا لذا تراجع عن إبلاغ الشُرطة ليسألهُ آرون بقلق و بشئ من التردد:
" دكتور هل هو بخير؟ .. أعني هل الجُرح خطير؟"

تنهد الطبيب يُهمهم بخفة رادفًا:
" نوعًا ما، لكن لا تقلق لم يُصِب مناطِق حساسة ، و بعيد عن الشُريان تمامًا .. لكنَّهُ نزف كثيرًا و يحتاج للراحة .. اعتني به جيدًا."

و كأنَّهُ أعطاه أمرًا بأخذِه لذا إستأذن مِن الطبيب و تقدم ليحمل الصغير النائم يُناظر ملامحِه في رِفق قبل أن يترجل نحو الخارج بأفكارٍ تعبث في خلايا عقله!

نيران مُتآكلة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن