الفصل 2

77 6 1
                                    

في ظلمة المكان وبرودته تحسست طرف الحبل الذي قد رُبطت به كلتا يداي ، أعيد بي الذكريات إلى ما قد حصل وصداع رأسي ينهشني بإستمرار .

صرير ...
وقع خطوات ...
الضوء يعود من جديد ولكنه ينقطع ...

رفعت رأسي إلى الأعلى على مهل بعدما تحسست وجود شخص بقربي .

اقترب من وجهي أكثر حتى بت أرى لمعة عينيه في وسط الظلام الدامس ، ومن ثم أردف بصوت خفيض يشبه فحيح الأفعى : سيد الفروديت .

شُعلت الأضواء وعاد معها سلام قلبي ، فلا أنا أطيق الظلام ولا هو يليق بي ، قبل أن أفتح عيني قمت بإغماضهما بشدّة خشية أن يكون الخيال واقعا .

- ألن ترد علي ؟
بعد سماع صوته هذا ، أدركت أن شرطي المحطة واقف قبالتي  ، ففتحت عيني وسألته قائلا : إذا ألن تجدك الشرطة هنا ؟
ردّ علي بإستخفاف :  عذرا الشرطة تبحث عنك وليس عني !
- مالذي تريده ؟
-أريد الختم الثامن
-  عن أي ختم تتحدث ؟

حينها سرت شدة أنفاسه في أضلعي حتى كادت تحرقها ، فأجبته ولساني ينعقد من شدة الخوف : صدّقني لست أعرف عن أي ختم تتحدث .

لم يبادرني بالسؤال أم الإجابة ، لم يمنحني ثانية للإعتذار عن شيء لم أقترفه لعلي وبذلك أطلب شفقة منه تحتضني في برد ديسمبر ، إلا وقد حرك أصابعه في السماء معلنا عن جحيم عشته بأم عيني ، وأنا الأعمى الذي قد جاء إلى هنا كي يحفر قبره بيده .

حينها رددت على نفسي والألم يعتصرني أكثر فأكثر ، بينما قد عرفت الدموع طريقها إلى عيناي :

هل هذه تكلفة أن تصير كاتبا ؟

لم أكد أنهي خيالي وأفكاري إلا وقد لطمت بعصا حديدية في جانب الرأس ماكان لها إلا أن تفقدني وعيي مرة أخرى ، وكأن المأساة كانت سابقة لي قبل أن أولد حتى .

**************

في قصر الوريث العاشر انحنى مئة جندي لتأدية التحية بعد دخول الملك ( لورشس) إلى بوابة القصر ، فتحت الأبواب قبل وصوله ، تهلل الجميع رغم التعاسة التي تغمر قلوبهم  وأفردوا بيديهم شعارا واحدا ناحية القلب علامة على الوفاء : مرحبا بالملك .

بخطا حازمة يتقدم إلى الأمام  وسط الحشود ، وجميع النظرات متوجهة للسماء خشية أن تتلاقا الأعين به ، لم تكن محبة أو وفاء أكثر من كونها خوفا و رعبا .

دخل الملك " روشس " إلى قاعة المؤتمرات وقبالته أكثر من عشرة جنود مسلحين وهم في وضع الإستعداد .

بصوت جهوري تحدث : سوف تصلكم الآن التعليمات حول العملية  التي ستقومون بها ، ممنوع الخطأ وممنوع التأخر يجب على " ألفرديت " أن يكون متواجدا هنا في الساعة الحادية عشرة ليلا .

رضخ الحميع للأمر دون أي إستفسار ، إلا أن نطق "لوردي" قائلا : سيادة الملك هل لي بسؤالك ؟
أشار برأسه إليه أن نعم فتحدث قائلا :
   لقد سمعت بأن ألفرديت الذي سوف نجلبه إلى هنا هو نفسه  الوريث الحادي عشر للملكة فهل هذا صحيح ؟

لم يتكلف حتى عناء التنهد حينها ، بإصبعيه الإثنين أشار في الهواء ملوحا لعلامة " القطب " التي يعرفها  جميع الجنود ، وعيناه تطلقان الشرر من مكانهما .

لم يفهم حينها " لوردي " مالذي يحصل ، بل اكتفى بمشاهدة رفاقه الجنود وهم يجرونه إلى زنزانة تقع في باطن الأرض ، صرخ فيهم راجيا باكيا ومستغيثا ، لكن ما من إجابة ! هل ظن في نفسه حتى أن صحبته لهؤلاء الجنود طيلة خمسة أعوام كانت كفيلة بأن يطلقوا سراحه ؟ أو حتى يحزنوا لأجله ولو قليلا ؟ وكأن سكان هذا القصر قد جردوا من مشاعرهم لحظة دخولهم إلى عالم لا رجعة منه .

حينها وُضع " لوردي " في الزنزانة المعتمة التي يتخللها ضياء من النور في إحدى شقق الجدار الرمادي ، وضع يديه حول ركبتيه وضم رأسه إلى الأسفل باكيا ساخطا على حياته التي آلت إلى هنا دون رغبة منه أو محاولة ، فكر في الإنتحار أكثر من مرة وذلك في مضي خمسة دقائق فقط ..
لم يتوقف عن التفكير ورأسه على وشك الإنفجار ، صدى صوت الماء الذي ينهال بسرعة ، الخربشات  التي ترسم على لوح قديم بواسطة عصا حديدية كادت أن تفجر رأسه إلا أن بدأ بالصراخ كالمجنون وسط الزنزانة .

- هل الوقت لوحده كفيل بأن يقتلك ؟

هذا ما فكر فيه الملك " لورشس" حينها  وهو ينظر إليه خلف القضبان الحديدية للزنزانة  .

ليالي ديسمبر Where stories live. Discover now