الفصل الأول

3.7K 92 11
                                    

الفصل الاول
__________

العتمة خلف نافذتها تغزو كبد السماء وتبدو قاتمة، تنذر بإنهمار مطر وشيك، ودوي الرعد بدأ يعلن عن نفسه بقوة يصاحبه لسان البرق الضاوي، فترى "أشرقت " الجو كئيب يشبه دواخلها وهي منكمشة فوق أريكتها تطالع الأفق بشخوص وعقلها يُحصي الأيام التي تركها زوجها تمكثها بمنزل شقيقها، تدفق من ذاكرتها تفاصيل لبعض مما كان يحدث بينهما، صوت صياحها الغاضب المقهور يمتزج بضحكاته الساخرة حينها.

"بتضربني يا عزت؟! يعني بدال ما تجيب حقى وتنصفني تيجي عليا وتفرحهم فيا؟!
بذهول وعيون دامعة حدثته ليجيبها بقسوة:
أمال احسس عليكي لما تضربي اختي؟ الإيد اللي تتمد على قمر" اقطعها، والصوت اللي يعلى على امي أخرسه.

أشارت لصدرها بكسرة هاتفة: طب وأنا حقي فين؟ أنا ضربت أختك لأنها طلعتني حرامية وقالت اني سرقت الخاتم بتاعها، وامك بدال ما تقولها عيب صدقتها و بهدتلني.

ثم دنت إليه قائلة وهي تتفرس ملامحه: انت مصدق ان مراتك حرامية يا عزت؟

رمقها مليا قبل أن يطعنها بقوله:
ليه لأ؟
ارتحت ذراعيها جوارها وترقرقت حدقتيها بحزن مخذولة من جوابه، ليشع داخلها وميض التمرد بصراخها:

_أنا خلاص مابقيتش قادرة اتحمل العيشة دي، تعبت منكم ومش حاسة اني بني آدمة و متهانة وسطيكم، أسمع يا عزت انت لازم تجيبلي شقة لوحدي اسكن فيها.
أجابها بسأم: وبعدين في موال كل يوم ده، مش هنخلص؟.
هدرت عليه وقد نفذت طاقتها: لا مش هنخلص غير لما تنفذ طلبي, وتشوف لي شقه في مكان تاني بعيد عن أمك, وتوفي وعدك اللي قلت عليه لما اتجوزتني وتبقى أد كلمتك مره واحده في حياتك يا عزت
حدجها باستخفاف، وسريعا ما تبدلت نظرته وهو يطوف على قدها بنظرة شهوانية تعرفها أشرقت جيدا، اقترب فحذرته بحدة: انسى، مش هخليك تقرب مني بعد كده انا خلاص زهقت منك، انا مش عبدة عندك ولا جارية اشتريتها لمزاجك.

عزت ببرود و هو يحل أذرار قميصه: انا جوزك وده حقي
_ وهو انت ما تعرفش غير حقك وبس، طيب فين حقي وراحتي أنا؟ من يوم ما اتجوزتك ماليش حقوق عندك، بس دلوقت مش هتنازل عنها.
_ يعني هتعملي ايه؟
_ هسيبلك البيت.
_قهقهته الساخرة افقدتها عقلها لتصرخ عليه: ماتضحكش انا مش بهزر يا عزت، و همشي دلوقت حالا عشان تصدق إني مش بهزر.
"عايرها" بقوله المحتقر لها: هتمشي تروحي فين؟ لاخوكي الخيخة؟ ولا مراته اللي بتشغلك خدامة عندها هي وولادها؟ طب علي الاقل انتي هنا بتخدمي في بيت جوزك وامي أحق بخدمتك من رباب مرات اخوكي
اشعلتها معايرته و ذمه بشقيقها فصاحت بصراخ: من انهاردة مش هخدم أي حد، مش هسمح اتظلم تاني، ولا انت ولا امك ولا رباب ولا أي مخلوق في الدنيا

جلجلت ضحكته ثانيا ثم دني ليهدئها، بالطبع ليس رغبة في إرضائها بل لإرضاء نفسه ونيله لها، فكلما ثارت عليه راقت لعيناه، واصلت رفضه فلم يستسلم، قاومته فتغلب عليها بقوة جسده، لتنتهي الليلة بينهما بشكل مهين لها، فازدادت مرارة و قهر وألم، قررت أن تضع حد لما تكابده فعزمت على الهروب من عرينه بأول فرصة بعد سقوطه في النوم، غادرت المنزل لتنهي عذابها معه، أو بالأحرى تنقذ ما تبقى منها فإن ظلت بعد ما حدث لن تكون تلك الجدران سوى قبرا، قبر سيبتلعها كل يوم، كل ساعة، سترحل لآن!"

رواية أشرقت بقلبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن