الفصل الخامس والعشرون

3K 95 25
                                    

يقولون أن للعشاق جذوة تنطفيء مع فرط التعود، وقلبها يخبرها أن لهيب عشق هذا الرجل لن يخبت داخلها مهما تعاقبت الأيام والسنون عليهما، إيمانها بمشاعرها نحوه صار قويا بما يكفي لتوقن أن غرامه سيظل باقٍ داخلها حتى تبلغ المشيب، تنهدت بحرارة وعيناها ترتشف ملامحه بوله ومع كل نظرة تعده أنها ستبقى زهرته اليانعة المزروعة بقلبه، زهرة لن تحيا إلا بنبضاته،  تكاد لا تصدق أنها نامت بين ذراعيه واندثر بينهما الخصام وعاد لها عاشقا كما كان، فارسًا تفنن بإرضاء ملكته، أشتهت تقبيله فانحنت بحذر تمسد جبينه بشفتيها الناعمة وكانت قبلتها أكثر من كافية لإيقاظه، أشرع عيناه الناعسة ليبتسم رضا فور رؤية وجهها قريبا هكذا، أسكن رأسها فوق صدره وهو يعانقها هامسا بصوت خافت: صباح الخير يا حبيبتي.
وجدها تلتقط كفه لتلثم باطنه هامسة: صباح الرضا يا حبيبي.
لمسة شفتاها لكفه بهذا الحب وهذا الحنان أشعلت مشاعره التي لم تُخمد بعد فاعتدل وكافأها بما يليق بها وبه قبل أن يتأملها وعيناه تتلكأ فوق ملامحها بطء كأنه هو الأخر لا يصدق أنهما عادا سويًا، يقتسمان نفس الفراش بل ونفس العاطفة التي فاضت بها زوجته بأروع صورها وهي بأحضانه ليلة أمس، كانت تشتاقه بقدر ما اشتاقها طيلة الأيام الماضية، داخله حماس ولهفة شديدة ليعوض ما فاتهما، العمر لا يزال بأوله ويريد ان يسطر معها أجمل الذكرايات، ربما تلك بدايتهما الحقيقة، سابقا كان هو الذي يمنح عشقه دون مقابل ويعبر عن دواخله بسخاء وهي كانت نافرة شحيحة العطاء، أما الأن صارت تبادله عشقه كما تمناه، لتنفرج كل أبوابها المغلقة ولا يعود بينهما بابًا موصد، صك عودتهما تلك المرة صكًا أبديًا لا رجوع فيه، بداية شروق حقيقي لقصتهما، شروق لن تهزمه عتمة غياب أو جفاء قاسي، بل ستظللهما شمس حبهما للأبد.

تخللت أصابعه شعرها بحنان هامسا وعيناه متخمة بعاطفته: تعرفي، لسه مش مصدق ان كل حاجة رجعت زي ما كانت، هو أنا ازاي قدرت أبعد عنك يا أشرقت؟ ازاي قدرت! حاسس إني كنت ميت وردت فيا الروح بمعجزة.
_ المعجزة هي أنت يا رضا.
ردها المفعم بحرارة جعله يبتسم لها وهي تسترسل بفيضها:
لو حد فينا أتردت فيه الروح يبقا أنا، لو حد فينا لقى نفسه بعد ما كان ضايع يبقا أنا، أشرقت اللي معاك دلوقت اتولدت علي ايدك انت، كل عطب اترمم فيا ليك الفضل فيه، كل حتة فيا بقيت تخصك انت.

ثم توقفت و تلك الدمعة التي سكنت مقلتيها تسيل هامسة وهي تطوق وجهه براحتيها : أوعدني يا رضا إن مهما حصل بنا متعاقبنيش ببعدك تاني، أوعدني تفضل معايا وتتحمل جنوني، أنت بقيت كل اللي ليا في الدنيا، رضاك هو مفتاح جنتي، والجنة من غير صحبتك متبقاش جنة.

المزيد من احتوائه وهمساته الحانية كانت رده الوافي عليها، لتنقضي بضع دقائق بينهما وعواطفهما المشتعلة تخمد من جديد ليتمتم بعدها: إيه رأيك نخرج بعد الغدا نشتري هدوم للبيبي ونسهر في أي مكان، ممكن نروح سينما مثلا.

رواية أشرقت بقلبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن