الشجار الأول

63 7 113
                                    

زفرت بضيق متذكرة ما فعلته منذ عدة دقائق..
لماذا منذ أن جئت إلى هذه القرية لا أتوقف عن البكاء لاسيما أمام الآخرين، منذ متى وأنتِ بهذا الضعف يا ميلي؟؟! والأمر الأكثر احراجًا هو لفظي تلك الجمل عديمة الجدوى...لقد وعدت نفسي ألا أذكر ما مررت به هناك لأحد ولكنني وببساطة دون أي تفكير قلت ذلك.

تنهدت مجددًا وارتميت على الاريكة...ولكن لحظة كيف وصل بي الحال إلى هنا؟ كل ما اتذكره أنني كنت أبكي في غرفة النوم، هل جئنا لهنا دون أن ادرك الأمر؟ هل هواء هذه القرية مسموم أو به شيء ما؟ أنا لست طبيعية البتة!

توقفت عن التذمر واعتدلت في جلست عندما سمعت صوت خطواته المتجهة نحوي، كيف سأواجهه؟ ربما البكاء أمام أحد ليس بالامر الكبير للبعض ولكن بالنسبة لي إنه من المحرمات بالاخص أمام أشخاص لا أعرفهم، فأنا لم أبكِ قط إلا أمام أمي وذلك الاحمق الجبان المهووس.

أدرت وجهي عندما لاحظت اقترابه مني، لا استطيع أن انظر إليه بكل تأكيد! وقف أمامي ولكنني لم التفت إليه لذا تحرك وجلس جواري بعد أن وضع شيئًا ما على الطاولة المقابلة لي، التففت ببطء انظر لما وضعه ولم يكن سوى كوب به شيء اخضر، لا اعرف ما هذا حقًا ولكنني لن افضل تجربته على أن اسأله واحرج نفسي مجددًا، حملته وأنا على وضعي اتجنب النظر له، قربته من أنفي اشتمه قبل أن ارتشف منه..بالتأكيد لن أجازف بدخول شيء غريب في معدتي، قربته من فمي بعدها ثم ابعدته في تردد، ربما لا يملك رائحة نفاذة ولكن ماذا إن كان طعمه سيئًا؟ هل اتصرف وكأنني شربت ثم أخبره انني متعبة وسأذهب للنوم؟ ولكن لحظة! ماذا إن كان يحتوي على سم؟ ربما يحاول قتلي والتخلص مني؟ ولكن ماذا سيستفيد من قتلي؟ ربما هو قاتل مختل! ميلي عليكِ حقًا أن تتوقفي عن المبالغة في التفكير فنحن لا نعيش في قصة خيالية!

-" إنه مشروب من عدة أعشاب تصنعه جدتي يساعد على تهدئة الاعصاب لا تقلقي" أردف ذلك فجأة

أحكمت قبضتي على الكوب وودت لو أدفن نفسي الآن، هل قلت ذلك بصوتٍ عالٍ أم أن تصرفاتي كانت واضحة بشدة؟ انكمشت على نفسي وارتفشت القليل دون أن أجيب عليه، كان طعمه عاديًا على غير المتوقع..اعتقدت أنه سيكون مرًا أو شيئًا كهذا، تابعت احتساءه في صمت حتى قاطعه إيان قائلِا:

-" هل أنتِ أفضل الآن؟"

هل كان عليه أن يسأل؟ لماذا لا يتصرف وكأن شيئًا لم يحدث!

اكتفيت بالايماءة كرد وعم الصمت مجددًا، ربما علي أن اقول شيئًا مثلا أحاول تبرير موقفي؟ لا أريده أن يعتقد أو يأخذ فكرة خاطئة عني بأني ذلك النوع من الفتيات المدللات كثيرات البكاء.

-أردفت بتوتر" لعلمك.. أنا لست كثيرة البكاء ولا مرهفة الاحساس كل ما في الأمر أنني...أنني..امم"

على أعتاب جلفياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن