الفصل السابع عشر

2.7K 102 10
                                    

أسبوعان فقط وترحل من بيت خالتها لبيت جديد، لا تدري ماذا ستلاقي بين جدرانه؟ جحيم أخر او نعيم؟ هل ستحب حياتها معه ام تكرهه وتكرها نفسها أكثر، مازالت لا تريده، داخلها يأبى التقيد من جديد لحكم رجل بأسم الزواج، ليتها رجلا ما كانت تهاب شيء ولا يؤثر بها حديث الناس وطعنات حكاويهم في أخلاقها التي أجبرتها لتقبل ما يصير لها بخنوع.

_ أشرقت لسه مش عارفة تنامي ؟
استدارت قليلا لسارة هاتفة بخفوت بعد تنهيدة:
لسه، مش عارفة.
اعتدلت فوق فراشها تهتف بمشاكسة طفيفة غامزة بعيناها: بتفكري في رضا؟
حدجتها باستياء ثم عادت تتأمل الفراغ بشخوص، لتغمغم سارة بنبرة جادة: تعرفي يا أشرقت الحب ده غريب أوي، مالوش قواعد ولا حدود، القلب لو حب حد، مابيشوفش فيه غير الحلو وبس، لما قالو مراية الحب عامية يمكن قالوا كده لأن محدش بيشوف في اللي بيحبه عيب أو علة.

التفتت لها أشرقت بنظرة مرتابة:
بت يا سارة أنتي بتحبي حد ولا ايه؟
قهقت قبل ان تهتف:  لا والله ده لحظة تمعن كده وهتروح لحالها ماتقلقيش.
لتستطرد بحماس مفاجيء:  أنا متحمسة أوي لبكرة، أخيرا هنروح نشوف فستان الفرح بتاعك، في كام أتيليه أذواقه تحفة أكيد هيعجبنا حاجة منهم.
_ بقولك ايه أنا مش هروح اختار فساتين، انتي عارفة مقاسي، اختاري اي حاجة مش هتفرق.
حدجتها باستنكار:  نعم ياختي؟ أنتي عبيطة يابنتي؟ معقول مش عايزة تختاري فستانك؟ أنتي أكيد مجنونة.
تمتمت ببرود وهي تستعد للنوم:  وايه الجديد، عاملوني معاملة المجانين واستحملوني لحد ما امشي من هنا.
ثم تثائبت مع قولها:  تصبحي علي خير بقا عشان هنام.
حدجتها سارة بامتعاض قبل ان يقفز لعقلها فكرة خبيثة جعلتها تهتف بمكر:  خلاص أمري لله هختارلك الفستان، والله لولا ان بيقولوا ماينفعش العريس يشوف فستان عروسته قبل الفرح لأنه بيكون فال وحش علي الجوازة، كنت خليت رضا يروح معاكي يختاره وارتاح أنا من وجع الدماغ ده.

استدارت أشرقت سريعا كمن لدغها عقرب لتصيح بنظرة لامعة: خلاص يا سارة خليكي انتي، أنا هروح مع رضا بكرة نختار فستان الفرح!

كتمت الأخيرة ضحكتها بعد أن التقطت الحمقاء الطعم وهي تهمس بضميرها: شاطرة يا بنت خالتي وصلتي للنقطة اللي كنت عايزاها، أما نشوف هيحصل ايه بكرة.
__________

ينتظر طلتها بلهفة وهي تختفي عنه خلف ستارة بيضاء انزاحت لتوها ببطء وهي تتجلى عليه گ أميرة فاتنة بفستان عرسها الأبيض، لمعت عيناه بعاطفة جياشة ونظراته ترسل لها سيلا من الأشوق وإعجابه بدا واضحا بشكل أخجلها قليلا قبل أن تستعيد ثباتها قائلة بفظاظة: حلو الفستان ده ولأ ؟ قول رأيك خلينا نخلص  عشان نروح.
ابتسم وقد تعود علي طبعها الفظ معه هامسا:
الفستان حلو عشان اللي لبساه أجمل واحدة شافتها عيوني.

أسرها إطراءه وللحظات تشابكت نظراتهما ورضا تفيض عيناه بعاطفته لها دون حدود، لتغرق هي بشعور غريب و دخيل يفرض وجوده عليها، شعور تتعجبه وتخافه وتقاومه ولا تدري سببا لمقاومته
رغما عنها رفرفرت أهدابها  لهمسه الذي أصاب موضعا بروحها، نبرته الحانية هذه تخترقها بشكل تعجز عن صده أو حتي فهمه، تتعجب إصراره عليها وهو يستحق الأفضل منها لما   هي بالذات بكل عقدها وندوبها وزهدها؟
الحب؟!
وهل سيبقي حبه وأشواقه متقدة بعد أن ينالها؟
كل هذا سينطفيء وتبقا له مجرد جسد يفرغ به طاقته وحسب، هذا ما تؤمن به، الرجال حتي لو أحبوا يكون لغرض ما أن تحقق تفتر مشاعرهم وتتلاشي.

رواية أشرقت بقلبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن