الفصل الثالث: جنازة جديدة

23 12 0
                                    

"..وا..والد رو..ز... إنه.. إنه قد فارق الحياة"

كان هذا ما نطق به لساني المرتجف بصوت متقطع و اشبه بالهمس ،لم يكن الوقت المناسب لشرح الامر،انطلقت بسرعة متجاهلة صراخ هنري الذي لم يفهم شيئا...لكنه تبعني.

الا يكفي ما حل لروز ،لما اللعنة ترافق عائلتها بطريقة وحشية ،لم يكن السيد سولوفان الا رجلا عاديا يعمل بكل جد ليعتني بعائلته...فقد ابنته الاولى في حادث...الثانية انتحرت...و الان،و الان هو قد لحقهما...كيف للسيدة سولوفان ان تصبر ،تتحمل كل هذا،و كان الحياة وجهت المسدس على اطار صورتهم لتخترق الرصاصة الزجاج و تحطم شملهم ،لما الطريق إلى الموت يلزمنا انتظار الاعزاء كي تغمض اعينهم فيظهر العداد لقرب اجلنا بطريقة ماساوية ،ليس اعتراضا على القدر ،لكنها نقطة استفهام بالنسبة لي...

   لما يغادرون الحياة بعدما يدخلون قلوبنا و يضعون عليها خيوط التعلق السخيفة تلك ،لما لم يموتوا قبل أن نتعرف عليهم ،او ليبقوا فقط غرباء من فضلكم...

صوت خطوات ركضي هي كل ما اسمع ،لا ارى الا الطريق اليه ،ليس هو ايضا
دخلت عبر البوابة الرئيسية ليقابلني المرضى في كل مكان ،اطباء بمآزرهم هنا بعضهم يركض و الاخر يتحدث ،هنا الارض الفاصلة بين دمعة الفرح و الحزن الابدي ،هنا اما فراق الاحبة او نجاتهم و عودتهم لنا،لكنها ليست حالتي لاني اعرف مصيره ،هو رحل ،انه مع ابنتيه الان
"فرح انتظري!!"صراخ هنري افاقني نظرت اليه بضبابية

"ما الذي..؟"كانت دموعي التي خذلتني كيف هي حالتي حتى قبل أن اراه ممددا بلا حراك ،لا يمكنني مواجهة زوجته و رؤية انكسارها

تقدم نحوي ظل لارفع راسي
"ابي!!"صرخت بعد ان ارتميت في حضنه اجهش بالبكاء ،كتب على حياتي العناء
"فرح ارجوكي ،ليس الان"قالها بينما يحاول منع نفسه من البكاء ،قد فقد للتو اول صديق له في هذه المدينة

التفت لارى أمي متوجهة نحونا و بالكاد كانت خطواتها ثابتة حتى نطقت شفاهها بثقل

"هي تريد ان تنفرد ،تريد أن تبقى معه قبل أن ياخذوه..."

تجمدت مكاني حين سمعت ذاك الصراخ الذي قطع انفاسي ليبدا جميعنا بالركض نحو الصوت ليفاجئنا المشهد امامنا
كانت هي...ساقطة على الارض على ركبتيها ضامة يديها الى صدرها تصرخ و الدموع لا تنفك تنهمر كالشلال

"اعيدوه...ارجوكم...هو لا يريد ان يرحل.."
كانت تلك اللحظة التي رايتها منكسرة بهذا الشكل كأنها تنادي ملك الموت ليلحقها بزوجها ،ماتت ابنتها الاولى فتحطم جزء منها ليحاول السيد سولوفان و روز ترميمه،ماتت روز ليتحمل سولوفان مسؤولية ترميم انكسار اكبر و الان رحل هو،كل ما تبقى رحل ليبقى لا احد، لا شيء...انها مستسلمة تلك المرأة القوية الصامدة في وجه المشاكل ،المتفائلة رغم كل شيء،الان هي احزن مخلوق في العالم ،الان تلاشت الجدران ليظهر الانكسار
"سيدة صوفيا ،ليس انتي.."نطقت تلك الكلمات لاحتضنها بقوة ،اريد اخذ المها و احتوائه داخلي سارضى ان افقد سمعي و بصري حتى لا اعيش هذه اللحظة ،اصبحت خالتي يتيمة العائلة مجددا توفيا والداها و هي صغيرة لتموت عائلتها الجديدة التي سعت جاهدة لحمايتها ،من انا لاقارن عذابي بعذابها ،لم يعد لها احد في هذا العالم ،اصبحت الورقة الوحيدة في الشجرة تنتظر ان تذبل و تلحق برفيقاتها

مذكرة الموتىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن