توجه لأقرب "سوبر ماركت" وراح ينتقي لصغيره وأولاد أخيه سامي بعض الحلوي والمقرمشات التي يفضلونها، ثم توجه لبناية أخيه وقد اشتاق لطفله ووالدته الماكثة لديه منذ فترة.
استقبلته بحنان كعهدها كما رحبت به زوجة أخيه، ليمزح رفعت بقوله: ماما أعملي حسابك هترجعي معايا بكرة مش هسيبك أكتر من كده، ولا عاجبك القاعدة عند سامي وهتنسي ابنك رفعت؟
ضحكت وهي تلمح غيرته الحميدة مغمغمة: لا خلاص يا حبيبي بكرة هنمشي سوا، عشان كده سامي أخوك مجهزلنا سهرة حلوة على الروف عشان يبسطك قبل ما ماتمشي.
رفعت: والله أخويا ده صاحب مزاج، طب هو فين؟
_ بيوصي علي أوردر السمك المشوي والجمبري وجاي.
_ طب وابني وولاد عمه فين مش شايفهم؟
_ كلهم فوق في الروف بيلعبوا.
لتستطرد: أطلع استنانا معاهم يا حبيبي وانا ونجوي هنحصلك مع سامي لما يجي"
تعجب رفعت طلب والدته قائلا: ليه يا ماما أطلع لوحدي؟ هستني لما سامي يجي و…
قاطعته: يا حبيبي اسبقنا واسمع كلامي، ده الجو فوق هيعجبك اوي، ولا مش وحشك ابنك؟
لم يقتنع رفعت لكنه لم يجادلها وأخذ الأمر ببساطة وصعد للأعلى مشتاقا حقا لطفله، بمجرد أن بلغ أخر درجات السُلَم وصل لسمعه ضحكة أنثوية غريبة عليه، فتراجع خطوتان لعل هناك سكان صعدوا للروف وربما يزعجهم بوجوده، قرر ان يهبط ويعود مع عائلته ليكون الأمر أكثر لياقة، وقبل أن يبتعد كثيرًا سمع قهقهة طفله التي لن تخطئها أذنيه، دفعه فضوله واهتمامه ليتلصص برأسه من زاوية الباب المُشرع كي يري مع من يضحك، لمح فتاة نحيلة فارعة القوام تركض بخفة وثوبها الفضفاض الطويل يرفرف حولها مع حجابها الرقيق المتطاير، وكفيها يحتجزان كرة قدم ملونة تقذفها نحو صغيره الذي حاول تلقفها فلم تُساعده يديه الصغيرة وأخفق بالتقاطها، لتضحك وهي تقترب وتحمله بين ذراعيها وتلاطفه فتعلو ضحكاته، نمى لديه فضول ليري وجهها المحجوب عنه وهي تعطيه ظهرها، لتحين منها التفاتة جعلته يضيق عيناه بتركيز والملامح تبدو مألوفة لديه، لقد رأى هذا الوجه قبل ذلك لكن الذاكرة لا تسعفه ليتذكر، قبل ان تتسع عيناه بغتة وهو يهمس في نفسه " مودة".؟!الأن تذكر تلك الصغيرة شقيقة نجوى، عجبًا متي أكتسبت كل هذا الطول و… والجمال، لقد غدت فتاة جذابة رقيقة بشكل لم يتوقعه، ومض بعقله ذكرى اعترافها المتهور بالحب و الذي خطته علي ورقة صغيرة ودسته بإحدي الكتب ليراه، ولم يعتبره حينها سوى أعتراف طفولي غير ناضج وتناساه تماما ولم يذكره بعدها حتى في نفسه ولو مرة واحدة، اعتبره خيالات مراهقة عادية لا تحتمل حتي اللوم، الذكرى جعلته يبتسم قبل أن يقرر الإعلان عن وجوده، فلا يصح وقوفه وهو يراقبها گ الصبيا الصغار.
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تجمدت "مَودة" في موضعها بعد أن أدركت من صاحب الصوت وتخشب جسدها فاقدة السيطرة عليه وعيناها المتسعة ترمقه بدهشة غير متوقعة مجيئه، لم تخبرها نجوى انه سوف يأتي الليلة وظنت قدومه في صباح الغد، لو علمت ما أتت هي تشاركهم السهرة فوق الروف بعد ان دعتها بإلحاح والدة رفعت.