الفصل التاسع عشر

2.3K 102 18
                                    

وقفت تعدل هيئتها بزاوية غير مكشوفة قبل أن تبصق قطعة "اللادن" من فمها المرسوم بحُمرته الصارخة، لتقترب لذاك الذي ينتظرها بلهفة بدت واضحة فور رؤيتها أتية نحوه.
_ أتأخرتي عليا ياقمري.
قالت وهي تأخذ مكانه في المقعد المقابل:
_ أعمل ايه يا "ضرغام"، أمي بتوجع دماغي في الطالعة والنازلة جاية منين وراحة فين، كنت بدبرلها حجة عشان اجيلك.
تمتم وعيناه تحدجها بوقاحة: أمتي بقا نتلم في بيت واحد وأطفي شوقي يا ست البنات.
قهقهت بضحكة صاخبة مرددة:  بنات ايه يا ضرغام؟ أنت نسيت اني كنت….
قاطعها وكفه يتجرأ ليرسوا علي شفتيها:  تفي من بقي وماتقوليهاش، أنا مش عايز افتكر انك كنتي لغيري، أنتي حبيية ضرغام وبس.
ليتبع قوله وهو يسحب كفه ويجذب من جيبه علبة صغيرة فتحها لتري قمر فحواها فتشهق:  الله، الخاتم ده عشاني؟
أومأ لها هامسا:  وعشان مين غيرك؟ عيار اربعة وعشرين وحياتك، مش خسارة فيكي.
منحته نظرة راضية يتخللها الدلال وهي تلتقط الخاتم وتدسه بكفها هاتفة: طب لما انت هتموت عليا كده، مستني ايه؟ ماتيجي تطلبني من أخويا ونتجوز ونتلم في بيتنا ونعيش حياتنا. 
_ ياريت يا قمر، ده اليوم اللي بتمناه، بس اعمل ايه والإيد قصيرة، وأنا لازم اعيشك عيشة مرتاحة في شقة تليق بيكي.
ليستطرد: بس أخويا اللي عايش برة وعدني يساعدني في شقة حلوة عشان اتجوز فيها، اصبري معايا وأخرة الصبر خير.
تنهدت بضيق:  أديني صابرة يا ضرغام، ولو إن عيشتي مع امي وأخويا بقيت مرار، بالذات عزت اللي مقلبني كل يوم وبياخد مني فلوس يطفح بيها الكيف بتاعه، بسلامته بيظبط مزاجه من فلوسي.
_ وانتي ازاي سمحاله بكده؟ دي فلوسك وانتي مش صغيرة عشان يعاملوكي زي العيلة.
_ بس احنا برضو في حتة شعبي والناس عنيها بتفضل علي المطلقة مش سايباها في حالها، خصوصا انا عشان مهتمية بنفسي حبتين.
أمسك كفها يلثمها بوله مع همسه:  أهتمي بنفسك وادلعي يا قمري، ده الدلال اتخلق عشانك.
ضحكت والمزيد من الثقة تحتلها وضرغام دائما يا يشعرها بقيمتها كأنها نجمة عالية في السماء.
_ بعد كده ارفضي تدي عزت فلوس.
عقد حاجبيها الرفيعة هاتفة:  أرفض؟ أخاف يعملي حاجة؟
_ وهي سايبة؟ لو مس منك شعرة اجري علي القسم قدمي فيه محضر زي ما طليقته عملت قبل كده، وقتها هيخاف منك ويعرف أنك مش شوكة سهلة ووقت اللزوم هتقفي في زوره، هيتجنبك وترتاحي من قرفه.

غامت عيناها بتفكير هامسة:  تفتكر كده يا ضرغام؟
_ طبعا، جربي وشوفي.
شخصت عيناها والخاطر يتألق بعقلها أكثر، حبيبها محق، لن تكون لقمة صائغة لأحد، سوف تظهر مخالبها لكي لا يحاول استغلالها بعد الأن.
_ هقوم بقا عشان متأخرش.
_بسرعة كده يا قمر؟ مالحقتش اشبع منك.
_ معلش هعوضهالك المرة الجاية.
زفر بشوق وهو يرمقها برغبة: ربنا يصبرني لحد ما اشوفك تاني.

"كنتي فين ده كله يا قمر"
نفخت بضجر مجيبة: يوه بقا، مش قولتلك قبل ما اخرج إني رايحة مشوار.
_ مشاويرك كترت يا بنت بطني
_ طب ما تكتر وأنا ورايا ايه يعني غير أخرج واتمتع بالدنيا.
_ وهتفضلي عايشة كده؟ مش هتفكري في العريس اللي اتقدملك.
شهقت باستنكار:  عريس مين ياما؟ الراجل الكحيان اللي محلتوش حاجة؟ ده أكيد طمعان فيا وعايزني اصرف عليه.
وبعدين فاكراني عشان مطلقة ارضي بأي حد؟ فشر، ده أنا قمر وألف مين يتمني ترابي.
لتستطرد بحدة:  اسمعي ياما عشان تريحي دماغك من ناحيتي، أنا يوم ما اتجوز هيكون عريس علي نقاوتي، لازم يدخل دماغي عشان ارضي، ومفيش حد في الحي ده كله أصلا ينفعني.

رواية أشرقت بقلبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن