الفصل الخامس

2.3K 92 4
                                    

الفصل الخامس
______

غرفتها مظلمة مثل القبور
و رضيعًا يبكي بين يديها
أعتصر قلبها قبضة وهمية كادت تختنقها وشح الهواء برئتيها
تحتضن صغيرها الباكي بقوة فتؤلمه دون أن تشعر
عيناها الزائغة برهبة تدور في المكان الحالك سواده.
لا تزال تختنق و وجها يزدد شحوبًا.
تبحث عن بقعة ضوء كى ترى وجه طفلها وتطعمه.
لكن للعجب ملامحه مبهمة لكنها على يقين أنه صغيرها.
الصغير جائع وثديها ناضب من حليبه
تحاول البحث له عن شئ ولا تجد
هل ستترك رضيعها يموت جوعا ويعانى مثلها؟
ألن يغيثها أحدًا؟

_هاتى الولد، أنتى ما تستاهليش تكونى أمه.
_عشان يعيش لازم انتى تموتي.
_هاتى أبنك، سيبي أبنك، أنسي ابنك، مش هتشوفيه تاني.

الرعب دب بأوصالها بغتة لترتجف وضميرها يتسأل
من أين أتوا وحاصروها
الجملة الأولى بصوت عزت
والثانية انبعثت من والدته البغيضة
تبعتها قمر التي تحاول نزع الصغير من بين ذراعيها.
الصراخ يملأ صدرها لكن الغريب صوتها لا يتجاوز حلقها، تتشبث بصغيرها أكثر.
وكلما فعلت تكالبوا عليها ليأخذوه عنوة.
عزت..والدته..قمر.
جميعهم يقتربون منها بوجوه مخيفة
لتدرك أخيرًا الضي الذي تسرب لغرفتها دون أن تنتبه
أذرعهم الطويلة ينعكس خيالها المخيف على الجدران
تمتد لتنتزع الصغير منها وهي تقاوم متشبثة به
عزت كأنه تبدل و كفه تحاول زهق أنفاسها معتصرًا عنقها بتلذذ، من جديد تحاول التخلص منهم والدفاع عن الصغير و تفشل.
أنتصر جبروتهم ونزعوه مبتعدين.
وصدى ضحكاتهم الشامتة تدوي بأذنيها.
هنا فقط تمرد صوتها وصرخت
صرختها كانت هادرة وهي تنادي طفلها
تصرخ وهم يبتعدون
جسدها يستسلم لشبح الموت.
لينتهى كل شيء بلحظة واحدة.
ربما الأن في عداد الاموات.
حتما هي كذلك.

انتفض جسدها واستعادت وعيها دفعة واحدة.
العرق يسيل من جانبي وجهها بغزارة.
حلقها شديد الجفاف، تلهث وهي تتلفت حولها، لا تصدق أنها كانت تحلم، لا ليس حلم، بل كابوس بشع.
وجع قلبها وهم ينتزعون الصغير عنوة من أحضانها لا يزال يؤلمها، العجيب أن شعور أمومتها بين زوايا حلمها كان حقيقي،  نصل الحرمان شق صدرها نصفين.

_ أنتي صحيتي يا أشرقت؟"
كنتي بتصرخي بصوت مكتوم، شكلك كنتي بتحلمي
خدي اشربي مية"
نظرت لعزت بخوف لا تدري من أين أتى، مطالعة وجهه ذكرها  به وهو يخنقها في الحلم، أثر رهبتها منه لا يزال محفورا في عقلها.

وبينما هي تصارع خوفها كان يرمقها بنظرة عجيبة.
ومضة ندم طفيف برقت بعيناه ليهمس لها:
عارف إن أمي زودتها معاكي في الضرب المرة دي، بس انتي برضو السبب يا بنت الناس عصبتيني وخرجتيني عن شعوري.

بلحظة استعادت ذاكرة أشرقت كل شيء حدث ليلة أمس
صدمتها بخداعه واحتياله ليأخذ مصوغاتها ويعربد بثمنها
تعديه عليها لتأتي والدته الشمطاء وتستأسد عليها
لتصبح عصفورة بين صقران ينهشان لحمها حية.

رواية أشرقت بقلبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن