Ch"26"

358 33 25
                                    

نيران متآكلة26

.
.

بدأت شمس الصباح بالإشراق باعثة شئ من الدفء لأجواء العاصمة التي حملت رياحًا حادة بالأمس .. و وسط ذلك تململ جسده على السرير يبدأ بفتح عينيه ليرى غرفة مألوفة لديه لكنه لم يتعرف عليها فهو رآها مرة واحدة فقط حين آتى تلك المرة قبل سنتين، ثم أدرك أمرًا نساه عقله جعله ينهض فورًا بفزع هاتفًا بإسم والده لتحتجزه يدها تُعيده للفِراش بينما تُخاطبه بلطف:
" لا بأس يوجين، عُد للنوم."

تقابلت عيناه بملامح وجهها الهادئة بينما تُعدل خُصلاتها الحريرية التي تصل لكتفها إلى الخلف ، تبتسم له برقَّة رادفة حين وجدت ملامحه قلقة:
" لا تقلق صغيري، أنتَ بأمان هنا و .."

_" هل آرو بخير، عمتي راما؟"

همهمت بأجل تمسحُ فوق خُصلاته فشعر بالسكون رغم قلقه على والده يتذكر كيف حماه بجسده فنظر لها مجددًا يُردف بتساؤل:
" هل سيكون أبي بخير؟!"

_"والدك قوي يا يوجين .. لا تخف عليه أبدًا بل ثِق دائمًا أنه سيتخطى كل شئ حتى الألم."

أجابته تسير بأناملها على وجنتي الصبي الذي رغم عبوس ملامحه و رغبته بالبُكاء لم يدع نفسه يبكي، و هل حقًا والده قوي؟ .. خلال الفترة التي قضاها معه أدرك أن والده هش للغاية، هو يغضب بسرعة و يستكين و يهدأ في لحظة! .. و هو حزين دومًا، هو رآى كيف يشرد والده في بعض الأحيان، يُدرك ذلك!

التفت مُعطيًا إياها ظهره مُعترضًا بنبرة مُختنقة:
" أبي ليس بخير عمتي راما .. أنتِ لا تعرفي أبي، هو سيكون حزين بمفرده."

تبسمت راما بخفة يرتخي جسدها فوق السرير دون الرد عليه لكن مَن فعل كان ثالثهم الذي فتح عينيه بانزعاج من أصواتهما:
" والدك أحمق يوجين."

عبس يوجين أكثر يُحدق في وجه آدم الذي بادله بعبث، ثم مد يده ليمسح دموعه مُخاطبًا إياه بشئ من المرح:
" قل صباح الخير بدل هذا العُبوس و سنجعل راما تأخذنا للعم الأحمق نسخة والدي."

أومأ يوجين مُدركًا أنَّ رفيقه لا يرغب أن يراه يبكي، و ذلك ما حدث حين اقترب آدم يحتضن يوجين مُربتًا على ظهره بلطف:
" لا بأس حسنًا؟ .. عمي آرون ليس ضعيفًا و سيتضايق كثيرًا إن علِم أنك بكيت بسببه."

_" أنا لا أبكي!"
هتف بحزن، فابتسم أدم بخفة في حين كانت راما تُشاهدهما بابتسامة دافئة، هي فخورة بإبنها الصغير حقًا!

بعد ساعة، اجتمع الصِغار حول الطاولة ينتظرون الإفطار، كان أدم يراقب يوجين الشارد، رجفة يده أدركها أدم ، يعرف جيدًا مدى خوف يوجين، كشخص فقد والدته من قبل، لا يرغب بفقد والده أيضًا!

استيقظ من شروده على قُبلة والده لجبهته و تربيتته السريعة على ظهره قائلًا باستعجال:
" صباح الخير صغيري ، صباح الخير راما .. و أنتَ يوجين ما هذا العبوس؟"

نيران مُتآكلة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن