لقاءٌ غير مرغوب به

19 1 3
                                    

قرر ديلان الانسحاب بهدوء بعد أن انتهى من مهمته في هذا الحدث الرياضي، ولم يكلف نفسه عناء اخبارهم بذهابه، وكذلك هم لم ينتبهوا لاختفائه، لم يثر هذا الامر انزعاجه، كان ليفعل إن حدث هذا قبل سبع أو ست سنوات، فقد اعتاد وقتها أن يكون محط انتباه الجميع، ولكن منذ قرر أن يخرج من هذا المنزل دون عودة لم يعد يأبه بهذا الأمر، على الرغم من أن ظروفه اقتادته للعودة إلى هذا المنزل 'المشؤوم' من وجهة نظره.

تنهد بضيق متذكرًا أمر الورق الذي هو بحاجته، لقد بحث كثيرًا في ارجاء المنزل إلا أنه لم يجد شيئًا، حتى أنه بحث في المخزن عل إيان قام باخفائها هناك ولكن بحثه ذاك باء بالفشل.

-همس لنفسه قائلًا" لماذا على إيان أن يصبح ذكيًا عندما يتعلق الأمر بهذا؟!"

ركل العلبة بالانزعاج بينما يشتم في سره، سار وسط الطريق الخالي فالجميع كان يجتمع بالفعل في جنوب جلفيا من أجل الحدث الرياضي ' المثير للشفقة' كما يعتقد ديلان.

تابع السير يتأمل المكان دون أن يشعر بأي ذرة حنين بل سار مع شعور بالشفقة على ذاته الماضية، فهذا الشارع كان قد اعتاد أن يركب فيه دراجته التي توسل لوالده حتى يشتريها له، وحصل عليها بشق الأنفس، كم كان مثيرًا للشفقة حقًا، الحصول على دراجة كأنسون ودانيال كان أقصى طموحاته، وحتى بعدما حصل عليها كانت أقل جودة من خاصتهما.

-تمتم لنفسه باستهزاء" وفي النهاية شعرا بالملل منها في غضون شهر لذا فعلت مثلهما وألقيت بها لإيان الذي كان سيطير فرحًا بها"

على عكسه كان إيان يشعر بالرضا دائمًا، وتتملكه الفرحة عند حصوله على أي شيء حتى وإن كانت ملكًا لديلان وقتها، لم يفهم قط كيف لإيان أن يكون راضيًا كل هذا الرضا عن حياته إلا أنه كان متيقنًا أن سبب نجاح وفشل أحدهما عائدٌ لذلك، فعلى النقيض كان ديلان ' طموحًا' كما يظن، وكان مستعدًا لفعل أي شيء حتى يحقق حلمه، أما إيان فكان ' بسيطًا' كما يعتقد ولطالما فكر بل وآمن بأن إيان مجرد من الطموحات، فمثلا أمر دخوله للجامعة كان مفاجئًا وصادمًا له إلا أنه لم يأخذ على محمل الجد أبدًا، أعتقد أنه فعلها لامتلاك عائلته وفرة من المال لذا اقترحوا على إيان متابعة دراسته، فمن المستحيل لشخصٍ مثله أن يدلي باقتراحٍ كهذا، إيان الذي يعرفه سيةتفي بعمل بسيط، راتب بسيط، شقة بسيطة، زوجة بسيطة، لن يرتفع سقف طموحاته لاعلى من ذلك، ولكن ديلان لم يأخذ بالاعتبار أن يسمع من إيان شيئًا حول ذلك قط.

توقف عن السير عندما التقطت أذانه صوت دندنة لطفلة صغيرة، وقف يلتفت حوله حتى وقعت عيانه على طفلة لا تكاد تتجاوز الرابعة من عمرها، تجلس في الحقل الذي يقع على يساره تدندن بينما تقطف الزهور، رمقها بلامبالاة ثم فجأة قرر أن يضيع وقته معها بما أنه لا يملك شيئًا آخر لفعله

على أعتاب جلفياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن