الفصل الثاني عشر

31 5 6
                                    

كم من المرات شعر الإنسان أنه عاجز؟ أنه بلا حول ولا قوة؟ أنه مُسيّر وليس مُخيّر؟ أن يشعر أن كل هموم الدنيا قد ترابطت ضده، أن حياته مقيدة، ينطلق اليأس في طريقه يخرج له لسانه مغيظًا إياه، فيتراجع حينها.

هكذا كان يشعر سيف الذي جلس بتعب ينخر في جسده كله، لا يصدق كيف تتوالي الأحزان في يومٍ واحد فوق رأس الإنسان، أغلق الخط دون إنتظار تكملة لحديث خالد ثم وضع رأسه بين يديه تحت نظرات الجميع القلقة، خاصةً ندى التي تناست غضبها لوهلة وهي تتآكل من الفضول عن تلك المصيبة التي يتحدث عنها.

إقترب منه بلال يجلس بجانبه بتساؤل: في حاجة ي سيف؟

أردفت زينب بقلق: مصيبة اي يبني كفى الله الشر؟ حصل حاجة ؟

رفع رأسه بإنهزام شديد وكأنه على وشك الإختناق، كانت نظراته صوب ندى فقط، التي بدورها لم تفهم نظراته، فقط تألم قلبها على ملامحه التي كساها الهم.

وقف سيف بسرعة وقال بهروب: مفيش حاجة متقلقوش، أنا هطلع برا شوية.

ثم رحل دون كلمة أخرى، نظرت زينب صوب بلال بمغزى فأومأ لها ثم رحل خلفه، نظرت سارة لندى بتساؤل فهزت الأخيرة رأسها بجهل وهي تنظر في أثره بشرود وحيرة كبيرة.

تنحنحت زينب بإبتسامة: هقوم كدا أبص على أميرة.

ظهرت معالم الغرابة بوضوح على وجهيهما فتساءلت زينب بتعجب: مالكم مستغربين ليه كدا ؟

أردفت سارة بحرج: متأخذيناش ي طنط بس استغربنا اهتمامك بأميرة، آه هي حكت لنا عنك لما اتغدت معاكم في البيت بس يعني....

إبتسمت لها بتفهم: عشان يعني مفيش بينا صلة أو قرابة؟ قصدك كدا صح؟

إبتسمت سارة بحرج فأردفت زينب بنفس الإبتسامة: في علاقات كدا مبتحتجش أي صلة، بتحصل تلقائي كدا، يعني بترتاحي لفلانة دي رغم إنك معاشرتيهاش، بتدخل قلبك كدا طوالي كأنها عشرة سنين، وممكن تتقفلي من فلانة تانية رغم إنك مشوفتيش منها أي حاجة، هو بيبقي قبول من عند ربنا، حاجة ملناش دخل فيها، مش في معرفة وفي جيرة وفي صحوبية وفي حب؟ في كل أسماء العلاقات وكل الأشكال، عارفين بقى أنهي فيهم الأقوى؟

نظرت لها سارة بفضول بينما ندى بإنتباه شديد فأكملت: العلاقات اللي بتبقى في الله، اللي بدون سبب، اللي مهما بانلك عيوب وأخطاء ف الشخص اللي قدامك هتقبلي كل العيوب دي بكل حب بل بالعكس هتحسيها مميزات، عشان كدا بصي دايمًا للعلاقات اللي حواليكي، يعني مثلًا بتحبوا أميرة ليه؟ هل عشان بتحبكم؟ فبتحبوها مجاملة لحبها؟ ولا عشان بتساعدكم ف الدراسة؟ ولا عشان جابت لكل واحدة فيكم هدية ف عيد ميلادها؟

صمتت تستشفي تفكيرهما ثم أردفت: ولا بتحبوها بدون سبب؟ عشان هي أميرة وبس، بكل عيوبها وشقاوتها وعِندها وخناقاتها وكل حاجة؟ فكروا كدا وابقوا قولولي، بس لو طلعتوا بتحبوها عشان سبب من الأسباب اللي قولتها هبقى كدا بحبها أكتر منكم رغم إنها معاكم من زمان وأنا شوفتها مرة واحدة.

تُشبِهين الوَرد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن